جوهانسبرج 25 أغسطس 2023 (شينخوا) ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة أمام حوار قادة الصين وإفريقيا يوم الخميس.
وفيما يلي النص الكامل لتصريحات شي:
"التكاتف للنهوض بالتحديث وخلق مستقبل عظيم للصين وإفريقيا"
كلمة رئيسية يلقيها فخامة الرئيس شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، في حوار قادة الصين وإفريقيا، في جوهانسبرج يوم 24 أغسطس 2023.
فخامة الرئيس ماتاميلا سيريل رامافوزا،
أصحاب الفخامة رؤساء الدول،
أيها الرفاق،
إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أشارك الرئيس رامافوزا رئاسة حوار قادة الصين وإفريقيا. أشعر بدفء خاص لرؤية أصدقائي الأفارقة وجها لوجه بعد خمس سنوات، للاحتفال بصداقتنا ورسم الطريق الذي سيمضي فيه تعاوننا إلى الأمام. وأود أن أشكر جميع الرفاق على حضورهم الحوار، وأن أبعث بتحيات صادقة إلى قادة البلدان الإفريقية الأخرى الذين ليسوا معنا اليوم.
إفريقيا أرض خصبة مفعمة بالأمل في القرن الـ 21. هذه هي زيارتي العاشرة إلى القارة. وفي كل مرة، أشعر بالتنمية والتغيرات الجديدة في إفريقيا. وإذ تحتفل منظمة الوحدة الإفريقية بالذكرى السنوية الـ 60 لإنشائها العام الجاري، أود أن أعبر لكم جميعا وللشعوب الإفريقية عن تهانيّ الحارة.
على مدى السنوات الـ60 الماضية، وتحت راية الوحدة الإفريقية، خطت البلدان الإفريقية خطوات كبيرة على طريق الاستقلال، سعياً وراء القوة من خلال الوحدة والتكامل. لقد أظهرتم قوة إفريقيا في النضال من أجل دعم التعددية والمصالح المشتركة للبلدان النامية. ومع التقدم المطرد في إطار أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، والإطلاق الرسمي لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتنسيق المتزايد بين المجموعات دون الإقليمية، تصبح إفريقيا الآن قطبًا مهمًا له تأثير عالمي.
في عام 2013 بعد أن أصبحت رئيسا للصين، كنت هنا في إفريقيا في أول زيارة خارجية لي وأعلنت مبدأ الإخلاص والنتائج الحقيقية والصداقة وحسن النية باعتباره ركيزة لسياسة الصين تجاه إفريقيا. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، ظلت الصين ملتزمة بهذا المبدأ. جنبا إلى جنب مع أصدقائنا الأفارقة ونحن نستمد القوة من روح الصداقة والتعاون بين الصين وإفريقيا، مضينا قدما على طريق التضامن والتعاون، ودافعنا عن العدالة وسط ديناميات عالمية متغيرة، واعتنينا ببعضنا البعض في مواجهة جائحة كوفيد-19. لقد ارتقينا بالعلاقات الصينية-الإفريقية إلى آفاق جديدة ودخلنا المرحلة الجديدة المتمثلة في العمل معا لبناء مجتمع مصير مشترك صيني-إفريقي رفيع المستوى.
أيها الرفاق،
تمضي الصين في سعيها نحو تحقيق الهدف المئوي الثاني المتمثل في بناء نفسها لتصبح بلدا اشتراكيا حديثا عظيما على نحو شامل، ينعم بالازدهار والقوة والديمقراطية والتقدم الثقافي والتناغم والجمال عندما تحتفل جمهورية الصين الشعبية بالذكرى المئوية لتأسيسها. نسعى لتحقيق التجديد العظيم لشباب الأمة الصينية على جميع الجبهات من خلال مسار تحديث صيني النمط. وتتحرك إفريقيا بسرعة متزايدة نحو الآفاق المشرقة التي تم وضع تصور لها في أجندة 2063، وتبذل جهودا شاملة لبناء إفريقيا جديدة تتمتع بالسلام والوحدة والازدهار والقوة. ويجب أن تعمل الصين وإفريقيا معا لتهيئة بيئة سليمة لتحقيق الرؤية الإنمائية الخاصة بكل منا.
