غزة 28 مارس 2023 (شينخوا) تمر أيام شهر رمضان ثقيلة على جمانة الأشقر (44 عاما) وعائلتها من مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة الذين يعانون من فقر مدقع حرمهم من طقوس الشهر المبارك.
ويصوم المسلمون نحو 13 ساعة يوميا في شهر رمضان، الذي يعد أقدس الأشهر في التقويم الإسلامي فيما تهتم ربات البيوت بتحضير وجبات الإفطار، بالإضافة إلى الحلويات والعصائر الرمضانية.
لكن يبدو أن مثل هذه التقاليد السنوية مجرد نسج من الخيال بالنسبة لجمانة وعائلتها المكونة من 10 أفراد الذي يعانون فقرا مدقعا منذ سنوات طويلة عقب تعرض زوجها (المعيل الوحيد لهم) لحادث فقد على إثره وظيفته في عام 2010.
وتقول جمانة بينما تجلس داخل منزلها المتواضع لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن العائلة منذ 13 عاما تعيش ظروف صعبة وقاهرة وانقلبت حياتها رأسا على عقب لأنها فقدت مصدر الدخل الوحيد.
وتضيف السيدة المكلومة أنها استطاعت بعد محاولات عديدة استمرت 3 أعوام في الوقت الحصول على مساعدة بقيمة 500 دولار أمريكي من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية كل 3 أشهر.
وعلى الرغم من أن المساعدة المالية بالكاد تساعد جمانة في تلبية متطلبات عائلتها، إلا أنها لم تتسلمها منذ نحو نصف عام بسبب عدم تحويلها جراء الوضع المالي الصعب للسلطة الفلسطينية، ما منعها من الاستعداد لشهر رمضان كما تفعل العائلات الأخرى.
ومع بداية شهر رمضان حصلت جمانة على بعض المال من أقاربها وجيرانها، إلا أنها اقتصرت في مشترياتها على المواد الغذائية الأساسية مثل الخضروات والأرز والسكر والشاي دون شراء لحوم.
وتقول جمانة إن الأسواق في قطاع غزة تشهد ارتفاعا ملحوظا في أسعار جميع السلع وخاصة الدجاج حيث تبلغ تكلفة شراء 3 دجاجات 25 دولارا أمريكيا تكفي لعدد أفراد عائلتها الكبيرة.
وتضيف السيدة بعد تنهيدة طويلة "لم أستطع تحمل تكلفة طهي دجاج لعائلتي منذ ستة أيام متتالية وبدلاً من ذلك، أعددت أطباق من اللحوم الحمراء المجمدة المستوردة من إسرائيل كبديل أرخص".
ولا يختلف الحال بالنسبة للحاجة إنصاف دوحان (64 عاما) وهي أم لسبعة أبناء من مدينة غزة التي تعيش ظروفا مشابهة ولم تتلق منذ أكثر من 4 أشهر راتبها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية.
وتقول دوحان التي يتواجد بالقرب منها زوجها طريح الفراش لـ ((شينخوا)) إن العائلة "ليس لديها أي مصدر آخر للدخل لأن زوجي رجل مسن ومريض ولذلك اعتمد على الشوربة والأرز لإعداد مائدة الإفطار اليومي".
وتضيف السيدة التي بدا على وجهها البؤس واغرورقت عيناها بالدموع أنها "لا تستطيع الطهي كل يوم في شهر رمضان وغيره لأننا لا نملك ما يكفي من المال لشراء المكونات الأساسية للأطباق في ظل ارتفاع الأسعار بالنسبة لنا".
تعيش كل من جمانة وإنصاف في منزلين صغيرين متهالكين بالكاد يمكن العيش فيهما بسبب الرطوبة وتآكل الجدران جراء العوامل المناخية.
في المقابل بدا الوضع أفضل لدى ختام إبراهيم (39 عاما) وهي أم لأربعة أطفال التي تعمل موظفة في إحدى المؤسسات الخاصة وتتقاضى شهريا 400 دولار أمريكي مقابل عملها.
لكن ختام إبراهيم تعاني أيضا من عدم قدرتها على شراء كافة الاحتياجات الخاصة بالعائلة لإحياء طقوس رمضان بسبب غلاء الأسعار في الأسواق المحلية بحسب ما تقول لـ ((شينخوا)).
وتقول ختام بينما يلتف حولها أطفالها "في الماضي، كان راتبي كافيا بالنسبة لي لإعداد وجبات اللحوم، بالإضافة للحلويات ثلاث مرات أسبوعيا، لكن الآن لا يمكنني توفيرها إلا مرة واحدة".
وتشكو الشابة من أن أسعار البضائع تضاعفت في قطاع غزة دون معرفة أسباب ذلك ما يؤثر سلبا على العائلات أصحاب الدخل المحدود في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها القطاع بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض.
ويعزو تجار في قطاع غزة ارتفاع الأسعار ناجم عن الضرائب والرسوم الجديدة التي فرضتها وزارة الاقتصاد التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مؤخرا على أنواع مختلفة من البضائع المستوردة إلى القطاع الساحلي.
وقال هاني الريفي تاجر فواكه وخضروات لـ ((شينخوا))، إن "الضرائب على البضائع المستوردة وغيرها وصلت إلى 120 في المائة، وهذا يزيد من أعباء كل من التجار والزبائن في نفس الوقت".
ويضيف الريفي أن التجار في القطاع تكبدت "خسائر فادحة بسبب الضرائب الجديدة، ما دفعهم إلى زيادة الأسعار على الزبائن لتحقيق بعض الأرباح حتى لو كان ذلك على حساب تقليل المواطن شراء احتياجاته.
في المقابل نفت وزارة الاقتصاد على لسان الناطق باسم أدهم البسيوني فرض أي رسوم ضريبية على المنتجات المستوردة، مشيرا إلى أن الرسوم تأتي في إطار حرص الوزارة على سلامة المنتج الذي يقدم لسكان القطاع.
وقال البسيوني في تصريح صحفي إن الوزارة تحرص على أن تكون أسواق قطاع غزة المنتجات فيها مطابقة لمواصفات الصحة العامة، وكان لازما على الوزارة أن تدفع باتجاه تحقيق فحص كامل للشحنات الواردة من خارج قطاع غزة.
وأكد أن كافة المنتجات المحلية داخل قطاع غزة معفاة من رسوم الفحص، مشيرا إلى أن الوزارة فرضت سابقا رسوما لكل طن من السلع وهو ما اعترض عليه بعض التجار ولاحقا جرى بعض التفاهمات أفضت بمساهمة الوزارة بنسبة 70% من رسوم الفحص و30% يتحملها التاجر.
وبلغت معدلات الفقر بين سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نحو 64 %، بينما وصلت معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى 70 %، كما بلغت معدلات البطالة 50 % وصلت بين صفوف الشباب 75 % ، بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية صدرت نهاية العام الماضي.