الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

مقالة: مصر ومجموعة البريكس، شراكة أقوى لمستقبل أفضل

بقلم/ حسن رجب، أستاذ الدراسات الصينية ومدير معهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس

تأسس تجمع "بريكسBRICS" عام 2006 من قبل الصين وروسيا والبرازيل والهند وانضمت إليه جنوب إفريقيا عام 2010.

ونجح تكتل "بريكس" فى تحقيق العديد من أهدافه منذ نشأته، حيث زاد إسهام دول التجمع فى نمو الاقتصاد العالمي، كما أصبح للمجموعة صوت مسموع في المؤسسات المالية الدولية وصندوق النقد الدولي، ويساعد في التنسيق بين دول المجموعة في الأمم المتحدة ومجموعة العشرين على دعم دور الدول النامية في هذه المحافل.

وتسعى مجموعة "بريكس" جاهدة لتأسيس مرحلة جديدة من التعاون بين الدول النامية ذات الاقتصادات الناشئة لمواجهة شبح الركود الاقتصادي والإجراءات الحمائية التي تشكل تهديدا بالغًا لحرية التجارة والنمو الاقتصادي العالمي وإعادة رسم خريطة ميزان القوى الاقتصادية في العالم.

حيث يشكل تجمع "بريكس" الذي يتخذ من مدينة "شنغهاي" الصينية مقرًا له قوة اقتصادية وسياسية هائلة، ويبلغ إجمالي عدد سكان دوله الخمس نحو 2.8 مليار نسمة يمثلون أكثر من 40 % من سكان العالم، ويمتلك نحو 22.5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 40 %من حجم إنتاج الطاقة العالمي، وأكثر من 16 % من حجم التبادل التجاري العالمي، كما يستأثر بنصف الاحتياطي العالمي من العملات الأجنبية والذهب ويستحوذ على نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة على المستوى العالمي.

دفعت طموحات وأهداف تجمع "البريكس" الهائلة الصين للتفكير فى توسيع المجموعة مستقبلاً وضم المزيد من الدول النامية إليها وإنشاء "بريكس- بلس". فكانت الصين حريصة دائماً على توجيه الدعوة لمصر في العديد من المؤتمرات التي ترأسها أو تستضيفها للمشاركة سواء على المستوى الرئاسي أو الوزاري وأيضاً على مستوى الخبراء وكبار المسؤولين.

وهذا يرجع إلى المستوى غير المسبوق من التقارب الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة خصوصًا بعد التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2014 بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي وشى جين بينغ.

كما تُقدر الصين أهمية مصر كدولة محورية في إفريقيا والشرق الأوسط خاصة مع وجود قناة السويس ذات الأهمية الكبيرة للتجارة العالمية وأهميتها أيضاً بالنسبة لمبادرة الحزام والطريق التي رحبت مصر بالانضمام إليها منذ طرح فكرتها.

حيث قام الرئيس شى جين بينغ بدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لحضور اجتماع قادة قمة "بريكس" التى انعقدت في مدينة "شيامن" الصينية في سبتمبر 2017 نحو بناء منصة أوسع للتعاون المفتوح وخلق وضع جديد للتنمية المشتركة بين أسواق الدول الناشئة والنامية.

كما شارك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي - للمرة الثانية-فى يونيو 2022 عبر الفيديو كونفرانس في جلسة الحوار رفيعة المستوى للتنمية العالمية بقمة "بريكس" وذلك بدعوة كريمة من الرئيس الصيني شى جين بينغ تأكيدًا على مكانة مصر الاقتصادية والسياسية الكبيرة وانعكاسًا لمتانة الروابط بين مصر والصين في مختلف المجالات وكذلك علاقات الصداقة الوطيدة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الصينى شى جين بينغ.

ويأتي حرص مصر على الانضمام إلى مجموعة "بريكس" إلى إصلاح الاقتصاد العالمي وجعله أكثر عدالة في ظل التقلبات والأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم خصوصًا بعد الأزمة الروسية-الأوكرانية والاعتماد في التبادل التجاري بين دول المجموعة على منظومة نقدية جديدة تضم عملات مثل اليوان الصينى والروبل الروسى.