العمل معا من أجل تعزيز نظام دولي عادل ومنصف. يتعين علينا أن نمضي قدما بروح التماسك في أوقات الشدائد، ونمارس التعددية الحقيقية، ونعارض بشكل قاطع آثار الاستعمار والهيمنة بجميع أشكالهما. ويجب أن ندعم بعضنا بعضا بقوة في الدفاع عن المصالح الأساسية، ونقف بقوة إلى جانب النداءات العادلة للبلدان النامية، ونعمل من أجل نظام دولي أكثر عدلا وإنصافا.
العمل معا لحماية بيئة عالمية سلمية وآمنة. تعمل إفريقيا بلا كلل من أجل تحقيق هدف إسكات البنادق. والصين مستعدة للعمل مع إفريقيا لتنفيذ الرؤية الجديدة المتمثلة في الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، والدعوة إلى حل الخلافات والنزاعات عبر الحوار والتعاون، وتيسير التسوية السياسية للقضايا الساخنة الدولية والإقليمية، وحماية السلام والاستقرار العالميين. ويجب علينا أن ندعم التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، وأن نحمي أمن البيئة الإيكولوجية العالمية.
العمل معا لبناء اقتصاد عالمي مفتوح وشامل. ما نحتاجه هو إزالة الحواجز بدلاً من إقامة الأسوار، والانفتاح بدلاً من الانغلاق. يجب علينا إجراء مشاورات مكثفة وتقديم مساهمة مشتركة من أجل تحقيق المصلحة المشتركة، ورفض نهج الفائز يأخذ كل شيء، وبناء اقتصاد عالمي مفتوح تشارك فيه البلدان النامية بشكل أفضل في التقسيم الدولي للعمل وتتقاسم ثمار العولمة الاقتصادية. ويتعين علينا التغلب على التنافر بين الحضارات من خلال التبادلات، وتعزيز الشمول والتعلم المتبادل بين الحضارات، وتقديم إسهامات جديدة في التقدم الإنساني.
أيها الرفاق،
هناك مسارات مختلفة يتحقق من خلالها التحديث. الشعوب الإفريقية لها القول الفصل بشأن المسار الذي يناسب إفريقيا على النحو الأمثل. إن النهوض بالتحديث من خلال التكامل هو الخيار المستقل الذي اتخذته البلدان والشعوب الإفريقية. وعلى مسار التحديث هذا، كانت الصين طوال الوقت داعما قويًا، وتسير جنبا إلى جنب مع إفريقيا. على مر السنين، ساعدت الصين إفريقيا في بناء قدر كبير من البنية التحتية للارتباطية، وأجرت تعاونا مكثفا مع الاتحاد الإفريقي والمنظمات دون الإقليمية، وساعدت في تشييد العديد من المشاريع البارزة لصالح قارة إفريقيا كلها، منها مركز مؤتمرات الاتحاد الإفريقي والمركز الإفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.
واستشرافا للمستقبل، ستعمل الصين مع إفريقيا لتعزيز تضافر استراتيجياتنا الإنمائية. من خلال تعاون الحزام والطريق ومنتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك)، وفي ضوء أجندة 2063، ستكثف الصين الحوار والتواصل مع إفريقيا على مختلف المستويات، وستدعم الهيئات الإفريقية المعنية بالتكامل، منها أمانة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، ونظام المدفوعات والتسوية لوحدة إفريقيا، والاتحاد الإفريقي للبث الإذاعي، من بين هيئات أخرى، في إنشاء آليات تعاون مع الصين.
وستواصل الصين دعم إفريقيا في التحدث بصوت واحد بشأن الشؤون الدولية وفي الارتقاء المستمر بمكانتها الدولية. وستعمل الصين بنشاط في قمة مجموعة الـ 20 المقررة الشهر المقبل لدعم العضوية الكاملة للاتحاد الإفريقي في المجموعة. وتدعم الصين اتخاذ ترتيبات خاصة بشأن إصلاح مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لتلبية تطلعات إفريقيا كأولوية. وستدعو الصين المؤسسات المالية متعددة الأطراف إلى تعزيز تعبير البلدان الإفريقية عن آرائها.
