القاهرة 28 فبراير 2023 (شينخوا) أكد خبراء مصريون أن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى كل من سوريا وتركيا، من شأنها أن تفتح الباب لاستئناف العلاقات بين القاهرة وكل من دمشق وأنقرة، بعد نحو 10 سنوات من القطيعة، بما يرسخ أمن واستقرار المنطقة، ويعزز التعاون الاقتصادي والتجاري بينهم.
وقام شكري أمس (الاثنين) بزيارة سوريا التقى خلالها بالرئيس بشار الأسد ووزير خارجيته فيصل المقداد، كما قام بزيارة تركيا والتقى بنظيره مولود جاويش أوغلو، حيث حمل شكري خلال الزيارتين رسالة تضامن وتآزر مع البلدين في مواجهة أثار الزلزال المدمر الذي تعرضا له، وذلك بالتزامن مع وصول كميات كبيرة من المساعدات المصرية إليهما.
وأعربت مصادر دبلوماسية لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن توقعاتها بأن يقوم وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو بزيارة القاهرة خلال وقت قريب للبناء على الأجواء الودية التي خلقتها زيارة شكري، بما يعجل من استئناف العلاقات بين البلدين.
وجاءت زيارة شكري لسوريا غداة زيارة المستشار حنفي الجبالي، رئيس مجلس النواب المصري، والذي يعد أول مسؤول مصري رفيع المستوى يزور سوريا منذ 2011، حيث وصل الجبالي أمس الأول (الأحد) إلى دمشق ضمن الوفود المشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي، الذي قرر في مؤتمره الـ 34 ببغداد، تشكيل وفد لزيارة سوريا، تأكيدا على الوقوف إلى جانبها.
وقطعت العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة ودمشق في أعقاب تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية منذ 12 نوفمبر من العام 2011 على خلفية الأزمة السورية.
وأجرى الرئيس السيسي أول اتصال هاتفي له على الإطلاق مع نظيره السوري بشار الأسد في أعقاب الزلزال الذي تعرضت له سوريا مؤخرا، معربا عن تضامنه الكامل مع بلاده، وتقديم كافة أوجه العون والمساعدة.
فيما شهدت العلاقات بين مصر وتركيا توترا شديدا منذ الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في العام 2013، والذي كانت أنقرة تؤيده بشدة.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في نوفمبر الماضي في أعقاب لقاء جمع الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان، في قطر، إن أنقرة والقاهرة قد تعيدان تعيين سفيريهما بشكل متبادل في الأشهر المقبلة في إطار جهود تطبيع العلاقات الثنائية.
وأكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الدكتور حامد فارس، أن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى سوريا وتركيا، تأتي في إطار دور مصر الريادي والمحوري في الشرق الأوسط، وسعيها المستمر إلى حلحلة الأزمة السورية.
وقال فارس لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن هناك قناعة مصرية بأن المقاطعة العربية لسوريا لن تستمر إلى ما لا نهاية، وأن الأمن القومي العربي يحتم ألا تترك سوريا فريسة لقوى إقليميه ودوليه تستغلها كورقة ضغط في بعض الملفات الأخرى.
وأوضح أن مصر تسعى من خلال سياساتها المتزنة ورؤيتها الإستراتيجية إلى العمل على تصفير المشاكل في المنطقة العربية وحلها بما يتوافق مع صون الأمن القومي العربي.
وفيما يتعلق بالعلاقات المصرية - التركية، أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أن الكوارث الطبيعية صنعت وفعلت ما لم تستطيع السياسة فعله، حيث قرب زلزال فبراير المسافة بين القاهرة وانقره وفتح مسارات جديدة بين الدولتين، بعد قطيعة استمرت لنحو 10 سنوات.
