رام الله / غزة / القدس 26 فبراير 2023 (شينخوا) اتفق مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون في ختام اجتماع هو الأول من نوعه منذ أعوام عقد اليوم (الأحد) في مدينة العقبة الأردنية على "خفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف".
وتزامنا مع الاجتماع قتل إسرائيليان في عملية إطلاق نار في بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية عصر اليوم، بحسب ما أفادت مصادر فلسطينية وإسرائيلية.
وجاء الاجتماع الذي عقد على مدار 8 ساعات متواصلة في العقبة التي تبعد 328 كم جنوب عمان بدعوة أردنية وحضور مسؤولين كبار من الولايات المتحدة الأمريكية والأردن ومصر في ظل توقف آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في نهاية مارس العام 2014.
وضم الوفد الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ ورئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية ماجد فرج والمستشار الدبلوماسي للرئيس الفلسطيني مجدي الخالدي والناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة.
أما الوفد الإسرائيلي فترأسه مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي ويرافقه رئيس الشاباك رونين بار ومنسق أعمال الحكومة في مناطق السلطة الفلسطينية غسان عليان ومدير عام وزارة الخارجية رونين ليفي.
وقال بيان مشترك صدر عقب الاجتماع بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) إنه بعد مناقشات شاملة وصريحة أعلن المشاركون عن تأكد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم.
وأضاف البيان أن الجانبين جددا التأكيد على ضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف، مشيرا إلى أن الأطراف الخمسة المجتمعة أكدت على أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس قولا وعملا دون تغيير، وشددوا على الوصاية الهاشمية.
وتابع البيان أن الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أكدتا استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية الجانب لمدة 3-6 أشهر، ويشمل ذلك التزاما إسرائيليا بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر.
وأشار إلى أن الأطراف الخمسة اتفقت على الاجتماع مجددا في مدينة شرم الشيخ المصرية في مارس المقبل لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، لافتا إلى أن المشاركين اتفقوا أيضا على دعم خطوات بناء الثقة، وتعزيز الثقة المتبادلة بين الطرفين من أجل معالجة القضايا العالقة من خلال الحوار المباشر.
وأوضح البيان أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي سيعملان بحسن نية على تحمل مسؤولياتهم في هذا الصدد، مشيرا إلى أن الأردن ومصر والولايات المتحدة تعتبر هذه التفاهمات تقدما إيجابيا نحو إعادة تفعيل العلاقات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتعميقها، وتلتزم بالمساعدة على تيسير تنفيذها وفق ما تقتضيه الحاجة.
وشدد المشاركون بحسب البيان على أهمية لقاء العقبة وهو الأول من نوعه منذ أعوام واتفقوا على مواصلة الاجتماعات وفق هذه الصيغة، والحفاظ على الزخم الإيجابي، والبناء على ما اتفق عليه لناحية الوصول إلى عملية سياسية أكثر شمولية تقود إلى تحقيق السلام العادل والدائم.
وأثارت المشاركة الفلسطينية في الاجتماع الخماسي ردود أفعال متباينة.
واعتبر نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) صبري صيدم، أن المشاركة الفلسطينية في اجتماع العقبة جاءت في إطار تطمينات دولية وعربية بأن الاجتماع سيفضي إلى "لجم العدوان الإسرائيلي بالكامل".
وقال صيدم في بيان إن القيادة مع أي تحرك من شأنه "وقف استباحة الدم الفلسطيني ووقف كامل الخطوات الإسرائيلية أحادية الجانب بما فيها بناء المستوطنات، واقتحام المدن والمقدسات وعدم الالتزام بالمواثيق الدولية والمقررات الأممية".
لكن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) نددت بمشاركة السلطة الفلسطينية بالاجتماع، معتبرة إياه "خروجا عن الإجماع الوطني الفلسطيني واستهتارا بدماء الشهداء ومحاولة مكشوفة لتغطية جرائم الاحتلال المستمرة وضوء أخضر لارتكابه المزيد من الانتهاكات ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا".
وطالبت الحركة في بيان السلطة الفلسطينية بالتوقف عن هذا "المسار غير المجدي والعبثي وعدم الرضوخ للإملاءات الصهيوأمريكية التي تسعى لإدامة الاحتلال على أرضنا، على حساب حقوقنا الوطنية المشروعة".
