عززت الصين بنشاط عملية المصالحة في الشرق الأوسط خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تواصل عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني تشين قانغ مع نظيريه الفلسطيني رياض المالكي والإسرائيلي إيلي كوهين يوم 17 إبريل الجاري، مؤكداً أن الصين مستعدة للعب دور إيجابي في الاستئناف المبكر لمحادثات السلام بين إسرائيل وفلسطين. وفي اليوم نفسه، قال قنغ شوانغ، نائب المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة، إن الصين تأمل في أن تتخذ جميع الأطراف في اليمن خطوات جوهرية نحو تسوية سياسية للقضية اليمنية في أقرب وقت ممكن.
كما قال تشين قانغ خلال المحادثة التي أجراها مع رياض المالكي، إن تصعيد الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وتصاعد التوترات في الآونة الأخيرة، لفت انتباه الصين، التي دفعت بمجلس الأمن لإجراء مشاورات والتواصل عن كثب مع المجتمع الدولي لمحاولة تهدئة الوضع. كما أن الصين تدين بشدة الأقوال والأفعال التي تنتهك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتدعم فلسطين وإسرائيل لاستئناف محادثات السلام على أساس "حل الدولتين" في أقرب وقت ممكن، وهي مستعدة للعب دور إيجابي في هذا الصدد.
وأعرب المالكي عن تقديره الشديد لموقف الصين الواضح تجاه القضية الفلسطينية، وشكر الصين على دعمها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره الوطني وإقامة الدولة المستقلة، ورحب بجميع الجهود التي تبذلها الصين.
كما أجرى تشين قانغ محادثة هاتفية مع نظيره وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، قال فيها إن الصين قلقة من التوتر الحالي بين إسرائيل وفلسطين، والأولوية القصوى هي السيطرة على الوضع للحيلولة دون تفاقم النزاعات أو الخروج عن نطاق السيطرة، ويجب على جميع الاطراف التزام الهدوء وضبط النفس، ووقف الاعمال الاستفزازية والمتطرفة. مضيفاً، أن المخرج الأساسي هو استئناف محادثات السلام وتنفيذ "حل الدولتين". كما أكد تشين قانغ أنه لم يفت الأوان للعمل بشكل الصحيح، فالصين تشجع إسرائيل وفلسطين على إبداء الشجاعة السياسية واتخاذ خطوات لاستئناف محادثات السلام، كما أنها مستعدة لتوفير البيئة المناسبة والمريحة لذلك.
قال كاتب عمود بجريدة الأهرام المصرية في مقابلة صحفية مع صحيفة " غلوبال تايمز"، إن وزير الخارجية الصيني بادر بالاتصال بنظرائه من فلسطين وإسرائيل، مشيرا إلى أن الصين مستعدة للتوسط في الصراع بين فلسطين وإسرائيل. وأضاف أن "التحرك الصيني سيدفع نحو التخفيف من حدة الوضع المعقد في الشرق الاوسط، وجعل الصراع بين فلسطين وإسرائيل يتطور باتجاه حله من خلال المفاوضات السلمية".
شهدت العديد من الدول العربية تحركات جديدة في المصالحة الدبلوماسية منذ إعلان السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية في بكين. وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في 17 إبريل الجاري، عن أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد تبادلا الدعوة لزيارة بلديهما. وفي نفس اليوم ، أعلن تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، عن أنه وفقًا لمبادرة إنسانية اقترحتها المملكة العربية السعودية، أطلق التحالف متعدد الجنسيات سراح 104 من مقاتلي الحوثي اليمنيين الأسرى، وانتهت عملية تبادل الاسرى بين قوات التحالف المتعددة الجنسيات وقوات الحوثي المسلحة.
قال قنغ شوانغ، نائب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة في الاجتماع المفتوح لمجلس الأمن بشأن اليمن في 17 إبريل الجاري، إن الوضع الأمني في اليمن أصبح متوتراً بشكل متزايد في الآونة الأخيرة. وتدعو الصين جميع أطراف النزاع، وخاصة الحوثيين، إلى الحفاظ على الهدوء وضبط النفس، وتجنب القيام بأعمال استفزازية تضر بالثقة المتبادلة وتخلق التوتر، وتجنب المزيد من تدهور الوضع الأمني، وتوفر الظروف المواتية لتسوية سياسية للقضية اليمنية.
"يبدو أن الحرب في اليمن على وشك الانتهاء". علق الموقع الإخباري على الإنترنت "الانترسبت" يوم 18 إبريل الجاري، أن المثير للدهشة هو الدور الواضح للصين في هذه العملية، ويعتقد تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي في معهد كوينسي للحوكمة المسؤولة، أن "بايدن وعد بإنهاء الحرب في اليمن، لكن بعد عامين من رئاسته، ربما تكون الصين قد أوفت بهذا الوعد". وذكرت شبكة "inews" الإخبارية البريطانية، أنه بعد أن توسطت بكين في إعادة العلاقات بين السعودية وإيران في 10 مارس، يدعم كلا العدوين الإقليميين الآن الهدنة في اليمن.
وحول سبب استمرار الصين في لعب دور في التوسط في قضية الشرق الأوسط، قال مدير مركز الدراسات الأفغانية بجامعة لانتشو تشو يونغ بياو، إنه من المنظور الذاتي، فإن مبادرة الأمن العالمية، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الحضارة العالمية، ومفهوم مجتمع مصير مشترك للبشرية التى طرحتها الصين، وعالم متعدد الأقطاب دعوة أقرب الى قيم دول الشرق الأوسط وفهمها للشؤون الدولية. ومن منظور الإجراءات العملية، قدمت الصين مثالاً يحتذى به في قضية الشرق الأوسط، وقضية أفغانستان، والقضية الروسية الأوكرانية، حيث أظهرت موقفًا موضوعيًا ومحايدًا.
كما اشار تشو يونغ بياو، إلى أن الوضع الدولي الحالي معقد، وتفاقم مخاطر مختلفة، ولدى جميع الدول مخاوف مشتركة. وفي ظل هذه الخلفية، تتوق الدول إلى السعي لتحقيق الاستقرار والتنمية، اللذين يلعبان بشكل موضوعي دورًا مهمًا في تعزيز محادثات الصين. بالإضافة إلى ذلك، فإن موقف الصين وحلولها ومواقفها تتعارض بشكل صارخ مع مواقف الولايات المتحدة، ما يجعل الصين قادرة على لعب دور أفضل.