بكين 18 أكتوبر 2023 (شينخوا) في خريف عام 2013، اقترحت الصين مبادرة الحزام والطريق، الأمر الذي أثار خيال الكثيرين من خلال إحياء روح طريق الحرير القديم الذي يعود تاريخه إلى ألفي عام.
وبعد مرور عشر سنوات، تطورت المبادرة من رؤية إلى واقع من خلال الجهود التعاونية التي بذلتها جميع الدول المشاركة، لتصبح المبادرة منفعة عامة تحظى بتقدير واسع النطاق ومحركا عالميا للنمو الشامل.
فقد واجه الاقتصاد العالمي على مدى العقود القليلة الماضية شمولية غير كافية واختلالات واتساع فجوة التفاوت في الثروة. وبينما قطعت بعض البلدان والمناطق خطوات ملحوظة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، كانت أجزاء أخرى من العالم لا تزال تصارع الفقر المزمن وعدم المساواة والعوائق التنموية.
ومنذ عقد، وبفضل تركيزها القوي على النمو الشامل، قدمت مبادرة الحزام والطريق للعالم حلا عمليا وفي حينه مفعما بالحكمة الصينية لمعالجة تلك التحديات.
وكما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، لا ينبغي لأي بلد أو أمة أن تتخلف عن الركب على الطريق باتجاه رفاه البشرية جمعاء. فجميع البلدان والأمم يحق لها على قدم المساواة الحصول على فرص التنمية وتملك الحقوق في التنمية.
فما هي المبادرة بالضبط؟ اعتبرها طريقا عاما مفتوحا للجميع، وليس طريقا خاصا يملكه طرف واحد. فجميع البلدان المهتمة مرحب بها على متن هذه السفينة للمشاركة وتقاسم فوائدها.
وكما قال شي، ربما تكون مبادرة الحزام والطريق فكرة صينية، ولكن الفرص والنتائج التي ستوفرها ستعود بالنفع على العالم.
وحتى يونيو الماضي، وقعت الصين أكثر من 200 اتفاقية تعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق مع أكثر من 150 دولة و30 منظمة دولية عبر خمس قارات.
وعلى النقيض من حماية المصالح الضيقة لمجموعة من الدول التي تقسم العالم، فإن سعي الصين لتعزيز التعددية عبر مبادرة الحزام والطريق يساعد على خلق عالم متناغم، حسبما قال كوستاس جولياموس، الرئيس السابق للجامعة الأوروبية في قبرص، ذات يوم.
فقد منحت مبادرة الحزام والطريق لعدد أكبر من الدول دورا أكبر في الاقتصاد العالمي.
وفي الفترة من 2013 إلى 2022، بلغت القيمة التراكمية للواردات والصادرات بين الصين والدول الشريكة في مبادرة الحزام والطريق 19.1 تريليون دولار أمريكي، بمتوسط معدل نمو سنوي 6.4 بالمئة.
علاوة على ذلك، تجسد مبادرة الحزام والطريق التنمية العادلة، وتسعى جاهدة لمساعدة البلدان على التغلب على الفقر والدخول في عصر التنمية.
إذا رجعنا إلى الوراء على مدى العقد الماضي، فقد عالجت مبادرة الحزام والطريق المشاكل الكبيرة التي تقيد الاتصال والنمو الاقتصادي في معظم البلدان النامية من خلال بناء البنية التحتية الأساسية للسكك الحديدية والطرق السريعة وخطوط الأنابيب والشحن والطاقة والاتصالات.
ومن خط السكة الحديد بين الصين ولاوس الذي حول لاوس الحبيسة إلى محور موصول برا إلى خط سكة حديد مومباسا-نيروبي في كينيا الذي ساهم بنسبة 2 في المائة في النمو الاقتصادي للدولة الأفريقية، أدت المشاريع الملحوظ أثرها بشكل فعال إلى خفض كلفة مشاركة البلدان في التجارة الدولية، وتعزيز وصولها إلى الاقتصاد العالمي وتحفيز التنمية.
إن الهدف النهائي وراء السعي لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية والرخاء هو تحسين مستويات المعيشة. ولضمان إتاحة فوائد التعاون على أوسع نطاق ممكن، يركز تعاون الحزام والطريق على سلامة الغذاء والتخفيف من حدة الفقر وخلق فرص العمل.
وقد عززت الصين، الدولة التي انتصرت في المعركة التاريخية ضد الفقر المدقع، جهود الحد من الفقر في دول مبادرة الحزام والطريق من خلال التعاون الزراعي والخبرة ونقل التكنولوجيا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التعاون الصناعي وخلق فرص العمل من خلال تعاون الحزام والطريق ساعد على تحسين التوظيف المحلي وتخفيف حدة الفقر. وكشف استطلاع أجرته مؤسسة ماكينزي أن الشركات الصينية في أفريقيا قامت بتعيين 89 بالمائة من موظفيها من المحليين.
مريم جاكي كريمي، شابة تعمل حاليا كمترجمة لمكتب قوانغشي لإنشاءات الطاقة الكهرومائية التابع لمجموعة الصين الدولية للطاقة، التي نفذت مشاريع خاصة بالطرق والسدود في كينيا، تقول لوكالة أنباء ((شينخوا)): "أعترف أن قصتي وأحلامي ما كانت ستكون ذات أهمية، لولا مبادرة الحزام والطريق، التي فتحت الأبواب حقا لمسيرتي المهنية".
فقد أصبحت المبادئ الأساسية لمبادرة الحزام والطريق المتمثلة في "التشاور الموسع والمساهمات المشتركة والمنافع المتبادلة" معترف بها عالميا، حيث أشير إليها في وثائق مهمة تخص المنظمات والهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنتدى التعاون الصيني-الأفريقي.
وباعتبارها مشروعا عالميا طويل الأمد ومنظما وعابرا للحدود الوطنية للقرن الحادي والعشرين، نجحت مبادرة الحزام والطريق في اتخاذ خطوتها الأولى في رحلة طويلة. وانطلاقا من نقطة البداية الجديدة هذه، ستظهر مبادرة الحزام والطريق قدرا أعظم من الإبداع والحيوية، وتصبح أكثر انفتاحا وشمولا، وتولد فرصا جديدة لكل من الصين وبقية العالم.