بقلم: بيار الخوري
يعود تاريخ التجارة بين العرب والصين إلى أكثر من ألفي عام، لتكون الصين وجهة تجارية هامة للعالم العربي منذ تأسيس الخلافة الإسلامية. ففي ذلك الوقت، تواجدت العديد من السلع الصينية في العالم العربي، بما في ذلك الحرير والخزف والفخار. كما تم تصدير العديد من السلع العربية إلى الصين، بما يشمل العطور واللبان والعود.
وفي السنوات الأخيرة، شهد التجارة الثنائية نموا ملحوظا، حيث أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للعالم العربي، لتكون أكبر سوق لصادراته، ومصدر هام لوارداته.
وفي عام 2013، أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق لتعزيز الترابط والتنمية المشتركة. ومن المتوقع أيضا أن يكون لمثل هذه المبادرات تأثيرا كبيرا على العلاقات المستقبلية بين الصين والدول العربية.
وقد مهدت الاجتماعات رفيعة المستوى التي انعقدت بين الصين والدول العربية، ولاسيما تلك المنعقدة في السعودية ومصر، وهما من أكثر الدول المؤثرة في العالم العربي، الطريق لعدة اتفاقات معنية بتعزيز التعاون متعدد الأطراف في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والتجارة والطاقة والبيئة.
ولا يزال هناك المزيد من الفرص المتعلقة بالتبادل الثقافي بين الجانبين. وعلى الرغم من ذلك، فإن تحقيقها يتطلب إجماعا سياسيا شاملا من الدول العربية فيما يخص سياسة التنمية.
هناك العديد من الفرص المتاحة للتعاون الثنائي، بما يشمل التجارة والطاقة. فمن خلال التجارة، يمكن أن تلعب الصين دورا أساسيا في تنمية الاقتصادات العربية. ومن خلال التعاون في مجال الطاقة، يمكن أن تساعد الصين الدول العربية في تنويع مصادر طاقتها، وهي خطوة رئيسية نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون التزام الصين بحل عادل للقضية الفلسطينية فرصة للعالم العربي، حيث يمكنها التوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك تقديم المساعدات المالية والاقتصادية للفلسطينيين في الوقت الحالي وبعد الاستقلال.
وباعتباره منصة تجمع الصين والدول العربية لمناقشة التعاون الاقتصادي، فإن منتدى التعاون الصيني-العربي يمكن أن يساعد في تعزيز التجارة والاستثمار بين الجانبين. إن العالم العربي موطن لعدد كبير ومتزايد من السكان، مع وصول ناتجه المحلي الإجمالي إلى أكثر من 3 تريليون دولار أمريكي. وبالتالي، يعد سوقا هاما للسلع والخدمات الصينية.
وتجدر الإشارة إلى أن العالم العربي منطقة غنية بموارد طبيعية، بما يشمل النفط والغاز والمعادن. ومن خلال مبادرة الحزام والطريق، يمكن للجانبين تعزيز التجارة والاستفادة بشكل متبادل من المزيد من الاستثمارات الصينية في العالم العربي، بما في ذلك مشاريع البنية والتصنيع والطاقة.
وفي غضون ذلك، يجب أن يتوخى الجانبان الحذر من المخاطر والتهديدات التي تواجهها علاقاتهما، ولاسيما التدخل الأمريكي، الذي يمكن أن يعرقل التعاون الصيني العربي. ويجب أيضا على الجانبان لعب دور هام في التوصل إلى حل سريع للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي إذا لم يتم حله، سيؤثر على الاستثمارات الدولية ويحد من إمكانات المنطقة.
تتمتع العلاقات الصينية العربية بإمكانات كبيرة للنمو والازدهار. فيمكن للجانبين العمل على تعزيز التعاون في مختلف المجالات والعمل معا على بناء مستقبل أكثر سلاما وازدهارا للشرق الأوسط.
ملاحظة: بيار الخوري، اقتصادي وأستاذ الاقتصاد والمالية في جامعة بيروت العربية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة موقف وكالة أنباء ((شينخوا)).