بكين 22 مايو 2023 (شينخوا) اختتمت الصين ودول وسط وشرق أوروبا للتو معرضا رئيسيا للتجارة والتبادل التجاري في نينغبو بشرق الصين، مما أطلق العنان لإمكانات جديدة لتعاون عملي وعلاقات أكثر عمقا.
ويصادف هذا العام بداية العقد الثاني من التعاون بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا. ومنذ عام 2012، نمت تجارة الصين مع دول وسط وشرق أوروبا بمعدل سنوي متوسط قدره 8.1 في المائة، وزادت واردات الصين من دول وسط وشرق أوروبا بمعدل متوسط قدره 9.2 في المائة سنويا. وفي الربع الأول من هذا العام، سجل إجمالي التجارة البينية 33.3 مليار دولار أمريكي، بزيادة 1.6 في المائة سنويا.
وبعد أحد عشر عاما، تقدم التعاون الثنائي، لا سيما في إطار مبادرة الحزام والطريق، التي عززت التجارة وأحيت النمو وأطلقت آفاقا جديدة في جميع أنحاء المنطقة وخارجها من خلال زيادة الربط والتعاون.
-- مسارات نحو الازدهار
لطالما شعر الركاب والتجار والسياح بالإرهاق أثناء عبور الحدود من البوسنة والهرسك إلى جنوب كرواتيا على مدى عقود. إلا أن الجسر الذي تم افتتاحه في عام 2022 جعل تلك الرحلات المرهقة شيئا من الماضي.
ويربط جسر بيليساك، وهو أحد مشاريع البنية التحتية المهمة لكرواتيا من مبادرة الحزام والطريق، البر الرئيسي الكرواتي بشبه جزيرة بيليساك ضمن مقاطعة دوبروفنيك-نيريتفا الواقعة في أقصى جنوب البلاد، متجاوزا شريطا قصيرا من الأراضي التابعة للبوسنة والهرسك ويمنح كرواتيا وصولا أفضل إلى المنطقة. كما أنه يمثل معلما جديدا لزيادة إشراق آفاق العلاقات والتعاون بين الصين وكرواتيا والصين وأوروبا.
والآن يستغرق الأمر ثلاث دقائق بالسيارة لعبور المضيق إلى دوبروفنيك، وهي مدينة من العصور الوسطى تعرف تحت اسم "لؤلؤة البحر الأدرياتيكي". وما يجلبه الربط يتجاوز السياحة. فالتدفق التجاري الأكثر سلاسة يعني توليد الآلاف من فرص العمل المحلية، وهو أمر يشعر به الأفراد ورجال الأعمال وأصحاب المشاريع.
وقال دافور بيريتش، وهو مدير مشروع في مؤسسة الطرق الكرواتية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن أكثر من 1.5 مليون سيارة استخدمت الجسر الجديد حتى الآن، مضيفا "بالتالي، فالفكرة الأساسية من الجسر، الذي يظهر جليا أن السكان المحليين والشعب الكرواتي عموما كانوا في انتظاره منذ وقت طويل، هي ربط المنطقة".
وأضاف بيريتش أن "منطقة بيليساك، منطقة الجزء الجنوبي التي كانت مفصولة لفترة طويلة، شهدت نموا أيضا بسبب الجسر. وقد تزايد النشاط الاقتصادي في الآونة الأخيرة، ونعتقد أن جزءا من كرواتيا سيتطور بالتأكيد بشكل أسرع الآن بعد أن أصبح لديهم طرق جديدة إضافة إلى الجسر".
وفي المجر، يتقدم مشروع رائد آخر لمبادرة الحزام والطريق، وهو خط السكك الحديدية المجري الصربي الذي يربط بين العاصمة المجرية بودابست والعاصمة الصربية بلغراد، بسلاسة. ووقعت المجر وثيقة تعاون الحزام والطريق مع الصين في عام 2015، لتصبح أول دولة أوروبية توقع مثل هذا الاتفاق.
وقال إرنو بيتو، رئيس غرفة الاقتصاد المجرية الصينية، إنه "على مدى السنوات الـ10 الماضية، أصبحت المجر مركزا إقليميا للتمويل والسياحة والخدمات اللوجستية في وسط وشرق أوروبا في الصين بفضل مبادرة الحزام والطريق".
وذكر ليفينتي هورفاث، مدير مركز أوراسيا بجامعة جون فون نيومان في المجر، إنه يتطلع إلى لحظة الانتهاء من هذا المشروع حتى يتمكن المجريون من الاستفادة منه.
وفي عموم صربيا، خلقت الاستثمارات الصينية آلاف الوظائف في قطاعات مثل قطع غيار السيارات والتعدين والصلب والأثاث وغيرها، وفقا لوكالة التنمية الصربية.
وقالت رئيسة الوزراء الصربية آنا برنابيتش إن الجزء الخاص ببلغراد-نوفي ساد من خط السكك الحديدية فائق السرعة بين بلغراد وبودابست الذي تم إطلاقه قبل عام "يمثل نقطة تحول مهمة في مواصلة تطوير صربيا".
