رام الله 28 فبراير 2023 (شينخوا) استبعد محللون ومراقبون فلسطينيون تنفيذ مخرجات الاجتماع الخماسي في مدينة العقبة الأردنية الساعي لخفض التوتر بين الفلسطينيين وإسرائيل مع استمرار اتساع الفجوة في مواقف الجانبين.
وتزامنا مع اجتماع العقبة يوم (الأحد) قتل إسرائيليان في هجوم بإطلاق نار في بلدة حوارة جنوب نابلس، وعقب الحادثة قام مستوطنون بهجوم انتقامي غير مسبوق على عدة قرى في المدينة ما أدى إلى مقتل فلسطيني وإصابة العشرات وحرق منازل ومركبات.
وأمس (الاثنين) قتل إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية في إطلاق نار على مركبة في شمال منطقة البحر الميت قرب مدينة أريحا.
ويقول المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن اجتماع العقبة الذي يعد الأول من نوعه منذ توقف آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في نهاية مارس العام 2014، جاء في توقيت غاية بالصعوبة نظرا لما تمر فيه الأراضي الفلسطينية من إجراءات إسرائيلية تقابل بردود فعل فلسطينية.
وانعقد الاجتماع بدعوة أردنية وحضور مسؤولين في السلطة الفلسطينية وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والأردن ومصر.
وقال بيان مشترك صدر عقب الاجتماع إن الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أكدتا استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية الجانب لمدة 3 إلى 6 أشهر.
لكن فور صدور البيان نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجميد البناء الإسرائيلي في الضفة الغربية، مؤكدا أن "البناء والتنظيم في يهودا والسامرة (الاسم الذي تطلقه إسرائيل على الضفة الغربية) سيستمر وفقا لجدول التخطيط دون أي تغيير، ولن يكون هناك تجميد".
في المقابل، رد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ على موقف نتنياهو بأن القرار الفلسطيني بشأن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل "لا يزال ساريا" حتى الآن، منتقدا تصريحات نتنياهو باستمرار الاستيطان والهجمات الإسرائيلية رغم الجهود الدولية للتهدئة.
-- أهداف الاجتماع
ومنذ بداية العام الجاري، تصاعدت حدة التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة الغربية والقدس الشرقية ما أدى إلى مقتل 65 فلسطينيا برصاص إسرائيلي، مقابل مقتل 13 شخصا في إسرائيل نتيجة هجمات فلسطينية، بحسب إحصائيات رسمية فلسطينية وإسرائيلية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض إن السلطة الفلسطينية أرادت من خلال اجتماع العقبة إبقاء الباب مفتوحا مع الإدارة الأمريكية في ظل ما تتعرض له من ضغوط، بينما إسرائيل أرادت "دفع تحقيق الهدوء المجاني في الضفة الغربية".
ويعتبر عوض أن أي اتفاق في اجتماع العقبة، لا يستطيع أحد أن يعطي قرارا بالهدوء بينما الشارع ملتهب في ردوده، وإسرائيل لا تلتزم بوقف إجراءات اقتحامات المدن ومصادرة الأراضي وقتل الفلسطينيين واقتطاع أموال الضرائب الفلسطينية.
وتابع أن عدم كبح جماح إجراءات الحكومة الإسرائيلية من قبل المجتمع الدولي والتي تصاعدت أخيرا بشكل متزايد يعني استمرارا في عدوانها على الشعب الفلسطيني وتزايد دوامة العنف يوميا، مشيرا إلى أن برنامج الحكومة الحالية يريد حسم الصراع بالقوة ومنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
-- إسرائيل تتهرب من التزاماتها
من جهته، يقول مدير مركز ((مسارات)) للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة "قبرت" الالتزامات المترتبة عليها ولا بد من جهد دولي كبير ليعيدها للحياة.
ويضيف أن ما تشهده الأراضي الفلسطينية حاليا ليس تصعيدا وعنفا بين طرفين متكافئين بل بين احتلال يمارس كل أنواع العدوان وشعب تحت الاحتلال.
ويدلل المصري على ذلك بأن بيان اجتماع العقبة لم يتحدث عن تجميد الاستيطان وإنما وقف مناقشة إقامة وحدات جديدة لأن الحكومة الإسرائيلية أقرت الشهر الجاري بناء مئات الوحدات وشرعنة بؤر استيطانية، بالإضافة إلى عدم وجود أي إشارة لوقف الاقتحامات والاغتيالات وهدم المنازل والتضييق على الأسرى الفلسطينيين، وبالتالي لا يمكن في ظل هذا تحقيق السلام.
وسيطرت إسرائيل على الضفة الغربية في العام 1967 وأقامت عليها المستوطنات، التي تعتبر مخالفة للقانون الدولي، ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسة لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين العام 2014.
-- ضعف بالموقف الأمريكي الوسيط
وكان اجتماع العقبة عقد عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لإسرائيل والضفة الغربية قبل نحو ثلاثة أسابيع أكد خلالها على الدعوة للتهدئة في الأراضي الفلسطينية وعلى حل الدولتين كأساس لحل الصراع.
واعتبر عصمت منصور المختص بالشأن الإسرائيلي أن نتائج الاجتماع الخماسي في العقبة يثبت بما لا يدع مجالا للشك بضعف الموقف الأمريكي وأن الإدارة الأمريكية لم تعد قادرة على طرح أي مشروع سياسي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ويرى منصور أن ضغط الإدارة الأمريكية لعقد اجتماع العقبة جاء في ظل حالة القلق من انفجار الأوضاع، وفي المقابل لم تضع اي التزامات أمنية وسياسية على إسرائيل بل أبقت الحديث مقتصرا على صيغ فضفاضة بشأن وقف الاستيطان واقتحام المدن في الضفة الغربية وعدم معالجة أسباب التوتر.
ويستبعد منصور نجاح مخرجات الاجتماع الخماسي في العقبة وتطبيق ما تم الاتفاق عليه "إذ لا يوجد أدوات لإلزام إسرائيل وضبط تصرفات جيشها وجماعات المستوطنين التي تتصاعد يوميا، ما يجعل الساحة مفتوحة لتصعيد أكبر في الأيام القادمة".