الخرطوم 15 أكتوبر 2023 (شينخوا) أكملت الحرب المندلعة في السودان اليوم (الأحد) شهرها السادس دون بروز أي ضوء في نفق أسوأ أزمة في البلاد ووسط تحذيرات من الانزلاق إلى آتون حرب أهلية.
ومنذ 15 أبريل الماضي يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معارك بالعاصمة السودانية ومناطق أخرى، ما تسبب في مقتل آلاف المدنيين وتشريد الملايين وتدمير بني تحتية رئيسية، خاصة في الخرطوم، وتدهور الوضع الاقتصادي بالبلاد.
ومع اكتمال نصف عام من الحرب في السودان، لم يتغير واقع التطورات الميدانية بالخرطوم ومدن أخرى من تواصل المواجهات والقصف المتبادل.
فقد وقعت مواجهات عنيفة اليوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة من الخرطوم، وفق شهود عيان.
وقال شاهد عيان من منطقة جنوب الخرطوم لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن منطقة أركويت شهدت قصفا عنيفا اليوم، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص.
كما وقعت مواجهات بمنطقة جبل أولياء بجنوب الخرطوم ومناطق أخرى بشمال مدينة أم درمان، بحسب شهود عيان.
وقال الجيش السوداني علي حسابه في ((فيسبوك)) اليوم إن قوات العمل الخاص التابعة له نفذت اليوم بمدينة أم درمان عمليات نوعية ودمرت أرتالا من قوات الدعم السريع.
في المقابل، اتهم المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع يوسف عزت، قادة النظام السابق واستخبارات الجيش والأمن بتخطيط وتنفيذ ما وصفه بـ"الانقلاب" في 15 أبريل الماضي.
وقال عزت في تغريدة على حسابه في موقع ((اكس)) اليوم "إن الإسلاميين أشعلوا الحرب ظنا منهم أنهم سيهزمون قوات الدعم السريع خلال ساعات".
وبمناسبة مرور نصف عام علي الحرب في السودان، حذر سياسيون سودانيون من أن البلاد مهددة بالانزلاق إلى آتون حرب أهلية إن لم يتم التوصل لتسوية سياسية للصراع العسكري الحالي.
وقال رئيس حزب الأمة القومي بالإنابة وعضو المكتب التنفيذي لتحالف قوى الحرية والتغيير صديق الصادق المهدي في تصريح صحفي "إن استمرار الحرب يهدد بانزلاق البلاد نحو مأساة الحرب الأهلية".
وأضاف المهدي "في حال لم ننجح في التوصل إلى تسوية سياسية للصراع العسكري الحالي فان السودان سيتحول إلى بؤرة ومصدر للكوارث في العالم والإقليم".
ورأى رئيس الحركة الشعبية (التيار الثوري الديمقراطي) والقيادي في الحرية والتغيير ياسر عرمان، أن طرفي القتال في السودان يفتقران إلى رؤية لإدارة الأزمة والتوصل إلى تسوية سياسية.
وقال عرمان في تصريح صحفي اليوم "إن الجيش والدعم السريع لن يقبلا بمطالب بعضهما البعض، وكلاهما سينغمس في البحث عن المزيد من المكاسب التي قد تتحول إلى حرب عرقية مجتمعية".
ودعا عرمان الجهات الفاعلة الوطنية والإقليمية والدولية المناهضة للحرب إلى الدفع نحو سلام إنساني طويل ضد الأعمال العدائية.
وتابع "لابد من إعطاء الأولوية لقضايا وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، بما في ذلك منطقة حظر الطيران ووقف المدفعية، وجميع أنواع القصف على المناطق السكنية المدنية بقرار مشترك من الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي".
ومنذ اندلاع الصراع في السودان قبل ستة أشهر فر حوالي 5.6 مليون شخص من ديارهم في داخل السودان وخارجه، وفق بعثة الأمم المتحدة بالسودان.
وقالت البعثة في بيان صحفي على حسابها في موقع ((اكس)) اليوم (الأحد) "وصل العاملون في المجال الإنساني إلى 3.6 مليون شخص بالمساعدات المنقذة للحياة، غير أن تمويل الاستجابة لم يتعد نسبة 33.5%".
وشملت تأثيرات الحرب السالبة قطاعات حيوية بالسودان، وأبرزها قطاع التعليم بسبب إغلاق المدارس والجامعات.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إنها "تخشى بعد مرور 6 أشهر على أزمة السودان أن يؤدي انقطاع الخدمات الأساسية إلى ضياع مستقبل 24 مليون طفل".
وأضافت المنظمة في بيان صحفي صادر عن مكتبها بالسودان اليوم إن "بعد مرور 6 أشهر على بدء الصراع في السودان هناك 19 مليون طفل في السودان لا يحصلون على التعليم، و14 مليون طفل لا يحصلون على الخدمات الأساسية".
وكشفت المنظمة الأممية عن إغلاق ما لا يقل عن 10400 مدرسة في المناطق المتضررة من النزاع.
وقال ممثل اليونيسف في السودان مانديب أوبراين إن "السودان على وشك أن يصبح موطنا لأسوأ أزمة تعليمية في العالم".
وتابع "تعرض الأطفال لأهوال الحرب، والآن بعد أن أُجبروا على الابتعاد عن فصولهم الدراسية ومعلميهم وأصدقائهم أصبحوا معرضين لخطر الوقوع في الفراغ الذي سيهدد مستقبل جيل كامل"، وفق البيان.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أوجدت الحرب المستمرة نقصا حادا في سلاسل الغذاء وارتفاع أسعار السلع الضرورية.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في بيان اليوم إنه "لا تزال الأعمال العدائية المستمرة منذ ستة أشهر في السودان تهدد أمن الناس الغذائي في جميع أنحاء البلاد".
وأضافت أنها "تعمل على توسيع نطاق دعم سبل العيش الزراعية بشكل كبير لتعزيز إنتاج الغذاء، ومع ذلك فإن التمويل منخفض للغاية".
وكان البنك الدولي قد توقع في أحدث تقرير له أن ينكمش اقتصاد السودان بمقدار 12 في المائة في العام الحالي، وذلك بسبب التداعيات الكبيرة الناجمة عن الحرب التي أوقفت عجلة الإنتاج في العاصمة الخرطوم مركز الثقل الاقتصادي في البلاد.
ووفق تقارير غير رسمية بالسودان، خرجت أكثر من 400 منشأة تعمل في مجال الصناعات الغذائية والدوائية ومختلف المجالات الأخرى في الخرطوم عن الخدمة تماما بعد التخريب الكبير الذي تعرضت له بسبب القتال.
كما تأثرت المشروعات الإنتاجية والزراعية في كافة أنحاء البلاد بسبب نقص التمويل وحالة عدم الاستقرار الإداري.
ووصف مكتب منظمة أطباء بلا حدود بالخرطوم الوضع في السودان بأنه "فشل إنساني كارثي"، قائلا في بيان اليوم "يصادف اليوم مرور ستة أشهر على الحرب الوحشية في السودان، وهذه الأزمة تلخص فشلا إنسانيا كارثيا".
هذا وقد أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان الفريق أول عبدالفتاح البرهان يوم 6 سبتمبر الماضي مرسوما دستوريا بحل قوات الدعم السريع.