في اليونان، أثبت أكثر من 13 عاما من التعاون بين شركة "كوسكو" الصينية للشحن وميناء بيرايوس، الذي يعد الأكبر في اليونان، أنه حالة مثالية للتنمية المشتركة.
وقال أنطونيس أبيرجيس، المشرف على قسم الهندسة بمحطة حاويات بيرايوس، إنه بسبب المشروع، تم إنشاء وظائف جديدة، مما عزز فرص العمل في المنطقة المحيطة، مضيفا أن "الشركة ساعدت المنطقة الأوسع كثيرا، لأنه لو تذكرنا فأنها بدأت في فترة صعبة للغاية بالنسبة لليونان كنا قد شهدناها".
-- "حدودنا هي السماء"
وقال بيتر كوفانيك، وهو مالك شركة شوكولاتة مقرها براغ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مكان تم بناؤه حديثا من أجل معرض الصين ودول وسط وشرق أوروبا الذي اختتم للتو، إن "قاعدة العملاء هنا في الصين ضخمة. وأرى أن الناس متعطشون للحصول على معلومات حول الأطعمة عالية الجودة والمغذية، لذلك أرى إمكانات تسويقية هنا".
ومثل كوفانيك، فإن العديد من المصنعين والموزعين والمطلعين على الأعمال متفائلون بشأن فرص المبيعات والاستثمار المتنامية في الصين، والتي أصبحت ممكنة من خلال الخدمات اللوجستية المطورة في إطار مبادرة الحزام والطريق.
وقال لياكوس كونستانتينوس، وهو المؤسس المشارك لشركة هيلينيك أغورا للتجارة المحدودة، وهي شركة يونانية لاستيراد وتوزيع النبيذ في الصين، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "أكثر ما أثار إعجابي هو عملية وضع لصاقات النبيذ المستورد الأسرع من أي وقت مضى وشحنات المنتجات الأسرع من أي وقت مضى نظرا للبيئة اللوجستية الممتازة في الصين".
وأضاف "أنا متفائل جدا بشأن السوق الصينية. إذ يرتبط استهلاك الكحول ارتباطا وثيقا بالازدهار الاقتصادي. ومع استمرار نمو الاقتصاد الصيني، ستنمو أعمالنا أيضا".
وقال مصدّر النبيذ السلوفاكي بيتر ليسيكي إن "مبيعاتنا في الصين نمت بشكل مطرد، وتوسعت قنوات التصدير على الرغم من الوباء"، مضيفا أنه يرى إمكانات تسويقية كبيرة في الصين ويتوقع قاعدة مستهلكين أكبر، ربما في وسط الصين.
سابقا، كان نقل النبيذ إلى مدن الموانئ الصينية يعتمد على الشحن البحري. إلا أنه مع تطوير مبادرة الحزام والطريق والسكك الحديدية، يفكر العديد من تجار النبيذ في توسيع أعمالهم إلى مناطق أخرى داخل الصين.
وقال زدرافكو مارينكوفيتش، رئيس غرفة التجارة الخارجية في البوسنة والهرسك، إن "البوسنة والهرسك تتمتع بآفاق واسعة للتعاون مع الصين وغيرها من دول وسط وشرق أوروبا في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتحول الاقتصادي الأخضر والطاقة النظيفة. نحن نتطلع إلى المزيد من مشاريع التعاون في المستقبل".
وأفاد يو يوان تانغ، وهو مسؤول بوزارة التجارة الصينية، أن الصين ودول وسط وشرق أوروبا تضطلع بدور بالغ الأهمية في سلاسل الصناعة والتوريد العالمية كشركاء رئيسيين في مبادرة الحزام والطريق. فهي تظهر تكاملا اقتصاديا عاليا، وربطا سلسا، واستثمارات ديناميكية ثنائية الاتجاه.
وأكد زاهاري زاهارييف، وهو رئيس الجمعية الوطنية البلغارية للحزام والطريق، على "الفرص الهائلة" في التعاون في مجال الطاقة المتجددة مع الصين، وهي الرائدة في مجال الخلايا الكهروضوئية، معربا عن ثقته بأن هناك إمكانية لمزيد من التعاون مع الصين في مشروعات السلع العامة، مثل التخلص من النفايات والنقل والرعاية الطبية.
وقال بيتو، رئيس غرفة الاقتصاد المجرية الصينية، إن نية الصين زيادة الواردات من دول وسط وشرق أوروبا أمر بالغ الأهمية في ظل المشهد الاقتصادي العالمي الحالي.
وأشار بيتو إلى أن دول وسط وشرق أوروبا تدرك تماما أن فوائد مبادرة الحزام والطريق لن تسلم لهم على طبق من فضة وأنه يجب عليهم العمل معا بنشاط لتحقيق الازدهار.