روابط ذات العلاقة
بناء على دعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، يقوم رئيس دولة فلسطين محمود عباس بزيارة دولة إلى الصين في الفترة من13 إلى 16 يونيو الجاري. وكصديق قديم وجيد للشعب الصيني، تعد هذه هي المرة الخامسة التي تطأ فيها قدم الرئيس عباس أرض الصين، كما أنه أول رئيس دولة عربية تستقبله الصين هذا العام. ويعتقد الكثيرون أن العلاقات الودية التقليدية بين الصين وفلسطين ستصل الى مستوى جيد. وبالإضافة الى التعاون الثنائي، يتوقع أن تصبح القضية الفلسطينية أحد الموضوعات التي يناقشها رئيسا الدولتين، وفي سياق موجة المصالحة في الشرق الأوسط، فإن ما إذا كانت هذه الزيارة ستجلب المزيد من الأمل في السلام في الشرق الأوسط أمر متوقع أيضًا.
وبحسب الجانب الفلسطيني، ستتركز زيارة محمود عباس على "مبادرة السلام العربية" ويتوقع أن تواصل الصين لعب دور أكبر في القضية الفلسطينية الإسرائيلية. وكما نعلم جميعًا، تقوم الصين منذ سنوات عديدة بحملة من أجل حل مبكر وشامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، وقدمت مقترحات صينية عدة مرات، وأعربت عن ترحيبها بالمفاوضين من فلسطين وإسرائيل للمجيء إلى الصين من أجل مفاوضات مباشرة. وإن تصافح السعودية وإيران في بكين، جعل العالم الخارجي يرى الجاذبية القوية لمبادرة الأمنية العالمية، كما أصبح لدى الناس الآن مساحة أكبر للخيال أكثر من ذي قبل، عما إذا كان هناك حل جديد للقضية الفلسطينية، وما إذا كان من الممكن لكل من فلسطين وإسرائيل كسر الاستنتاج على أن "الرغبة والقدرة على التوصل إلى تسوية تاريخية تكاد تكون معدومة" في المستقبل.
إن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية في الشرق الأوسط، وهي مسألة سلام واستقرار في الشرق الأوسط، ومسألة العدل والانصاف الدوليين. ومن الحرب العالمية الثانية إلى الحرب الباردة إلى القرن الحادي والعشرين، شهد الشرق الأوسط العديد من الحروب والصراعات العديدة، الكبيرة والصغيرة، تسببت في خسائر بشرية وأزمات إنسانية مروعة. وإن ما يثير القلق هو أنه منذ توقف محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية في عام 2014، ظلت عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية راكدة، وأصبحت "الآلية الرباعية" المكونة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي عديم الفائدة في السنوات الأخيرة. وفي مايو 2021، اندلع أكبر نزاع مسلح بين فلسطين وإسرائيل منذ عام 2014، وقتل أكثر من 200 فلسطيني، من بينهم عشرات الأطفال، كما قُتل ما لا يقل عن 12 إسرائيليًا، من بينهم طفلان. وفي أبريل ومايو من هذا العام، اندلعت الصراعات مرارًا وتكرارًا بين فلسطين وإسرائيل. وإن تسريع عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية بشكل فعال سيختبر الضمير والأخلاق الدوليين أيضاً.
إن واشنطن التي تتحدث غالباً عن العدالة أو حقوق الإنسان، وتحب الوقوف على أسس أخلاقية عالية وإلقاء اللوم على الآخرين، مذنبة جدًا في القضية الفلسطينية. حيث أن الولايات المتحدة كقوة عظمى لعبت دورًا سيئًا للغاية في القضية الفلسطينية، فهي لم تمنع مجلس الأمن الدولي مرارًا وتكرارًا من التحدث علنًا بشأن هذه القضية فحسب، ولكنها تقف إلى جانب إسرائيل وتحفز دائما الصراع بين الجانبين لفترة طويلة أيضًا، حتى أن "خطة السلام الجديدة في الشرق الأوسط" المقترحة خلال فترة ترامب ما هي إلا "إذلال وليس اتفاقية". وقد أظهر استطلاع حديث للرأي أن 80٪ من الفلسطينيين يرحبون بالصين كوسيط في الصراع بين فلسطين وإسرائيل، وتعتبر الولايات المتحدة الخيار الأقل شعبية، مما يدل على تقييم الشعب الفلسطيني للعدالة.
وتنظر بعض وسائل الإعلام الأمريكية التي لا تهتم بالقضية الفلسطينية إلى زيارة محمود عباس للصين من منظور "المنافسة الصينية الأمريكية"، وزعمت أنها تظهر "طموحات دبلوماسية أوسع للصين" في الشرق الأوسط، ومحاولة جعل هذه الزيارة في إطار "المواجهة الصينية الأمريكية". وإن هذا النوع من الحجة ليست مجرد مسألة ضيق في الأفق فحسب، ولكنه يظهر أيضًا أنه في نظر النخب الأمريكية، فإن هذا الحدث الكبير المتعلق بالسلام والاستقرار والإنصاف والعدالة ليس أكثر من أداة لعبة. وإن شعور بعض النخب الأمريكية بأنهم باتوا ضعفاء في الشرق الأوسط، لا علاقة له بالصين، وإنما بسياسة الولايات المتحدة في المنطقة.
ليس للصين مصلحة ذاتية في القضية الفلسطينية تمامًا كما هو الحال في قضايا الأمن الأخرى في الشرق الأوسط، وهي متمسكة تمامًا بجوهر العدالة، وتحاول منع تهميش القضية الفلسطينية في ظل الوضع الإقليمي والدولي المعقد والمتغير باستمرار، والمساعدة في تعزيز حل المشكلة خطوة بخطوة. وقد طرح الرئيس شي جين بينغ اقتراحا مكونا من أربع نقاط بشأن حل القضية الفلسطينية خلال محادثاته مع الرئيس عباس في 6 مايو 2013 و18 يوليو 2017 على التوالي. وبعد اندلاع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في عام 2021، شجعت الصين، بصفتها الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، مجلس الأمن على مراجعة القضية الفلسطينية خمس مرات وأصدرت أخيرًا بيانًا صحفيًا رئاسيًا. وحتى الآن، سافر المبعوثون الصينيون الخمسة الخاصون إلى الشرق الأوسط عشرات المرات إلى فلسطين وإسرائيل ومصر والأردن ودول أخرى في الشرق الأوسط للتوسط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
إن فلسطين وإسرائيل جارتان لا يمكن إبعادهما عن بعضهما البعض، ولا رابح في الصراعات ولا خاسر في السلام. وفيما يتعلق بالحفاظ على السلام والتنمية في العالم، فإن المسؤولية الصينية واضحة للجميع في المجتمع الدولي. ولهذا السبب يمكن للصين دائمًا تكوين صداقات في الشرق الأوسط وحول العالم. ويرى الجميع أنه سواء كانت المملكة العربية السعودية وإيران وروسيا وأوكرانيا وفلسطين وإسرائيل، فإن كلا الجانبين من "الأعداء" هم شركاء الصين وأصدقائها. وهذا في الأساس هو نتيجة الهدف الدبلوماسي الشامل للصين المتمثل في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، وسيؤدي بدوره إلى زيادة تعزيز مفهوم "المصير المشترك" لكي يتفتح ويؤتي ثمارها في المزيد من الأماكن. كما نأمل أن تأتي زيارة الرئيس محمود عباس بمزيد من الأخبار السارة عن السلام في الشرق الأوسط.