الصفحة الرئيسية >> العالم

تحليل إخباري: تحولات إيجابية في الشرق الأوسط مدعومة بالرغبة في الحد من الدور الأمريكي في الإقليم

/مصدر: شينخوا/   2023:04:18.09:32

القاهرة 17 أبريل 2023 (شينخوا) رأى محللون سياسيون مصريون أن منطقة الشرق الأوسط تشهد تحولات جذرية وأجواء إيجابية لتحقيق المصالحة وتطوير العلاقات بين دولها في إطار الواقعية السياسية، مما سيساعد على حل بعض أزمات المنطقة ويؤثر إيجابا على الأمن والاستقرار فيها.

وتوصلت السعودية وإيران مؤخرا بوساطة صينية إلى اتفاق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ أكثر من سبع سنوات.

بينما أعلنت قطر والبحرين إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد اجتماع عقد الأربعاء الماضي في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالرياض، وذلك بعد نحو عامين من توقيع السعودية ومصر والإمارات والبحرين على اتفاق العلا للمصالحة مع قطر.

وقررت تونس وسوريا أيضا إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما وتبادل السفراء، فيما استقبلت دولة الإمارات الرئيس السوري بشار الأسد، واستقبلت كل من مصر والسعودية والجزائر وزير خارجية سوريا فيصل المقداد، وهي زيارات تعزز الانفتاح العربي على دمشق بعد عزلة أكثر من 10 سنوات.

في حين زار وزير خارجية مصر سامح شكري أنقرة الخميس الماضي، بعد نحو شهر من زيارة نظيره التركي مولود جاويش أوغلو للقاهرة، لمواصلة المباحثات الخاصة بتطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة، التي تحسنت علاقاتها بالسعودية والإمارات.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن الشرق الأوسط يشهد في الوقت الحالي تحولات حقيقية وتطورات إيجابية عنوانها الواقعية السياسية والسعي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة.

وأضاف فهمي لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الشرق الأوسط الآن يمر بمرحلة من السيولة السياسية والاستراتيجية والأمنية لا تقتصر فقط على العلاقات الراهنة بين دوله خصوصا بعد التقاربات التي حدثت بين بعض الدول العربية وغيرها.

وأوضح أن هذه التطورات شملت الدول الرئيسة في الإقليم مثل مصر وتركيا وإيران والسعودية وإسرائيل ما سيؤثر بطبيعة الحال على سياق الشرق الأوسط.

ورأى الخبير المصري أن هناك أسبابا رئيسية وراء التحولات الإيجابية في الشرق الأوسط منها "أولا: ارتدادات الأزمة الروسية الأوكرانية، ثانيا: فشل خيار الحل العسكري في الإقليم بعد أن استمر لسنوات طويلة دون ثمار، وثالثا: خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الساحة السياسية بالإقليم وعودة روسيا لشغل موقعها في إطار نظام عالمي متعدد الأقطاب بالإضافة إلى الدور الصيني الكبير والمتصاعد".

وأشار إلى أن فشل ثورات الربيع العربي ربما تكون أحد الأسباب المباشرة لهذه التحولات بصورة أو بأخرى.

وتابع أن هذه التحولات إيجابية تمضي في إطار من المصالحة والمصارحة ومحاولة تفكيك عناصر الأزمة بين دول الإقليم، وستؤدي إلى تغيرات عميقة في بنية النظام الشرق أوسطي خصوصا أن خيار استخدام القوة العسكرية في التصدي للأزمات فشل وأصبحنا أمام مراحل جديدة لعمليات استيعاب للأطراف المعارضة.

ومع ذلك، أوضح فهمي أن هذه التحولات لن تمتد إلى النزاعات التاريخية الكبيرة مثل الصراع العربي الإسرائيلي لكنها ستمتد إلى الملفات الخاصة بأمن دول الخليج واليمن وسوريا، بالإضافة إلى التعامل مع التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة.

وأكد أن هذه التحولات الإيجابية سيكون لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وستنتج سيناريوهات متعددة مرتبطة بمحاولة استيعاب فاعل إقليمي مثل إيران في السياق العربي بعد استئناف العلاقات مع السعودية.

