دمشق 25 يونيو 2023 (شينخوا) وسط طقس احتفالي جميل، اجتمعت مجموعة من السيدات في منزل أم عدي (44 عاما) لمساعدتها على صنع حلويات عيد الأضحى، وهن ينشدن ويرددن الأغاني التراثية والأهازيج الشعبية.
أشارت أم عدي، التي تسكن في مدينة جرمانا بريف دمشق الشرقي، إلى أن غلاء أسعار الحلويات بالمتاجر دفع غالبية السوريين إلى صنع تلك الحلويات في المنزل، بغية إحياء طقوس العيد، التي بدأت تغيب رويدا رويدا عن البيوت بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السوريين حاليا جراء العقوبات الامريكية الجائرة، وتوفير النقود.
قالت أم عدي، وهي تجلس أمام الفرن وتقوم بطهي أقراص المعمول المحشوة بالتمر والجوز والمعجونة بالسمن والمصفوفة بشكل أنيق، لوكالة انباء ((شينخوا)) "قبل اندلاع الحرب في سوريا كنا نشتري حلويات العيد من سوق الميدان الشهير بدمشق بأشكال وأصناف مختلفة، وبعد الحرب بسنوات أيضا كنا قادرين على شراء الحلويات الجاهزة "، مضيفة "لكن اليوم من الصعب جدا علينا كأسر محدودة الدخل أن نشتريها الآن".
ووصل سعر كيلو البقلاوة في دمشق إلى 280 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 34 دولار أمريكي حسب السعر الرسمي، فيما ينخفض في سوق الميدان الشهير شرق دمشق إلى 200 ألف ليرة سورية، ويتراوح بين 170 إلى 180 ألف ليرة في أسواق ريف دمشق، حسب وسائل الإعلام المحلية.
كما وصل سعر كيلو المعمول المحشي بالجوز إلى 140 ألف ليرة، أما الهريسة فيتراوح سعرها بين 75 إلى 80 ألف ليرة، أما البرازق والغريبة، وهي حلوى شعبية معروفة لدى السوريين، فسجلت أسعارها 65 ألف ليرة للكيلو الواحد.
وتشهد أسعار الحلويات في الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا، في ظل انعدام القدرة الشرائية، خاصة لدى أصحاب الدخل المحدود، بالإضافة إلى تراجع نسبة الشراء للعائلات المقتدرة التي باتت تتجه من الشراء بالكيلو إلى الغرام.
ومنذ سنوات يشتكي أصحاب محال الحلويات من ارتفاع تكاليف الإنتاج، وخاصة زيت القلي والسمن الحيواني، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج وباتت الأسعار تفوق القدرة الشرائية للمواطنين، لذلك استغنت نسبة كبيرة منهم عن شراء الحلويات لصالح المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية.
وبدورها عبرت سناء الحيدر (49 عاما)عن دهشتها إزاء الأسعار التي شاهدتها أثناء تجوالها في السوق قبل يومين.
وقالت سناء، وهي تمسك بقالب صغير مصنوع من الخشب، وتضع بداخله كرة صغيرة من العجين المحشوة بالتمر، لوكالة ((شينخوا))" قررن نحن النسوة الموجودات هنا أن نساعد بعضنا البعض في صنع حلوى العيد كوننا لم نقم بذلك منذ سنوات، في ظل طقس احتفالي جميل"، مؤكدة أن طعم المعمول المصنوع في المنزل له نكهة خاصة.
صوت طرق قوالب المعمول المصنوعة من الخشب له وقع خاص، ويشكل مع غناء النسوة تناغما كبيرا، وفي بعض الأحيان يعلو صوت القالب الخشبي على صوت الغناء، ويتخلل ذلك صوت ضحكات النسوة وهن يعملن بكل جد ونشاط، ناهيك عن رائحة الحلوى التي تفوح لبضعة أمتار كدلالة على قدوم العيد.
وفي جولة لمراسل وكالة ((شينخوا)) على سوق الميدان الشهير بدمشق، لاحظ الحلوى مصفوفة بأشكال وأحجام مختلفة، لكن كانت هناك حركة الشراء بسيطة ويقتصر شراء الحلويات على شريحة محددة من السوريين. والسبب في ذلك هو الأرقام الفلكية لأسعار الحلويات، التي يعتبرها السوريون غير منطقية بالنسبة لهم في هذه الأيام الصعبة.
ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن مدير جمعية الحلويات بسام قلعجي قوله "لا يوجد إقبال كبير من الأهالي على شراء الحلويات".
وقال أبو عبدو (55 عاما)، صاحب متجر، في سوق الميدان لوكالة ((شينخوا)) "هذا العيد هناك إحجام كبير من قبل الأهالي عن شراء الحلويات الدمشقية المعروفة في عيد الأضحى، والغلاء هو السبب"، وعزا أبو عبدو السبب إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وغلاء أسعار المواد الأولية، وخاصة الفستق والجوز.
وعبر عن حزنه لعدم قدرة السوريين على شراء الحلويات هذه الأيام، مؤكدا أن الظروف المعيشية الصعبة دفعت الناس الى البحث عن بدائل أخرى، وتصنيع الحلويات في المنزل كونها أقل كلفة، إذ تستطيع ربة المنزل أن تصنع كميات كافية لعائلتها بسعر أقل من السوق.
وفي أسواق أخرى وخاصة الشعبية والأقل سعرا كانت الحركة أكثر، والمحلات تعج بالمارة، والغالبية يشتري الطحين والسميد والخميرة وبعض المواد الأولية الداخلة في صنع المعمول وغيرها من الحلويات الخاصة بالعيد، ليتم وضعها في يوم العيد على الطاولة.
وأشادت أم هديل ( 38 عاما) بالحلويات التي يتم صنعها بالمنزل، وقالت " قبل يومين صنعت كعك العيد، وهو المرشم، الذي يقدم كضيافة في العيد، إضافة لصنعها البيتيفور والمعمول"، مؤكدة أن هذه الخطوة كانت صحيحة لأنها وفرت كمية كبيرة من النقود بهذا العمل.
وفي هذه الأيام تعمل السيدات على صناعة حلويات العيد كخطوة فرضتها ظروف الحياة عليهن، لتعود الحلوى المنزلية الى الواجهة من جديد، وتتنافس السيدات في تقديم ما هو أفضل وأشهى.