رام الله 24 يوليو 2023 (شينخوا) يرى مراقبون فلسطينيون أن زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى أنقرة بدعوة رسمية تسعى لمراكمة حشد الحلفاء للقضية الفلسطينية ودعم تدويلها لاستئناف عملية السلام المتوقفة مع إسرائيل منذ أعوام.
وتعد تركيا من الحلفاء التاريخيين للقضية الفلسطينية، لكنها اكتسبت المزيد من الزخم الدبلوماسي حديثا في ظل وساطتها بملف الحرب الروسية الأوكرانية، وإعادة علاقاتها مع إسرائيل.
ويبدأ عباس زيارة رسمية إلى أنقرة غدا (الثلاثاء) للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكبار المسئولين في البلاد، علما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان مقررا أن يزور تركيا نهاية الشهر قبل أن يتم إرجائها بسبب خضوعه لعملية في القلب.
ويقول مراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن زيارة عباس إلى أنقرة من شأنها تدويل القضية الفلسطينية وحشد الدعم الدولي للحفاظ على خيار حل الدولتين الذي يشتكي مسئولون فلسطينيون من تعرض للتقويض بفعل سياسات إسرائيل خاصة الاستيطان.
ويبرز هؤلاء أهمية الزيارة في ظل توجه أردوغان لإعادة ترتيب علاقات بلاده إقليميا ودوليا بعد أسابيع من إعادة انتخابه لفترة ولاية ثالثة وفتح قنوات اتصال مع دول المنطقة.
وصرح السفير الفلسطيني لدى تركيا فايد مصطفى بأن زيارة عباس إلى أنقرة "تكتسب أهمية كبيرة في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من مسيرة القضية الفلسطينية على ضوء التطورات المحلية والإقليمية والدولية".
وقال مصطفى للإذاعة الفلسطينية الرسمية إن الزيارة تأتي في ظل تزايد وتيرة "الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني وتنصل الحكومة الإسرائيلية الحالية من كافة الاتفاقيات والأسس التي أقيمت عليها عملية السلام".
وأضاف أن تركيا دولة إقليمية كبرى مهمة وهي راغبة في لعب دور أكبر في الملف الفلسطيني وبذل جهد في دعمها دوليا، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية "تحظى بأولوية وهي محل إجماع بين مختلف الأحزاب التركية".
تدويل القضية الفلسطينية
يقول المحلل السياسي من رام الله هيثم ضراغمة إن زيارة عباس إلى أنقرة تأتي في ظل فراغ سياسي على صعيد عملية السلام وتصاعد وتيرة ممارسات الحكومة الإسرائيلية المكونة من ائتلاف أحزاب اليمين المتشدد.
ويضيف ضراغمة أن زيارة تركيا تأتي في إطار استراتيجية عباس الذي زار الصين الشهر الماضي، من أجل تدويل القضية الفلسطينية وفرضها من جديد كقضية أولى في المحافل الدولية كافة.
ويرى أن القيادة الفلسطينية تبحث عن علاقات ضاغطة على إسرائيل لوقف ممارساتها وإجراءاتها خاصة الاستيطان "الذي يدمر حل الدولتين" ويقضي على ما تبقي من فرص لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وتشهد الأراضي الفلسطينية موجة توتر غير مسبوقة منذ سنوات قتل على إثرها منذ بداية العام الجاري أكثر من 200 فلسطيني فيما قتل 26 إسرائيليا، بحسب إحصائيات فلسطينية وإسرائيلية رسمية.
تركيا تتجه لإعادة ترتيب علاقاتها
يبرز المحلل السياسي مازن شامية أن دعوة عباس لزيارة تركيا تأتي ضمن نهج أردوغان بعد إعادة انتخابه لإعادة ترتيب علاقات بلاده على الصعيد الإقليمي وكسب المزيد من الدور السياسي.
ويقول شامية إن القضية الفلسطينية تحظى باهتمام تركيا التي تسعى لدور أكبر علي صعيد عملية السلام المتوقفة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ عام 2014، إلا أن ذلك يبقى مرهون بالموقف الأمريكي.
ويضيف أن واشنطن "لا تسمح لأي جهة" بالدخول في ملف عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية كونها المتحكم والمسيطر الوحيد فيه ولذلك قد يكون لتركيا تحركا محدودا من خلال عقد لقاءات منفصلة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
ويرى شامية أن دعوة كل من عباس ونتنياهو لزيارة أنقرة تأتي في إطار التوازن وإرسال رسائل داخلية وخارجية مفادها بأن تركيا تتحرك مع طرفي النزاع وتلعب دورا دبلوماسيا لاستئناف مفاوضات تفضي لحل سياسي.
وشهدت علاقات تركيا وإسرائيل توترا على مدار أعوام قبل أن يتم الإعلان في أغسطس 2022 عن اتفاق ثنائي لاستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين، وعودة تعيين السفراء بشكل متبادل.
العلاقات الفلسطينية التركية
يبرز أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض أن العلاقات الفلسطينية التركية طويلة الأمد سواء مع السلطة الفلسطينية أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة منذ صيف 2007.
ويعتبر عوض أن زيارة عباس إلى أنقرة تحمل في طياتها عدة أسباب، منها حشد الدعم لتحرك دولي لعملية سياسية يمكن أن تساهم فيها تركيا إيجابا.
ويشير إلى أن تركيا دعت كل من عباس ونتنياهو لزيارة أنقرة لبحث عدة ملفات في مقدمتها مناقشة رؤية دولية جديدة تتعلق بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتحظى بدعم أمريكي وأطراف دولية وعربية.
ويرى أن أنقرة تتحرك كذلك على صعيد العلاقات الفلسطينية الداخلية عشية استضافة مصر اجتماعا للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في الثلاثين من الشهر الجاري.
وبالنسبة إلى عوض فإن تركيا قادرة على ممارسة ضغوطا على مختلف الأطراف الفلسطينية كونها على علاقة قوية مع الجميع من أجل إنجاح اجتماع القاهرة والتوصل إلى صيغة تنهي حالة الانقسام الداخلي المستمر منذ 16 عاما.
ويعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي منذ منتصف العام 2007 إثر سيطرة حركة حماس على الأوضاع في القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة بالقوة، فيما فشلت عدة تفاهمات في تحقيق المصالحة حتى الآن.