أجرى ممثلو الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 6 مايو الجاري حوارًا سياسيا في مدينة جدّة السعودية، لمناقشة قضية وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في السودان. وبحسب البيان المشترك الصادر عن السعودية والولايات المتحدة في وقت سابق يوم 6، فإن الحوار لا يتطرّق إلى مناقشة وقف الحرب.
في هذا الصدد، قال دينغ لونغ، الأستاذ في معهد الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، إنه "بالنسبة للطرفين اللذين يرغبان في تقرير نتيجة الحرب في ساحة المعركة ، فإن وقت التفاوض لايزال غير ناضج في الوقت الحالي". لكن دينغ لونغ نبّه إلى ذلك قد يدفع نحو إطالة أمد الحرب.
ويرى دينغ لونغ، إن القوات الحكومية السودانية تتمتع بمزايا نسبية على مستوى القوة العسكرية والفعالية القتالية، والأسلحة والمعدات. بينما تتمتع قوات الدعم السريع بخبرة قتالية ميدانية ووفرة التمويل ودعم خارجي قوي. وهو مايرجّح بأن الحل لن يكون سريعا، وأن الصراع يتجه إلى أن يصبح طويل الأمد.
وينبّه دينغ لونغ، إلى أن طول أمد الصراع قد يجلب ثلاثة أنواع من المخاطر: أولا، الكارثة الإنسانية، حيث يشهد عدد ضحايا الحرب السودانية ارتفاعا مستمرّا، نتيجة للأسلحة الثقيلة المعتمدة من طرفي الصراع. وكانت وزارة الصحة السودانية قد أعلنت في 2 مايو الجاري، بأن الصراع قد تسبب في مقتل 550 شخصًا وإصابة 4926 بجروح. ومنذ اندلاع الصراع في 15 أبريل الماضي، دخلت المستشفيات المحلية إلى مايشبه حالة شلل، وأصبح السكان يفتقرون إلى الرعاية الطبية الأساسية. كما اشتد النقص في الغذاء والوقود والمواد الأخرى في العديد من الأماكن.
ثانيا، يواجه الفارون من الحرب صعوبات متعددة. حيث قدّرت الأمم المتحدة مؤخرًا أن 100 ألف شخص قد فروا من السودان حتى الآن. كما أن حوالي 860 ألف لاجئ سوف يفرون من السودان قبل أكتوبر من هذا العام. وصرحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الرابع من سبتمبر بأنها تخطط لتقديم المساعدة اللازمة للاجئين الفارين من السودان والتي من المتوقع أن تكلف 445 مليون دولار أمريكي.
وقال باتريك جوزيف، المدير الإقليمي لأفريقيا لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 5 مايو الجاري، إن الدول المجاورة للسودان هي بالفعل في وضع هش، وقد استضافت عددًا كبيرًا من اللاجئين. مشدّدا على أنه من الأهمية بمكان ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الفارّين من الحرب في السودان.
ثالثا، هناك خطر إمتداد ألسنة لهيب الحرب السودانية إلى الدول المجاورة. حيث يعتقد دينغ لونغ أن موقع السودان كدولة متاخمة للبحر الأحمر، وجسرا بين شمال وشرق إفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إلى جانب وجودها في "القرن الأفريقي"، يجعل منها بلدا ذي تأثير إقليمي ودولي كبير. وفي حال تدهور الوضع أكثر في السودان، فقد تصبح الموانئ نقاط استهداف، الشيء الذي سيلحق ضررا شديدا بمنطقة شرق إفريقيا والقرن الإفريقي.
وذكّر دينغ لونغ بأن الوضع الأكثر خطورة هو أن تقوم دول المنطقة بتحويل السودان كميدان للحرب بالوكالة. وفي صورة ما إستغلت القوى الإقليمية المتنازعة طرفي الصراع في السودان للحرب بالوكابة فإن الوضع سيصبح أكثر تعقيدًا. غير ان دينغ لونغ، قال بأنه لا توجد مؤشرات واضحة حتى الان على أن الحرب الاهلية في السودان ستتحول الى صراع إقليمي.
يذكر أن عدة دول تحاول في الوقت الحالي الوساطة بين طرفي الصراع في السودان من أجل وقف إطلاق النار. حيث صرح المتحدث باسم جامعة الدول العربية يوم 4 مايو الحالي، أن وزراء خارجية الدول العربية سيعقدون اجتماعا في القاهرة في 7 من الشهر الجاري لبحث الحرب السودانية. ويعتقد دينغ لونغ أن هذا يعني بأنه لايزال هناك أمل في السلام في السودان.