واستطرد أن العلاقات الجيدة بين السعودية وإيران ستؤثر بشكل إيجابي على اليمن، والعلاقات المصرية التركية ستؤثر على اليونان وقبرص وليبيا.

واعتبر أن هذه التحولات فرصة لإعادة ترتيب المنطقة التي تعمل دولها الآن وفقا لمبدأ المصالح المشتركة والمتبادلة وانطلاقا من الواقع السياسي والاستراتيجي الجديد.

وأردف أن هذه التحولات مدعومة برغبة الدول العربية والإقليمية في إخراج الولايات المتحدة الأمريكية من الساحة وهذا يفسر لنا لماذا تعيد أمريكا ترتيب أولوياتها وحساباتها في الشرق الأوسط في الفترة الراهنة.

ونوه بأن واشنطن تحاول عرقلة هذه التحولات فهي تعترض على عودة سوريا للجامعة العربية وترفض التقارب المصري التركي والتقارب السعودي الإيراني وما تنفذه السعودية من تحولات إقليمية عميقة وتنويع مصادر تحالفاتها مع الصين وروسيا.

ولفت إلى أن واشنطن تتخوف من تبعات ما يجري في الإقليم والذي قد يشجع دول أخرى على اتباع النهج السعودي ومواجهة التحديات الأمريكية التي أبقت الشرق الأوسط أسيرا لخلافات وتجاذبات كثيرة خلال الفترة الماضية.

من جهته قال الدكتور محمد صادق أسماعيل مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية إن ما يحدث في المنطقة العربية والشرق الأوسط بشكل عام من تحولات إيجابية هو إعادة ترتيب للمواقف العربية حيال القضايا المختلفة.

ومن أسباب هذه التحولات، حسبما أوضح أسماعيل لـ ((شينخوا))، الأزمة الأوكرانية الروسية التي أثبتت عدة أمور أبرزها ما يتعلق بتعدد الأقطاب في النظام العالمي، بالإضافة إلى أن الدول العربية أصبحت تنظر في علاقاتها مع الأطراف الخارجية لمسألة تعظيم الموارد والاستفادة القصوى من العلاقات.

وأضاف أن تأثير هذه التحولات على المنطقة العربية سيكون جيدا فعودة الدفء للعلاقات بين الدول العربية سوف يكون أمرا حاسما جدا وإيجابيا في الأزمة السورية، كما أن استئناف العلاقات السعودية الإيرانية سيكون له مردود إيجابي على الأزمة اليمنية.

ورأى أن هذه التفاعلات الجيدة من شأنها الحفاظ على أمن دول الخليج العربي الذي يمثل البعد الأكثر أهمية في الأمن القومي العربي.

وتوقع أسماعيل حدوث المزيد من المصالحات بين دول الشرق الأوسط وهذا اتجاه عربي من أجل لم الشمل العربي مرة أخرى، واعتقد أننا سنرى في القمة العربية المقبلة في السعودية عودة سوريا للجامعة العربية.

بدوره وصف الدكتور مختار غباشي الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات السياسية ما يحدث حاليا في الشرق الأوسط بأنه "حالة فوران وإرهاصات نتيجة إعادة تموضع القوى الإقليمية والدولية على الساحة العالمية وما يحدث بين أمريكا وروسيا والصراع داخل الساحة الأوكرانية".

وقال غباشي لـ ((شينخوا))، إنه "من الطبيعي أن تذهب علاقات الشرق الأوسط ناحية الإصلاح لأن آليات تعامل العالم العربي مع القوى الإقليمية والدولية كانت خطأ وأيضا آليات التعامل العربي مع بعضه كانت خطأ والذي يتم الآن هو تصحيح لهذا المسار وإعادة صياغة العلاقات من جديد بشكل يحقق مصلحة العالم العربي".

وأردف أن العالم العربي أدرك أنه من الأهمية أن يكون له علاقات جيدة مع تركيا وإيران باعتبارهما دولتين إقليميتين متداخلتين في الكثير من قضايا العالم العربي ولهما أدوات كثيرة في هذه المنطقة.

ورأى أن هذه التحولات ستعود بشكل إيجابي على الأمن القومي العربي وستساعد في حلحلة الكثير جدا من القضايا وعلى رأسها ليبيا وسوريا واليمن وستساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

صور ساخنة