بكين 26 سبتمبر 2023 (شينخوا) اجتمع مسؤولون من الصين والاتحاد الأوروبي لأول مرة منذ ظهور كوفيد-19 لإجراء حوار اقتصادي وتجاري رفيع المستوى هنا في بكين يوم الاثنين وتوصلوا إلى مجموعة من " النتائج المربحة للجانبين" بعد محادثات "صريحة وعملية".
وسلط هذا الحوار الضوء على كيفية عمل ثاني أكبر اقتصاد في العالم والكتلة التجارية الأوروبية لرأب الخلافات وتعزيز التعاون وسط انتعاش اقتصادي عالمي بطيء.
والواقع أن الصين وأوروبا أقامتا منذ فترة طويلة رابطة اقتصادية قوية. وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، زاد حجم التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي بنحو تسعة أضعاف. وتضاعفت استثمارات الاتحاد الأوروبي في الصين ثلاث مرات تقريبا، ونمت استثمارات الصين في الاتحاد الأوروبي من صفر إلى 104.4 مليار دولار أمريكي اليوم.
ورغم اتجاه التعافي العالمي البطيء، وصلت التجارة الثنائية بين الصين والاتحاد الأوروبي إلى مستوى قياسي بلغ 847.3 مليار دولار في عام 2022، ما يمثل نموا على أساس سنوي بنسبة 2.4 بالمائة، أي أن ما يزيد عن 1.6 مليون دولار من التجارة تتم بين الجانبين كل دقيقة واحدة في المتوسط.
ووصف برونو غيغي، خبير الشؤون الدولية الفرنسي، الاقتصادين الصيني والأوروبي بأنهما "مترابطان للغاية"، محذرا "إما أن ننجح معا أو نفشل معا". ومن وجهة نظره، فإن البلدين يتقاسمان مستقبلا مشتركا من التعاون متبادل النفع في مجالات يمكن أن يستفيد كل منهما بخبرة الآخر.
وقدما، يمكن "للتعاون متبادل النفع" أن يحقق عوائد، خاصة وأن الاقتصاد الأوروبي يجد نفسه مثقلا على نحو متزايد بفعل ارتفاع التضخم وضعف الطلب. وخفضت المفوضية الأوروبية مؤخرا توقعاتها للنمو الاقتصادي للاتحاد الأوروبي في عام 2023 من 1 بالمائة إلى 0.8 بالمائة، ومن 1.7 بالمائة إلى 1.4 بالمائة في عام 2024 .
وهنا يأتي دور السوق الصينية بينما تسعى الشركات الأوروبية إلى توسيع وجودها في السوق الرائدة في العالم.
وفي أبريل، أعلنت شركة فولكس فاغن الألمانية عن خطة استثمارية بقيمة مليار يورو (حوالي 1.05 مليار دولار) في الصين لإنشاء مركز بحث وتطوير للسيارات الكهربائية الذكية المتصلة. وقد أنشأت مجموعة دانوبات الإسبانية، الشركة المصنعة لآلات الطحن، سادس أكبر مركز خبرة لها في شانغهاي هذا العام، مما أدى إلى تسريع عملية توطينها في الصين. ولخدمة السوق الصينية، ضخت مجموعة بوش، وهي شركة ألمانية لتوريد السيارات، أيضا استثمارات كبيرة لبناء قاعدة أبحاث للسيارات الكهربائية والقيادة الذاتية في مدينة سوتشو الصينية.
ومن الواضح ومن أجل استكشاف أسواق جديدة، فإن عددا متزايدا من شركات الاتحاد الأوروبي "تصوت بأقدامها". ومع انفتاح الصين على نطاق أوسع مع تحسن بيئة الأعمال، فسوف ينضم المزيد إلى العربة. وكشف استطلاع للرأي أجري مؤخرا بتكليف من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن وجهة النظر القائلة بأن الصين "شريك ضروري" لأوروبا سائدة في كل دولة شملها الاستطلاع تقريبا.
لكن لا يجب إغفال التحديات المقبلة. فقبل أسبوعين، أعلن الاتحاد الأوروبي عن إجراء تحقيق لمكافحة الدعم فيما يتعلق بواردات السيارات الكهربائية الصينية، وهو إجراء حمائي بطبيعته.
وستنعكس مثل هذه الإجراءات على قطاع السيارات الكهربائية الأوروبي المتخلف مقارنة بنظيره في الصين. وقد أعرب المراقبون الأوروبيون بالفعل عن قلقهم.
وحول هذا التحقيق، قال فرديناند دودنهوفر، مدير مركز كار لأبحاث السيارات في دويسبورغ بألمانيا، "هناك خطر كبير للغاية... نحن بحاجة إلى التعاون مع الصين، وليس إلى حرب تجارية. سيكون ذلك سيناريو سيئا بالنسبة لألمانيا، وستخسر ألمانيا الكثير".
وبدلا من تقليص ما يسمى "الاعتماد" على الصين بشكل منهجي، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يستمر في مساره كما أدعي بأنه لا ينوي "إزالة المخاطر". وما دام الجانبان مستمرين في إدارة خلافاتهما من خلال الحوار والتشاور، فمن الممكن الحفاظ على بيئة سوق عادلة وغير تمييزية وقابلة للتنبؤ.
وفي أعقاب المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي فالديس دومبروفسكيس، الذي ترأس للتو مع مسؤولين صينيين الحوار الاقتصادي والتجاري العاشر رفيع المستوى يوم الاثنين، أفادت تقارير بأن مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي كادري سيمسون وكبير الدبلوماسيين جوزيب بوريل سيزوران الصين في المستقبل القريب.
وتعد التبادلات المتزايدة شهادة قوية على المصالح المشتركة الواسعة بين الجانبين وحقيقة أن التعاون يظل التيار السائد في العلاقات الثنائية. وكلما كانت كعكة التعاون بين الصين وأوروبا أكبر، كلما أصبحت أعمالهما وشعوبهما أكثر حيوية، وتسارع تعافي الاقتصاد العالمي.