كما دعا البيان السلطة إلى "وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال وأجهزته الأمنية بلا رجعة".
كما أعلن عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي خالد البطش رفض حركته وجميع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة باستثناء حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، لاجتماع العقبة.
وقال البطش في بيان تلاه خلال مؤتمر صحفي عقب مؤتمر طارئ دعت له الفصائل في غزة إن "مشاركة السلطة الفلسطينية في لقاء العقبة هو تجاوز وطني خطير لكل الأعراف الوطنية في ظل جرائم الاحتلال المستمرة في الضفة وغزة والقدس".
بدوره قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رمزي رباح إن المشاركة في اجتماع العقبة يشكل "اختراقا للموقف الفلسطيني الساري منذ أعوام وهو عدم الدخول بمفاوضات مع الاحتلال".
وذكر رباح خلال مؤتمر صحفي عقد في رام الله أن خطورة المشاركة الفلسطينية "تكمن في التركيز على القضايا الأمنية وممارسة ضغوط كبيرة على الفلسطينيين للدخول في مفاوضات مع الاحتلال حول ما يسمى بالأعمال الأحادية".
كما دعا الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي لتعزيز المقاومة الشعبية، مؤكدا أن الموقف الفلسطيني الموحد هو السبيل الأمثل "لمواجهة الاحتلال والخروج من الدوامة التي يسعى لإيصالنا لها".
وقال الصالحي خلال المؤتمر إن الموقف الفلسطيني يجب الاستناد لقرارات المجلسين الوطني والمركزي التي تؤكد على أن الصراع هو بين "شعب محتل وقوة احتلال، وهو الأساس الذي قامت عليه كافة الاتفاقيات التي تعد قائمة منذ فترة طويلة جراء ممارسات الاحتلال وسياسته".
وجاء الاجتماع في أعقاب مقتل 11 فلسطينيا خلال عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في نابلس يوم (الأربعاء) الماضي ما آثار ردود فعل فلسطينية غاضبة وإطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة وانتقادات إقليمية ودولية.
وقتل منذ بداية العام الجاري 64 فلسطينيا في الضفة الغربية وشرق القدس برصاص إسرائيلي وهو "الأكثر دموية" منذ عام 2000 على الأقل بحيث لم يتم تسجيل هذا العدد من القتلى خلال شهري يناير وفبراير في الأعوام الـ22 الماضية بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
في المقابل قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموترتيش "ليس لدي أي فكرة عما تحدثوا عنه أو لم يتحدثوا عنه في الأردن سمعت عن هذا المؤتمر غير الضروري من وسائل الإعلام، لكنني أعرف شيئا واحدا لن يكون هناك تجميد للبناء والتطوير ولو ليوم واحد هذا من اختصاصي".
وأضاف سموترتيش وهو وزير ثان في وزارة الدفاع في بيان صدر عنه تعقيبا على الاجتماع، أن الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل "لمكافحة الإرهاب" في جميع المناطق الفلسطينية دون أي قيود.
كما اعتبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بحسب ما نشرت الإذاعة العبرية العامة عنه أن ما حصل في مدينة العقبة الأردنية من "اتفاقات سيبقى في الأردن".
بدوره قال داني دانون عضو الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي عن حزب الليكود في بيان إن حكومة إسرائيل "تقدم جائزة للإرهاب وتتفق مع السلطة الفلسطينية على تجميد الاستيطان والمس به في ذات اليوم الذي وقعت فيه عملية دموية ... هذا عار".
وردا على ذلك قال يائير لابيد رئيس المعارضة الإسرائيلية في تغريدة عبر موقعه على (توتير) "لا يجوز لإسرائيل أن ترسل ممثلا رسميا رفيعا عنها لقمة أمريكية يتم فيها التوصل لاتفاقيات، ثم يغرد وزراء كبار ضدها هذه ليست حكومة، هذه فوضى خطيرة".
من جانبه نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم تجميد البناء الإسرائيلي في الضفة الغربية على خلاف ما تعهد به مسؤولون إسرائيليون خلال اجتماع أمني مع نظرائهم الفلسطينيون في الأردن.
وقال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه "بخلاف ما يتم تداوله، سيستمر البناء والتنظيم في يهودا والسامرة (الاسم الذي يطلقه اليهود على الضفة الغربية) وفقا لجدول التخطيط والبناء، دون أي تغيير، ولن يكون هناك تجميد".