ولرسم مسار تعاوننا العملي في المرحلة المقبلة ومساعدة إفريقيا على تحقيق تكاملها وتحديثها في مسار سريع، أود أن أقدم المقترحات الثلاثة التالية:
ستطلق الصين "مبادرة دعم التصنيع في إفريقيا". تعتزم الصين تحسين تسخير مواردها للتعاون مع إفريقيا واستغلال مبادرة الشركات لدعم إفريقيا في تنمية قطاعها التصنيعي وتحقيق التصنيع والتنوع الاقتصادي. وفي تنفيذ البرامج التسعة في إطار منتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك)، ستوجه الصين المزيد من موارد المساعدة والاستثمار والتمويل نحو برامج التصنيع.
وستطلق الصين "خطة الصين لدعم التحديث الزراعي في إفريقيا". تعتزم الصين مساعدة إفريقيا في توسيع زراعة الحبوب، وتشجيع الشركات الصينية على زيادة الاستثمار الزراعي في إفريقيا، وتعزيز التعاون مع إفريقيا في مجال البذور وغيره من مجالات التكنولوجيا الزراعية، لدعم إفريقيا في تحول قطاعها الزراعي والارتقاء به. وستستضيف الصين الدورة الثانية من منتدى التعاون الصيني-الإفريقي في مجال الزراعة، في هاينان في نوفمبر المقبل.
ولمساعدة إفريقيا على معالجة الأزمة الغذائية الحالية، ستقدم الصين مساعدات غذائية طارئة إضافية إلى البلدان الإفريقية المحتاجة. والأهم من ذلك أن الصين تثق في أن إفريقيا ستحقق الاكتفاء الذاتي الغذائي من خلال جهودها الخاصة.
ستطلق الصين "خطة التعاون الصيني-الإفريقي في تنمية المواهب"، حيث تخطط لتدريب 500 من مديري الكليات المهنية الإفريقية ومعلميها ذوي الكفاءات العالية، وتعليم 10 آلاف موظف فني من إفريقيا اللغة الصينية والمهارات المهنية، كل عام. وستدعو الصين 20 ألف مسؤول حكومي وفني من البلدان الإفريقية للمشاركة في ورش العمل والحلقات الدراسية. ولدعم إفريقيا في تعزيز التعليم والابتكار، سنُطلق خطة التعاون بين مئة جامعة في الصين وإفريقيا، و10 برامج تبادل تجريبية للمعاهد الشريكة الصينية-الإفريقية.
أيها الرفاق،
يمر العالم اليوم بتحول واضطراب، ويشهد تغيرات لم نراها خلال قرن من الزمان بوتيرة أسرع. وفي هذه المرحلة من التاريخ، نواجه جميعا مهام كيفية علاج العجز في التنمية، والتغلب على التحديات الأمنية، وتعزيز التعلم المتبادل بين الحضارات. وفي ضوء ذلك، طرحتُ مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، ودعوت إلى السلام والتنمية والتعاون والمنفعة المتبادلة، ودعوت إلى بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. وقد حظيت هذه المقترحات بتأييد واسع النطاق من البلدان الإفريقية. إن الصين وإفريقيا، من خلال استكشافاتنا الإبداعية للتحديث، تقدمان إجاباتنا على أسئلة عصرنا، وتبذلان جهودا مشتركة لتعزيز المساعي الكبيرة للتعاون متبادل الربح، والتعايش المتناغم، والازدهار المشترك للحضارات.
ستستضيف الصين في العام المقبل اجتماع منتدى فوكاك، حيث نتطلع إلى أن نجتمع مرة أخرى ونضع خططا جديدة لتنميتنا. إنه تجمع كبير يتطلع إليه الجانبان. إنني أثق في أن الصين وإفريقيا سوف تمضيان قدما في الصداقة التقليدية، وتعززان التضامن والتنسيق، وتعززان تعاوننا في جميع المجالات. وإذ نتكاتف من أجل النهوض بالتحديث، سنحقق مستقبلا أفضل للشعب الصيني والشعوب الإفريقية، ونقدم نموذجا جيدا في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
شكرا لكم.