بغداد 8 يونيو 2023 (شينخوا) في بلد يواجه فيه الشباب ويلات العنف والفقر والبطالة خلال السنوات التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ، انتشرت عصابات تهريب المخدرات بشكل مقلق في المدن العراقية على الرغم من جهود الحكومة للسيطرة عليها.
وفي ظل ديكتاتورية الرئيس الأسبق صدام حسين كان العراق دولة شبه خالية من المخدرات، ولكن منذ انهيار النظام بسبب الغزو الأمريكي عام 2003 ، أصبح العراق دولة عبور ومستهلك للمخدرات.
وقال فاخر منذر مدير العلاقات والإعلام في مديرية مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بوزارة الداخلية العراقية في ندوة توعية عن المخدرات حضرتها وكالة أنباء ((شينخوا)) إن أكثر المشاكل تعقيدا والتي تؤثر على المجتمع العراقي هي انتشار المخدرات ، وخاصة بين الشباب، مؤكدا أن هناك زيادة كبيرة في أعداد تجار المخدرات ومن يتعاطون.
وأضاف أن "مادة الكريستال ميث والكبتاجون منتشرة بشكل كبير في العراق ، وهي مخدرات خطيرة للغاية يمكن أن تسبب وفاة لمن يتعاطها، بالإضافة إلى انتشار الحشيش المعروف أيضا باسم الماريجوانا ، والهيروين ولكن بنسبة أقل".
وتابع أن هناك أيضا زيادة في استخدام حبوب الفاليوم والمسكنات مثل الترامادول وهو مسكن للآلام يستخدم بعد العمليات الجراحية.
وأوضح منذر إنه وفقا للقانون العراقي ، يعاقب كل من يستورد أو يصدر أو يصنع مواد مخدرة بالإعدام أو بالسجن المؤبد، مضيفا أن القانون نص على أن من يتعاطى المخدرات يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين 10 سنوات و 15 سنة ، وهناك عقوبات أخرى لمن يتم ضبطه بتهمة تعاطي المخدرات.
وبحسب أرقام رسمية ، أوضح منذر أن عناصر المديرية العامة لشؤون المخدرات نفذوا عشرات المداهمات في بغداد ومحافظات أخرى في الفترة من نوفمبر 2022 إلى مايو 2023 ، حيث تم اعتقال 8676 تاجر مخدرات ومتعاطي.
وأوضح أنه تم ضبط 406783 كيلو جراما من المخدرات بمختلف أنواعها و 9275333 مليون حبة كبتاغون و 456 قطعة سلاح و118 قنبلة يدوية و 808 سيارات خلال نفس الفترة.
وذكر منذر لـ ((شينخوا)) ، على هامش الندوة التي عقدت مؤخرا في مسرح الرشيد ببغداد ، إن محافظتي ميسان والبصرة جنوبي العراق هما الأكثر تضررا من تجارة المخدرات ، إضافة إلى محافظة الأنبار غربي العراق بسبب طول الخط الحدودي مع إيران المجاورة شرقا وسوريا غربا.
وأكد منذر "أننا نخوض حربا على المخدرات لا تقل خطورة وأهمية عن الحرب على الإرهاب ، وتؤدي الاشتباكات المسلحة المتقطعة مع تجار المخدرات إلى سقوط ضحايا في صفوف قوات الأمن".
وتسببت الفوضى والصراعات التي اجتاحت البلاد بعد عام 2003 في إعاقة الحكومات المتعاقبة على مدى السنوات العشرين الماضية من التصدي بشكل مناسب للتهديد الجديد للمجتمع العراقي، لكن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني شدد في مايو الماضي على أهمية شن حربا على المخدرات واعتبارها مهمة مثل مكافحة الإرهاب.
وأشار السوداني إلى أن تجارة المخدرات من أهم وسائل تمويل الإرهاب ، كما أن تداول المخدرات يزدهر في ظل الإرهاب ، مضيفا أن العراق لم ولن يتسامح أبدا مع الأنشطة المتعلقة بتعاطي المخدرات.
ولم تقتصر الحرب على المخدرات على الجانب الأمني ، لكن المؤسسات الصحية ، رغم ضعف قدراتها بسبب الفوضى والصراعات الداخلية خلال العشرين عاما الماضية التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق ، تبذل جهودا في محاولة لأخذ دورها في علاج المتعاطين من جهة وتنظيم الندوات للتوعية بمخاطر المخدرات.
وأوضح الدكتور عدنان ياسين مدير مستشفى ابن رشد للأمراض النفسية ، الصعوبات التي يواجهها مستشفى الإدمان الرئيسي في بغداد ، قائلاً إن المستشفى لم يعد كافياً لاستيعاب الأعداد الهائلة من مدمني المخدرات بسبب انتشار المخدرات في البلاد. .
وقال ياسين لـ ((شينخوا))، "هناك نقص في ردهات مدمني المخدرات ونقص في الأسرة ، لكن الحكومة افتتحت مؤخرا مستشفيين في بغداد هما مستشفى العطاء ومستشفى التأهيل الطبي" ، مؤكدا أنه لا تزال هناك حاجة للمزيد من المستشفيات.
وتابع، إن الفئات العمرية التي تأتي إلى المستشفى تتراوح بين 20 إلى 40 عاما ، وهناك حالات فردية أقل من 20 عاما وأكثر من 40 عاما.
إلى ذلك، قال علي السعدي الناشط الاجتماعي في مجال مكافحة المخدرات لـ ((شينخوا)) ، إن المجتمع العراقي يواجه خطرا حقيقيا لا يقل أهمية عن خطر الإرهاب ، لأن آفة المخدرات بدأت تضرب فئة شباب المجتمع العراقي.
وأوضح أن أضرار المخدرات لا تقتصر على متعاطي المخدرات ، بل تؤدي إلى انهيار المجتمع من خلال زيادة العنف والقتل ، فضلا عن التفكك الأسري ، وبالتالي التدهور الاقتصادي والثقافي للمجتمع.
وأشار السعدي إلى أن "الاتجار بالمخدرات غالبا ما يرتبط بالعديد من أشكال الجريمة ، من بينها الإرهاب وغسل الأموال والفساد ، فضلا عن شبكات المهربين والمجرمين".
لقد أثرت سنوات من العنف الدموي والفقر والجهل والبطالة منذ عام 2003 بلا شك على أفراد المجتمع العراقي ، حيث ساد الجشع والانفلات الأمني ، مما أدى إلى إضعاف المجتمع وتفكك العديد من الأسر في مواجهة الضغوط السلبية وإغراءات المخدرات.
ويعتقد الطبيب النفسي أحمد محمد شاكر في مستشفى ابن رشد ،أن زيادة الإدمان أحد مظاهر تدهور نظام الأسرة في السنوات التي أعقبت الغزو الأمريكي عام 2003.
وأضاف أن أي عائلة تتكون أساسا من ثلاثة أركان الأب والأم والأبناء، موضحا أنه بسبب الحروب ونتائجها ، تفقد العديد من العائلات أحد هذه الركائز وبالتالي تنشأ المشاكل في هذه العائلات.
وقال شاكر لـ ((شينخوا)) "الأمر يزداد سوءا مع مرور السنين إذا لم يتم معالجة مشكلة تعاطي المخدرات ، فهذا سيؤدي إلى مشاكل مجتمعية ، بما في ذلك انتشار الإدمان".