جنين 5 يوليو 2023 (شينخوا) شيع آلاف الفلسطينيين في أجواء حزينة وغاضبة اليوم (الأربعاء) جثامين 11 فلسطينيا قتلوا خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة الغربية.
وانطلق موكب تشييع الجثامين التي حملت على الأكتاف ولفت بالعلم الفلسطيني من المستشفيات في المدينة وسار في شوارع المخيم قبل أن يتوجه إلى بيوت عائلات القتلى لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة.
وشارك في التشييع عدد من المسلحين الملثمين الذين أطلقوا الرصاص في الهواء، ورددوا هتافات تدين العملية العسكرية الإسرائيلية، وتطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
كما شارك في موكب التشييع أعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وقيادات من فصائل فلسطينية أخرى وشخصيات بارزة من المؤسسات المدنية في جنين.
وجرى دفن تسعة من الجثامين في قبر جماعي في مقبرة المخيم، فيما دفن اثنان في مسقط رأسيهما في قرية فحمة وبلدة اليامون جنوبي جنين، ودفن اخر في بلدة ميثلون جنوب المدينة الليلة الماضية.
وتزامنا مع مراسم تشييع الجثامين صدحت مكبرات الصوت في المساجد بالتكبير، فيما ساد إضراب دعت إليه القوى الفلسطينية مدينة جنين، إذ أغلقت المحال التجارية أبوابها، بحسب ما أفادت مصادر محلية وشهود عيان.
وكان الجيش الإسرائيلي انسحب الليلة الماضية من المخيم بعد يومين من بدء عمليته فجر الاثنين الماضي بهدف الحد من نفوذ المسلحين الفلسطينيين وتدمير البنية التحتية، بينما وصفها السكان المحليون بأنها الأعنف منذ 2002.
وأسفرت العملية العسكرية عن مقتل 12 فلسطينيا بالرصاص والقصف الجوي، وفقا لإحصائيات فلسطينية، في المقابل قتل جندي إسرائيلي، بحسب الجيش الإسرائيلي.
من جانبه، حيا نائب رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) محمود العالول، في كلمة على هامش موكب التشييع، سكان جنين ومخيمها على "صمودهم وثباتهم وتصديهم لعدوان الاحتلال وجرائمه".
وأكد دعم حركة (فتح) والقيادة الفلسطينية للمقاومة الشعبية في كل مكان "رفضا للاحتلال وحربه المستمرة والمتصاعدة".
واعتبر العالول أن "إرهاب الاحتلال ومستوطنيه" لن يثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة نصاله حتى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، مشددا على ضرورة الوحدة الوطنية لكي يتمكن "شعبنا من التصدي لجرائم الاحتلال".
بدوره، اعتبر الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، في بيان أن الشعب الفلسطيني أثبت "بوحدته والتفافه حول المقاتلين أنه يستطيع أن يقهر الاحتلال في كل مواجهة يخوضها"، داعيا الفلسطينيين إلى التكاتف من أجل تعزيز صمود مخيم جنين ليبقى "عنوانا ملهماً للثورة والتحدي والجهاد والمقاومة".
من جهتها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان إن انسحاب الجيش الإسرائيلي من مخيم جنين هو إعلان "بفشله في تحقيق أهدافه وهزيمته أمام إرادة الصمود والمقاومة لدى شعبنا رغم حجم التضحيات الجسام".
ودعت حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى "الاضطلاع بمسؤولياتهما في إنهاء الاحتلال وملاحقته قانونيا ومحاسبة قادته على جرائمهم وإرهابهم الممارس ضد الشعب الفلسطيني".
وفي عام 2002 تعرض المخيم لحصار إسرائيلي لأكثر من شهر وسط قتال عنيف أدى لمقتل 52 فلسطينيا و23 جنديا إسرائيليا، فيما دمر خلال العملية الإسرائيلية حينه أكثر من 400 منزل، بحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وتقع جنين ومخيمها في شمال الضفة الغربية وتبعد عن القدس مسافة 75 كيلومترا إلى الشمال، فيما تأسس مخيمها عام 1953 على الطرف الغربي الجنوبي للمدينة ويبلغ عدد سكانه قرابة 14 ألف لاجئ يعيشون على مساحة 450 دونما (الدونم يعادل 1000 متر).
في المقابل، صرح المتحدث العام باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري، بأن العملية العسكرية في مدينة جنين ومخيمها ليست الأخيرة التي يقوم بها الجيش وقد يضطر للعودة غدا إلى هناك إذا استدعت الضرورة ذلك.
وقال هغاري للإذاعة العبرية العامة اليوم إن "المعلومات الاستخباراتية لم تكن كافية للوصول إلى جميع الأهداف في مخيم جنين وأن الكثير من الخلايا المسلحة انسحبت خارج المخيم".
ووصف العملية في مخيم جنين "بالمعقدة في بيئة معادية"، لافتا إلى أنه جرى خلال العملية "اعتقال 300 فلسطيني يعتقد أن 30 منهم مطلوبون ضمن أهداف العملية، وقتل 12 فلسطينيا".
وأضاف أن العملية حققت الهدف الرئيسي لها وهو الحيلولة دون تحويل مخيم جنين "لمأوى للإرهابيين بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية العسكرية ومنها مختبرات لتصنيع المتفجرات وأماكن تخزين العبوات".
وتوعد هغاري بعودة الجيش الإسرائيلي إلى جنين حال توفر معلومات إستخباراتية وسيصل "للإرهابيين" المصابين الذين وصلوا مستشفيات جنين للعلاج وذلك في الوقت المناسب، مشيرا إلى أنه "لا توجد حلول سحرية للإرهاب وسنضطر للعودة إلى جنين حال توفر معلومات محددة ودقيقة".
وجاءت العملية في ظل حالة توتر بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث قتل أكثر من 190 فلسطينيا برصاص إسرائيلي، فيما قتل 25 شخصا في إسرائيل في هجمات نفذها فلسطينيون منذ بداية العام الجاري.