مما سيخفف الضغط على الدولار الأمريكى الذي يشهد ارتفاعًا غير مسبوق ومع مرور الوقت تستطيع دول المجموعة ومن بينها مصر أن تعزز من سعر صرف عملتها المحلية "الجنيه المصري" وتخفيف الضغط على العملة الأجنبية مما يسهل عمليات الاستثمار سواء المباشرة أو غير المباشرة وزيادة الاحتياطي النقدي.

حيث تهتم مصر بوضع الأسس القوية للنمو الاقتصادي مثل مشروعات البنية التحتية التي تتعاون فيها مع الجانب الصيني بشكل واضح وتعمل على زيادة مصادر الدخل الحالية مثل قناة السويس والسياحة وخلق مصادر جديدة من خلال تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية وتشجيع إقامة المشروعات خاصة الصغيرة والمتوسطة.

وتسعى مصر إلى إنعاش اقتصادها ودفع عملية التنمية من خلال تعميق تعاونها مع دول المجموعة بما يساعدها على تحقيق هذه الأهداف كما يساعدها على تنفيذ "رؤية مصر المستدامة 2030" وأيضاً طرح الفرص الاستثمارية والتنموية في مصر على دول المجموعة.

يقوم موقع مصر الجغرافى في الربط بين مبادرة "الحزام والطريق" وبين توسيع آليات تعاونها مع الدول الأعضاء فى مجموعة بريكس، فتتميز مصر بموقعها على المسارين البرى والبحري لاستراتيجية الحزام والطريق حيث توجد بها قناة السويس الشريان المهم للتجارة الدولية والصين هي أكبر مستخدم للقناة كما أن مصر تعد البوابة الذهبية للصين للعبور نحو إفريقيا سواء من الناحية الجغرافية أو من ناحية التجارة والاستثمار.

فمصر عضو في التجمعات التجارية الإفريقية مثل "الكوميسا"COMESA الأمر الذى ييسر دخول المنتجات المصرية والسلع المنتجة في مصر إلى أسواق هذه الدول، ما يعطى ميزة مهمة للاستثمارات في مصر و من خلال التعاون مع مصر يمكن لدول بريكس أن تعمق تعاونها مع الدول العربية والدول الإفريقية ومن جانبها تسعى الصين إلى تعظيم الاستفادة من مبادرة طريق الحرير في مضاعفة تجارتها مع الدول العربية ومن بينها مصر.

ومؤخرا في مارس 2023 تم الإعلان رسميًا عن انضمام مصر إلى "بنك التنمية الجديد" NDB الذى أنشاته دول مجموعة البريكس في القمة السادسة للمجموعة بالبرازيل 2014من أجل تمويل مشروعات البنية التحتية والتنمية المستدامة فى دول المجموعة والبلدان النامية برأس مال مبدئي يصل إلى 100مليون دولار.

ويُعد بنك التنمية الجديد بمثابة منصة جديدة لمصر لتعزيز التعاون مع دول تجمع "بريكس" فى ظل توافق استراتيجية البنك مع رؤية مصر للتنمية لتحقيق النمو الاقتصادى الأخضر والمستدام.

ومن المقرر أن تستضيف جنوب أفريقيا التي تولت رئاسة "بريكس" الدورية في يناير الماضي قمة "بريكس" الـ15 في أغسطس المقبل ويأتي على رأس جدول أعمال قمة البريكس مناقشة مسألة العضوية الجديدة للمجموعة حيث ترغب مصر فى الانضمام للمجموعة فى ظل ترحيب صينى كبير بهذه الخطوة.

وتربط مصر بجميع الدول الأعضاء فى مجموعة البريكس علاقات صداقة وتعاون قوية ومصالح مشتركة عديدة حيث وقعت مصر اتفاقيات شراكة استراتيجية كاملة فى جميع المجالات مع الصين وروسيا والهند وتشارك مع كافة دول المجموعة فى السعي لتحقيق نفس الأهداف مثل العمل على أن يكون للدول النامية تمثيل أكبر وصوت مسموع فى المحافل الدولية وإنعاش الاقتصاد العالمي ومكافحة التوجهات الحمائية والتعاون فى مكافحة الإرهاب.

صور ساخنة