رام الله 4 يوليو 2023 (شينخوا) انسحب الجيش الإسرائيلي مساء اليوم (الثلاثاء) من مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة الغربية بعد يومين من عملية عسكرية واسعة النطاق فيه، بحسب ما أفادت مصادر أمنية فلسطينية وشهود عيان.
وذكرت المصادر لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن فرق الدفاع المدني ومركبات الإسعاف دخلت إلى أحياء مخيم جنين للبحث عن ناجين في المنازل التي تعرضت للقصف الإسرائيلي والتنسيق مع الجهات الأمنية الفلسطينية للتعامل مع أي أجسام مشبوهة.
وتزامنا مع ذلك دخل عشرات الصحفيين إلى أزقة المخيم لتوثيق الدمار الكبير الذي حل به، فيما أظهرت بعض المقاطع المصورة تدميرا كاملا للمنازل والمحال التجارية والمركبات والطرق وشبكات المياه والكهرباء، ما تسبب في انقطاع شبه كامل للتيار الكهربائي.
كما عادت العشرات من العائلات التي خرجت من المخيم الليلة الماضية بحثا عن مكان أكثر أمنا مع اشتداد دوي الانفجارات جراء القصف الجوي الإسرائيلي، في وقت لازالت النيران تشتعل في بعض المنازل.
ويقول أحمد عويص بينما وصل لتوه لتفقد منزله بعد الخروج منه لـ ((شينخوا)) إن "حجم الدمار داخل حارات وأحياء المخيم كبيرة والبيوت أصبحت غير صالحة للسكن ما يعيد بأذهاننا ما جرى في عام 2002".
ويضيف عويص أن الجيش الإسرائيلي أراد كسر عزيمة سكان المخيم من اللاجئين الفلسطينيين وتهجيرهم من منازلهم ولكن "رسالتنا أننا صامدون وثابتون على هذه الأرض ولن نغادرها مهما كانت التحديات".
وخرجت تظاهرة عفوية في المخيم بمشاركة عشرات الشبان الذين هتفوا عبارات تندد بالعملية العسكرية وما خلفته من دمار كبير في ممتلكاتهم وأخرى تشيد بفصائل المقاومة المسلحة، وسط تحليق من طائرات الاستطلاع الإسرائيلي في سماء المنطقة.
إلى ذلك أعلنت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة خلال مؤتمر صحفي في مقر الوزارة بمدينة رام الله أن حصيلة العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها بلغت حتى الآن 12 قتيلا بينهم 5 أطفال وأكثر من 140 جريحا بينهم نحو 30 مصابا بجروح خطرة.
واتهمت الكيلة القوات الإسرائيلية بالاستهداف المتعمد للطواقم الطبية والإسعافية والمستشفيات والذي بلغ ذروته مساء اليوم بإطلاق النار المباشر على المواطنين في مستشفى جنين الحكومي وقصف محيط المستشفى، ما تسبب بخمس إصابات بينها حالات خطيرة جدا.
واعتبرت أن العدوان على الطواقم الطبية والمستشفيات تحد لكل القوانين الدولية ولكل دول العالم، مشيرة إلى أن القوات الإسرائيلية عرقلت بشكل متعمد عمل طواقم وسيارات الإسعاف في جنين ومنعت وصولهم إلى الجرحى.
وأفادت الكيلة بأن وزارة الصحة قررت العمل بخطة طوارئ قصوى في جنين لتقديم العلاج اللازم للجرحى وتوفير كافة الاحتياجات الصحية اللازمة وذلك عبر تجهيز مراكز علاج وأقسام عناية مكثفة في محيط جنين والمدن المجاورة.
ونفذ الجيش الإسرائيلي فجر أمس (الاثنين) عملية عسكرية في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين بمشاركة مئات من الجنود من الوحدات المختلفة مدعومين بطائرات مسيرة ومروحية لما قاله إنه للحد من نفوذ المسلحين الفلسطينيين، بينما وصفها السكان المحليون بأنها الأعنف منذ 20 عاما.
من جهتها أشادت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي يتزعمها الرئيس محمود عباس بجنين ومخيمها للاجئين الفلسطينيين وفصائلها المقاومة التي صمدت أمام "أعتى وأشرس الجيوش".
واعتبرت الحركة في بيان على لسان الناطق باسمها منذر الحايك أن "الدمار والخراب الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي في جنين ومخيمها سيزيد شعبنا تصميما على الاستمرار في التصدي والمواجهة".
كما اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن "الاحتلال الإسرائيلي فشل في تحقيق أهدافه من العدوان على مخيم جنين وخرج بدون أي إنجاز بالرغم من وحشيته".
وقال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم في بيان إن "مخيم جنين سيبقى قلعة للمقاومة وشوكة في حلق الاحتلال وستظل الثورة بالضفة العربية متصاعدة حتى تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال".
بدوره قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي إن "العدو المدجج بالسلاح يفشل أمام إيمان وثبات المجاهدين، فينتقم من الشوارع والبيوت والأهالي العزل ويبالغ في إدعاء مصادرة الأسلحة واكتشاف مصانع المتفجرات".
وأضاف الهندي في بيان "إذا كانت هذه هي نتائج عملية بهذه الضخامة ويتم الإعداد لها منذ عام، فهنيئا للعدو هذا الإنجاز وهذا الردع وهذا الوهم"، مشيرا إلى أن "جنين ومقاومتها بخير والروح المعنوية في أعلى مستوياتها".
في المقابل أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحسب ما نشرت الإذاعة العبرية بمقاتلي جيش الدفاع ونشاطهم في جنين، مؤكدا أنه سيتم إطلاق عمليات مماثلة في المستقبل إذا اقتضت الضرورة.
بدوره قال وزير الدفاع يؤاف غالانت بحسب الإذاعة إن جنين أصبحت خلال العامين الماضيين مصنعا "للإرهاب وأن العملية العسكرية وضعت حدا لذلك"، مشيرا إلى أن القوات ضبطت آلاف العبوات الناسفة ودمرت عشرات المختبرات والورشات لإنتاج الوسائل القتالية.