20 إبريل 2023/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ التقى الرئيس السوري بشار الأسد بوزير الخارجية السعودي الزائر فيصل بن فرحان في 18 أبريل بدمشق. وهي أول زيارة لوزير خارجية سعودي إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. قبل ذلك، وتحديدا في 12 أبريل، أدّى وزير الخارجية السوري فيصل مقداد زيارة إلى المملكة العربية السعودية وأجرى محادثات مع نظيره السعودي، وكانت أيضا أول زيارة لوزير خارجية سوري إلى السعودية منذ 12 عامًا.
ورأى خبراء أن سوريا قد تمكنت من تحقيق اختراق دبلوماسي واضح مع الدول العربية منذ بداية العام الحالي. حيث قام بشار الأسد في نهاية شهر فبراير الماضي بزيارة إلى عُمان، وأعرب خلالها عن رغبته في "إنهاء الحرب، واستعادة النظام، ووحدة دول المنطقة، والعودة إلى الأسرة العربية الكبيرة".
وخلال الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا في 6 فبراير الماضي، قامت عدة دول عربية وشرق أوسطية بمد العون إلى سوريا. مما فتح المزيد من قنوات التواصل وسرّع عملية إعادة العلاقات بين سوريا والدول العربية.
وفي مارس الماضي، توصلت السعودية وإيران إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بوساطة صينية. وقامت الحكومة السورية على الفور بتهنئة كل من السعودية وإيران، ودعت الدول العربية إلى الوحدة واستغلال الفرصة لإجراء مشاورات رفيعة المستوى مع إيران والعراق لتعميق التعاون الإقليمي واستقرار المخاطر الأمنية في إطار الآلية الرباعية.
بعد ذلك، سافر بشار إلى الإمارات العربية المتحدة والتقى مع محمد بن زايد. وعقب الاجتماع صرح بن زايد بأن سوريا تعد حجر الزاوية في الأمن الإقليمي. وبأنه قد حان وقت عودة سوريا إلى الأسرة العربية، بعد إنفصال دام سنوات.
وفي الأول من أبريل زار وزير الخارجية السوري العاصمة المصرية القاهرة للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، حيث اتفق الجانبان على تعميق التعاون في مجالات الدبلوماسية والاقتصاد. وخلال الفترة ذاتها، كشفت وسائل إعلام أجنبية أنباء عن اتصالات سورية بالسعودية. واعتبر المراقبون ذلك حدثا رمزيا على كسر سوريا للحصار الدبلوماسي المفروض عليها من الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة منذ ما يزيد عن 10 سنوات.
هذه التطورات الدبلوماسية الأخيرة في الدبلوماسية السورية، لا تعكس ريح التغيرات الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط من المصالحة العراقية السورية فحسب، ولكنها تعبر أيضا عن تغيير نقاط الارتكاز في النظام الإقليمي.
وفيما يتعلق بالوضع الأمني الإقليمي، سواء كان إرهابًا أو حروبًا "بالوكالة"، كانت سوريا تمثل محور الأحداث في الشرق الأوسط خلال السنوات العشر الماضية. وبعد استقرار الوضع الداخلي، بدأت سوريا شيئا فشيئا تتخلّص من حصار الدول الغربية وتحصل على المزيد من الدعم من دول المنطقة.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى سوريا، قد تطرقت إلى دعوة بشار الأسد لحضور قمة الجامعة العربية في مايو المقبل. ولذلك، من المتوقع أن يجتمع جميع قادة الدول العربية الـ 22 لأول مرة منذ أكثر من 10 أعوام. في هذا الصدد، قال المتحدث باسم جامعة الدول العربية جمال رشدي، إن عودة سوريا المتوقعة سيدفع نحو وحدة الجامعة.
ويرى خبراء أن جميع الأطراف في الشرق الأوسط قد أدركت أن الوضع الأمني المضطرب في سوريا والشرق الأوسط لا يخدم مصلحة أي طرف، بل سيزيد من سوء التقدير وتقويض التنمية.
لكن من جهة أخرى، أربكت رياح المصالحة في الشرق الأوسط حسابات الولايات المتحدة وإسرائيل. حيث صرحت الولايات المتحدة علنًا عن عدم ترحيبها بالتقارب بين عُمان والإمارات العربية المتحدة من جهة وسوريا. كما حاولت الولايات المتحدة الضغط على المملكة العربية السعودية ودول أخرى من أجل عرقلة التقارب مع سوريا. في الوقت نفسه، اتهمت الولايات المتحدة الحكومة السورية بارتكاب "فظائع في حقوق الإنسان وجرائم حرب"، مما أثار استياء الدول المعنية في المنطقة. في المقابل، أعربت المملكة العربية السعودية ومصر ودول أخرى على أنها ستحافظ على استقلال سياساتها الخارجية.
في الأثناء، صعدت إسرائيل من غاراتها الجوية على دمشق، الأمر الذي أثار إدانة من المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول العربية. في حين لازمت الولايات المتحدة وبقية الدول الغربية الصمت الجماعي. مما أظهر مرة أخرى التعامل الغربي بازدواجية المعايير. فيما واصلت إسرائيل شن ما لا يقل عن خمس غارات جوية في سوريا منذ مارس.
ويرى خبراء، أن الضغوط الغربية بقيادة الولايات المتحدة، والعلاقات المعقدة بين إسرائيل والدول العربية، والصراعات التقليدية المتأصلة في المنطقة، ستشكل متغيّرات الوضع في سوريا وكامل منطقة الشرق الأوسط.