في مسابقة "ربيع المسرح" لعام 2019 المنظمة من قبل قناة خنان الفضائية، قدم الشاب الأفريقي سيم نكيميني دارين عرضا رائعا مليئا بالعاطفة لمسرحية "على جناح النسيم" الشهيرة لأوبرا يوي. لاقى عرضه إعجاب خبراء لجنة التحكيم وحصل على الجائزة الفضية في المسابقة.
ومنذ ذلك الحين، تطورت مهارات أداء دارين وأصبحت أكثر نضجا. كما حصد المزيد من الجوائز واكتسب فهما أعمق للثقافة الصينية. في مقابلة حصرية مع شبكة الصين مؤخرا، تحدث دارين لمراسلنا عن مشاعره العميقة تجاه الصين.
دراسة الثقافة الصينية وفهم "روح العصر"
بدأ سيم نكيميني دارين، الكاميروني الأصل، رحلته الدراسية في الصين في أوائل عام 2017 حين حط رحاله بمدينة كايفنغ بمقاطعة خنان. وأطلق الشاب على نفسه اسم "بيانجينغ" تيمنا بالاسم القديم للمدينة التي كانت تلقب بـ "عاصمة قديمة لثماني سلالات حاكمة،" معربا عن فخره وسعادته باسمه الصيني الذي اختاره بنفسه.
وأوضح دارين أنه يعشق الأدب والفن منذ طفولته. وعندما وصل إلى الصين، شدته بشدة الثقافة الصينية وشعر بارتباط قوي يجمعه بها، واصفا بأن دراسة الثقافة الصينية في مهدها الأصلي تعد فرصة نادرة جدا بالنسبة له.
وكان هذا الشاب الأفريقي قد حضر بالصدفة يوما عرضا لأوبرا يوي بعنوان "مولان". على الفور فُتن الشاب وتأثر بلحنها وأزيائها وأسلوب أدائها. وفي عام 2018، منح القدر لدارين فرصة ذهبية حين ضمه الفنان الشهير لي شوجيان إلى فريقه التدريبي في أوبرا يوي. هناك وعلى يد لي، بدأ دارين في شق الطريق الحقيقي والصعب لتعلم الأوبرا على أصولها. وبإرادة قوية، استطاع الشاب الأفريقي في النهاية تجاوز حاجز اللغة، وتعلم أكثر من عشر مقاطع غنائية لأوبرا يوي. كما شارك في العديد من العروض والمسابقات في الصين.
وعن هذه التجربة الغنية يقول سيم نكيميني دارين إنها لم تجلب له الجوائز والألقاب فحسب، بل الأهم من ذلك أنها جلبت الإلهام لحياته. وأكد دارين أن فهم الشخصيات التي يؤديها بشكل كبير والغوص في أعماقها هو مفتاح الأداء الجيد لمختلف المسرحيات. وأسلوب التعلم هذا جعله يفكر بعمق أكبر في عناصر روحية مثل "الأخلاق" و"الإدارة" و"روح العصر". وكمثال على ذلك، قال دارين "تأثرت بشدة بمسرحية جياو يوي لو الأخيرة. لقد قدم جياو يوي لو مساهمات وتضحيات كبيرة لمحافظة لانكاو، وإني لذلك أكن له احتراما كبيرا. وأعتبر روحه المسرحية مدرسةً بحد ذاتها حري بكل مسرحي أن يتعلم منها."
وفي الواقع لا يُعرف دارين حصرا بلقب "الأجنبي عاشق أوبرا يوي"، فذلك ما هو إلا واحد من ألقاب عدة أخرى. فهذا الشاب أيضا طالب دكتوراه في الفنون القتالية في كلية الفنون القتالية بجامعة كايفنغ. إنه شغوف بفن "تاي تشي" القتالي وفاز بالعديد من الجوائز في مسابقات تاي تشي المحلية في الصين. ويشير دارين إلى أن ممارسة تاي تشي قد عززت بشكل كبير من لياقته البدنية وقوته الروحية. كما أتاحت له الفرصة لتكوين صداقات كثيرة فضلا عن زيارة العديد من المدن الصينية، الأمر الذي ساهم في إثراء تجربته الشخصية.
السعي لتعزيز التبادلات الثقافية بين الصين والكاميرون والبحث عن القواسم الثقافية المشتركة
قال دارين إن لديه فهما خاصا للتبادلات الثقافية والتعلم المتبادل بين الحضارات. إذ يعتقد أن لمختلف الثقافات قواسم مشتركة ولكن بأشكال تعبير مختلفة. ولتوضيح فكرته، ذكر دارين مثال الأوبرا الصينية التي تعد شكلا من أشكال الفن الغنائي، رابطا بينها وبين فنون الأوبرا المعتمدة على الغناء في الكاميرون والتي يتم أدائها أيضا باستخدام الطبول والآلات الموسيقية المحلية الأخرى. كما ضرب دارين مثالا آخر للقواسم المشتركة فتحدث عن بر الوالدين الذي يعد سمة أخلاقية مهمة في الكاميرون، وهو ما وجده أيضا خلال دراسته أوبرا يوي حين اكتشف أن لثقافة بر الوالدين في الصين أيضا تاريخ طويل.
واستنادا إلى فهمه وحبه للثقافة الصينية، أصبح سيم نكيميني دارين أكثر تصميما على تكريس نفسه في دعم التبادلات الثقافية بين الصين والدول الأجنبية. وفي 21 يونيو من هذا العام، أقيم حفل افتتاح مركز خنان الدولي للاتصالات في مدينة تشنغتشو، حيث وقع الاختيار على عشرة أصدقاء أجانب من ست قارات كدفعة أولى من "سفراء" المركز. وقد كان ليو دارين أحدهم. ويعتزم الشاب الأفريقي في المستقبل إنشاء مركز أبحاث ثقافية في الكاميرون للمساهمة في التبادلات الثقافية بين البلدين. وفي ختام المقابلة، قال دارين: "أعتقد اعتقادا راسخا أنه يمكننا العثور على القواسم المشتركة بين الثقافات المختلفة. لذا، آمل في بناء جسر للتبادلات الثقافية بين الصين والكاميرون وتوسيع مساحة التعاون والتنمية بين الجانبين".