ولفت إلى أن هناك ملفات مصرية - تركية مشتركه تحتاج إلى التوافق بين الدولتين والعمل سويا على حلها وبالتالي فان هذه الزيارة ليست مهمه للبلدين فقط ولكنها مهمه للمنطقة كلها، خاصه وأن تركيا تسعى بكل قوتها إلى استعادة العلاقات مع مصر، مشيرا إلى عقد أكثر من جولة مباحثات استكشافية للعمل على إيجاد أرضيه مشتركه تكون دافعة لإذابة الجليد وتلطيف الأجواء لإحداث نقلة نوعيه في العلاقات بين البلدين وصولا إلى التطبيع الكامل بعد فتره طويلة من الجمود السياسي.
وشدد على أن العلاقات المصرية السورية التركية في طريقها إلى انفتاح حقيقي قائم على رغبه وإرادة سياسية مشتركة في توفير البيئة الملائمة لنسج شراكات سياسية واقتصادية تكون دافعا للعمل المشترك بما يحقق مصالح شعوب المنطقة.
ومن جانبه، أكد أبوبكر الديب مستشار المركز العربي للبحوث والدراسات والباحث في العلاقات الدولية، أن الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا مثل فرصة سانحة للغاية لعودة العلاقات المصرية - التركية وكذلك عودة العلاقات المصرية - السورية إلى سابق عهدهما.
وشدد الديب لوكالة أنباء ((شينخوا)) على أن زيارة وزير الخارجية المصري، إلى كل من سوريا وتركيا، زيارة مهمة جدا ليس لمصر وتركيا وسوريا فقط، بل للمنطقة كلها بعد سنوات من الخلاف، ومن شأنها أن تصب في صالح الاستقرار الإقليمي.
وقال إن الزلزال قرب المسافة بين القاهرة وكل من أنقرة ودمشق، حيث بادرت مصر بتقديم المساعدات العاجلة للمتضررين بالبلدين وبدأت الاتصالات بمكالمة هاتفية بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب اردوغان والسوري بشار الأسد ثم زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لأنقرة، مشيرا إلى أنه من شأن هذا التقارب استئناف العلاقات الدبلوماسية وما يترتب على ذلك من مضاعفة التبادل التجاري والاستثماري بين الدول الثلاث.
وأشار إلى حدوث قفزة كبيرة في العلاقات الاقتصادية وحجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا خلال عام 2021 حيث ارتفعت الواردات والصادرات بين البلدين بمقدار الثلث، أي ما يعادل 1.6 مليار دولار إضافية في حجم التجارة بين البلدين وقد زاد معدل النمو في التبادل التجاري بين مصر وتركيا بمقدار 32.6 بالمائة في 2021، وهو ما يمثل طفرة في صادرات مصر إلى تركيا وزيادة صادرات مصر لتركيا بـ 70.63 بالمائة في 2021 لتصل إلى 2.9 مليار دولار.
وأوضح الديب أن 200 شركة تركية تعمل الآن بمصر بحجم استثمارات تصل إلى 2 مليار جنيه (الدولار يساوي 30.42 جنيه)، متوقعا زيادة عدد الشركات ونسبة الاستثمارات خلال الفترة المقبلة.
وتنظر تركيا على أن مصر تعتبر بلدا مهما للغاية للمصدرين والمستثمرين الأتراك وذلك لمكانتها الاستراتيجية التي اكتسبتها من موقعها الجغرافي وعدد سكانها البالغ 104 ملايين نسمة.
ونوه إلى أن التقارب المصري - التركي يفتح المجال للتوسع في الاستثمارات وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، مثلما أدى استئناف العلاقات المصرية - القطرية إلى ضح الدوحة استثمارات بمصر تصل إلى 36 مليار دولار، فضلا عن مضاعفة التبادل التجاري.
ولفت مستشار المركز العربي للبحوث والدراسات والباحث في العلاقات الدولية، إلى رغبة الجانب التركي في عودة العلاقات مع مصر، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤخرا بدء مسار جديد مع مصر وتعاون يبدأ من الوزراء وينتهي بتطبيع علاقات كاملة.