وصل وفد إسرائيلي يقوده مدير هيئة الآثار الإسرائيلية إيلي إسكوزيدو ويضم دبلوماسيين إسرائيليين إلى المملكة العربية السعودية مؤخرا، لحضور مؤتمر الأمم المتحدة للتراث العالمي. وهي أول زيارة علنية لوفد رسمي إسرائيلي إلى المملكة العربية السعودية منذ سنوات.
وكان وفد دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى قد زار الولايات المتحدة مؤخرًا للتفاوض حول الخطوط العريضة لاتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. كما أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مكالمات هاتفية مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين على التوالي لمناقشة القضايا المتعلقة باتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. فيما أجرى كل من منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي بريت ماكغورك، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف زيارة إلى المملكة العربية السعودية للتواصل مع جهات سعودية وفلسطينية.
ويشير خبراء إلى أن الولايات المتحدة قد ضاعفت جهود الوساطة في الشرق الأوسط خلال الفترة الأخيرة، لدفع عملية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. كما علّق وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، قائلا بأن بلاده باتت "أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق سلام مع السعودية.
يعد تطبيع العلاقات مع المزيد من الدول العربية وتحسين البيئة الإقليمية في الشرق الأوسط، هدفا استراتيجيا للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. حيث نجحت إسرائيل في تطبيع علاقاتها مع مصر والأردن في سبعينات وتسعينات القرن الماضي. ومنذ عام 2020، قامت إسرائيل بتطبيع علاقاتها مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب. فيما تعد السعودية الهدف القادم لجهود التطبيع التي تبذلها الحكومة الإسرائيلية.
في هذا الصدد، يرى سون ده قانغ، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان إن الحكومة الإسرائيلية ترغب في تحقيق نجاحات دبلوماسية للتغطية على إخفاقات السياسة الداخلية. سيما بعد الأزمة السياسية التي أثارتها قضية الإصلاح القضائي، وأضرّت بشعبية حكومة نتنياهو.
قبل ذلك، استأنفت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، بعد الوساطة التي قامت بها الصين بين البلدين. ورأى سون ده قانغ بأن المصالحة السعودية الإيرانية، قد أضعفت "التحالف المناهض لإيران". مما دفع إسرائيل والولايات المتحدة إلى تعزيز التعاون العملي مع المملكة العربية السعودية، لتجنب مزيدا من التقارب بين السعودية وإيران.
وبحسب تقارير، توجد اعتبارات سياسية وجيواستراتيجية أخرى أيضا، لجهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة من أجل تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية. حيث ذكر مقال لموقع وكالة بلومبيرغ، أن إدارة بايدن ترى بأن تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، يمكن أن يساعد في الحفاظ على مكانة الولايات المتحدة المهمة في المنطقة، كما يمكّن أن يمنع اندلاع صراعات عربية إسرائيلة مستقبلية، إلى جانب زيادة الضغوط المسلّطة على إيران.
وقال سون ده قانغ، إن الولايات المتحدة تعمل جاهدة من أجل التقريب بين حلفائها في الشرق الأوسط، سيما بعد التقلّبات التي حدثت في علاقاتها مع كل من المملكة العربية وإسرائيل. ولذلك، فإن تحقيق تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، سيكون بمثابة إنجاز بالنسبة للولايات المتحدة في ظل إتجاه تطور الأحداث غير المواتي بالنسبة لها في الشرق الأوسط. كما سيمثل انتصارا دبلوماسيا لإدارة بايدن في سباق انتخابات العام المقبل.
منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران في مارس من هذا العام، شهدت منطقة الشرق الأوسط موجة مصالحة. وأخذت المنطقة في الخروج من حقبة سادتها الحروب والصراعات نحو شرق أوسط يسوده السلام والتنمية. وفي ظل النظام العالمي متعدد الأقطاب، باتت دول الشرق الأوسط تعمل على تعزيز استقلالها الإستراتيجي وتنويع شراكاتها الدولية. لكن سون ده قانغ يرى بأن عقبات كثيرة لاتزال تحول أمام تطبيع العلاقات الدبلوماسية السعودية الإسرائيلية، أبرزها القضية الفلسطينية. إذ ذكرت وكالة فرانس برس، بأن السعودية قد أعربت عن عدم استعدادها للتطبيع مع إسرائيل إذا لم يتم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية على مبدأ "حل الدولتين".
ويعتقد سون ده قانغ أن تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية يحتاج أولا إلى تشكيل توافق في الآراء بين البلدين، وثانيا إلى التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية. كما يحتاج إلى تشكيل إطار وآلية للتعاون العملي بين البلدين، لتحقيق تكامل بين الجانبين في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتمويل.