دمشق 8 مايو 2023 (شينخوا) رأى خبراء ومحللون سياسيون في سوريا أن التغيير الجديد في الموقف والنهج العربي تجاه سوريا بعد أكثر من 12 عاما من الحرب في البلاد، يمكن أن يؤدي إلى تسريع التسوية السياسية للأزمة السورية، خاصة بعد عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
وقرر مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في اجتماع طارئ أمس (الأحد) بالقاهرة استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتبارا من السابع من مايو الجاري.
كما قرر تشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام للجامعة العربية لمتابعة تنفيذ بيان عمان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها وفق منهجية "الخطوة مقابل خطوة".
وأكد المجلس تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها وسلامتها الإقليمية.
كما أكد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على الخروج من أزمتها انطلاقاً من الرغبة في إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة على مدار السنوات الماضية.
ومنذ أواخر العام الماضي، بدأت رياح التغيير تهب على المنطقة بموجة من الأنشطة الدبلوماسية النشطة لإعادة سوريا إلى الحظيرة العربية، وغيرت دول الخليج خطابها تجاه سوريا بعد سنوات من العزلة وقطع العلاقات مع دمشق.
وكانت الإمارات العربية المتحدة في طليعة الدول التي بذلت جهودا لكسر الجليد بين سوريا والسعودية، ونجحت هذا العام في تحقيق انفراجة شهدت عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
كما كانت استعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية محور اجتماع الأسبوع الماضي بين وزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ومصر وسوريا في العاصمة الأردنية عمان.
وجاءت المحادثات في عمان في إطار مبادرة قادها الأردن من أجل تطبيع عربي مع سوريا، التي تم تعليق عضويتها في الجامعة في عام 2011.
وفي منتصف أبريل الماضي، عقدت دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعا وزاريا مماثلا في جدة بالسعودية، إضافة إلى الأردن ومصر والعراق لبحث الأوضاع في سوريا.
وبعد ثلاثة أيام من الاجتماع، قام وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، بزيارة إلى دمشق في أول زيارة لمسؤول سعودي إلى سوريا منذ 12 عاما، وبعد زيارة مماثلة لوزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى المملكة.
وإثر قرار استعادة مقعدها في الجامعة العربية، قالت وزارة الخارجية السورية في بيان إن القرار كان موضع اهتمام.
وأوضحت الوزارة أن "سوريا تابعت التوجهات والتفاعلات الإيجابية التي تجري حالياً في المنطقة العربية، والتي تعتقد أنها تصب في مصلحة كل الدول العربية، وفي مصلحة تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار لشعوبها"، وفق الإعلام الرسمي السوري.
وأضافت أنه "في هذا الإطار تلقت سوريا باهتمام القرار الصادر عن اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في دورته غير العادية على مستوى وزراء الخارجية (..) بخصوص استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها" اعتباراً من السابع من مايو الجاري.
وقرأ خبراء ومحللون سياسيون بسوريا التطور الجديد في الساحة العربية على أنه تحول إيجابي وحيوي في الموقف العربي تجاه سوريا.
وقال الخبير السياسي السوري أسامة دنورة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن التحول الجديد يشكل مرحلة جديدة في العمل العربي المشترك فيما يتعلق بالاعتراف العربي بالعوامل الحاسمة لمساعدة سوريا، مثل مكافحة الإرهاب ورفض التدخل الأجنبي، وكذلك التوصل إلى تسوية سياسية تدار من قبل السوريين.
وتابع دنورة أن "الدور العربي هنا من الممكن أن يكون مسهلا للوصول إلى حل سياسي، ومرحبا به إذا لم يكن هناك أي أجندة خارجية".
واعتبر أن الدور العربي الفاعل سيكون بداية جيدة لعلاقات اقتصادية واجتماعية وسياسية بناءة بين العرب أنفسهم وبين العرب ودول المنطقة الأخرى والعالم بشكل عام، ورأي أن المناخ الجديد سينقل المنطقة من حالة صدام إلى وضع مربح.
من جانبه، قال الخبير والكاتب السياسي السوري محمد العمري، لـ((شينخوا)) إن الدول العربية تبدو اليوم وكأنها ترمي خلافاتها وراء ظهرها وتشرع في حقبة جديدة من التفاهم والتوافق.
وتابع العمري "أعتقد أننا في النصف الثاني من آلية حل الأزمة السورية، واليوم عودة سوريا لجامعة الدول العربية لا تعني حل الأزمة السورية، ولكن من شأنها أن تسرع آليات الحل".
واعتبر "أن عودة سوريا لجامعة الدول العربية من شأنه أن يجفف منابع الإرهاب".
بدوره، قال الكاتب والصحفي السوري عماد سالم، لـ((شينخوا)) إن القرار العربي الأخير بعودة سوريا إلى الجامعة العربية يساهم في الإسراع في إيجاد تسوية للأزمة السورية.
وأوضح الكاتب السوري أن "التوافق العربي على عودة سوريا إلى مقعدها الشاغر في الجامعة العربية سيساهم في الإسراع في إيجاد تسوية للأزمة السورية التي بقيت تراوح في مكانها منذ أكثر من 12 عاما".
ورأى سالم "أن القرار جاء في وقته المناسب لردم الهوة بين بعض الدول العربية، وسيقطع الطريق على الدول الأخرى التي ستحاول التدخل في الشؤون العربية".