تشانغتشون 30 نوفمبر 2022 (شينخوا) لا تستطيع دوان ليان رو أن تذكر كم مرة قابلت "ملكة جمال التصوير" في سجلات الصور الملتقطة بالأشعة تحت الحمراء، والتي كما قالت دوان إنها رائعة وقد زاد وزنها قليلا في الأيام المنقضية وتبدو أنها تتمتع بصحة جيدة.
تقصد دوان بـ"ملكة التصوير" النمرة البالغة من العمر 3 أعوام، فهي تتميز بعدم وجود نمط ألوان على مخلبها الأمامي الأيسر ولكن توجد ثلاثة أنماط ألوان مستديرة على بطنها، بذلك يمكن لدوان دائما التعرف عليها بلمحة واحدة.
أما السيدة دوان فهي متخصصة، عمرها 36 عاما، تعمل في مركز البحث العلمي والرصد التابع لمصلحة مدينة هونشون (في مقاطعة جيلين شمال شرقي الصين) الفرعية التابعة لمديرية الحديقة الوطنية للنمور والفهود بشمال شرقي الصين، ولديها وظيفة خاصة جدا، هي إصدار "بطاقات الهوية" للنمور السيبيرية.
وقالت دوان "الأنماط اللونية على النمور فريدة من نوعها مثل بصمات أصابعنا البشرية ولا تتغير أبدا"، مشيرة إلى سجلات التصوير للنمور السيبيرية على شاشة كمبيوتر، وأضافت "لذا فيمكن تمييز النمور المختلفة بناء على موقع أنماط الألوان على أجسامها وطولها وعرضها ولونها وشكلها".
النمور السيبيرية، المعروفة أيضا باسم نمور الآمور، أو باسم النمور بشمال شرقي الصين، تعيش بشكل رئيسي في أقصى شرقي روسيا وشمال شرقي الصين، حيث يُعتقد أن حوالي 500 نمر سيبيري فقط تعيش في البرية، باعتباره واحد من أكثر أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض في العالم.
لحماية هذه القطط الكبيرة واستعادة نظام البيئة الطبيعية، أنشأت الصين الحديقة الوطنية للنمور والفهود بشمال شرقي الصين على مساحة تزيد عن 14000 كيلومتر مربع تمتد بين مقاطعتي جيلين وهيلونغجيانغ في شمال شرقي الصين.
وأظهرت أحدث البيانات أن عدد النمور السيبيرية البرية في الحديقة قد تجاوز 50 نمرا.
كما قال فنغ لي مين، نائب مدير مركز الرصد والبحوث للنمور السيبيرية وفهود الآمور التابع للهيئة الوطنية للغابات والمراعي "يستمر عدد هذه الثدييات في النمو والتوسع. ويمكن الآن رصد النمور في جميع الجبال في مدينة هونتشون بمقاطعة جيلين، والتي تقع في المنطقة المحورية من الحديقة الوطنية".
وعلى الرغم من أن أعمال مراقبة ورصد النمور السيبيرية أصبحت أسهل بدرجة كبيرة بفضل استخدام الوسائل التكنولوجية المتقدمة، إلا أن الكثير من الأعمال لا تزال تحتاج إلى التدقيق اليدوي.
كما قالت دوان "نظرا لأن النمور لا تمشي دائما على طول مسار كاميرات الأشعة تحت الحمراء التي وضعناها، فلا يمكننا أن نحدد ما إذا كانت سجلات التصوير لهذه الكاميرات تنتمي إلى نفس الحيوان إلا عندما نحصل على أنماط الألوان على الجانبين الأيسر والأيمن من جسم النمر".
وقالت "يمكننا التعرف على النمر خلال يوم واحد في بعض الأحيان، وخلال ستة أشهر أو سنة في أحيان الأخرى".
أوضحت دوان، وهي مسؤولة توزيع "بطاقات الهوية" للقطط الكبيرة، أن هذه البطاقات تحمل معلومات كثيرة، بما في ذلك أنماط الألوان، وأماكن الأنشطة المتردد عليها، والسلاسل الغذائية، وسلوكيات التكاثر، مما يوفر البيانات الأساسية للبحث العلمي وأعمال الحماية.
ويذكر أنه تم تثبيت أكثر من 5000 كاميرا ذكية تعمل بالأشعة تحت الحمراء في جزء الحديقة الذي تعمل فيه دوان. لذا فعليها أن تراجع يوميا مئات الصور الملتقطة بالكاميرات لتراقب نشاطات النمور السيبيرية. ثم تسجل الصور بعد إكمال أعمال مراجعتها ومقارنتها بصبر واحدة تلو الأخرى. ومن ثم، أصبحت دوان خبيرة وتستطيع الآن أن تتعرف تمام المعرفة على أنماط الألوان لعشرات النمور السيبيرية.
على الرغم من أن دوان لا تصعد الجبل لإنجاز عملها، إلا أنها تعرف كل زاوية وركن للحياة هنالك.
كما قالت "هناك نمر سيبيري أصيب بجرح في معركة ما، وفقد عينه، وأصبح له "عينا واحدة"، لكنه لا يزال يقوم بجولاته اليومية في الجبال ويصطاد ببراعة، لذلك نحن معجبون به كثيرا".
واستطردت دوان أن "ملكة جمال التصوير" هي النمرة صاحبة أكبر عدد من الصور. وقد شاهدتها دوان في سجلات التصوير تقريبا خلال كل مراحل حياتها، منذ أن كانت شبلة ثم الوقت الذي أصبحت فيه بالغة لتنفصل عن والدتها، إلى أن أصبحت الآن "فتاة كبيرة" جاهزة للتزاوج هذا العام.
وإلى جانب أعمال "إصدار بطاقات الهوية" للنمور، كانت دوان ترسم أيضا "شجرة النسب" لعائلات النمور السيبيرية المسجلة. وأصبحت هذه الأعمال لها أهمية علمية أكبر، تزامنا مع تزايد عدد عائلات "القطط الكبيرة" المستقرة في الحديقة.
قالت مديرية الحديقة الوطنية إن 33 في المائة من أشبال النمور السيبيرية نجت حتى سن البلوغ في هذه المنطقة قبل إنشاء الحديقة، ولكن معدل البقاء على قيد الحياة للأشبال يصل إلى أكثر من 50 في المائة حاليا.
وأكدت أن هناك العديد من العلماء والآلاف من الحراس المتجذرين في الجبال للحديقة الوطنية، يعملون معا لإعادة بناء "موائل ملك الغابات".
وأضافت دوان "أعتقد أن ما أقوم به له معنى، وأنني آمل أن يتمكن للبشر والحيوانات البرية أن تتعايش في وئام وأن تصبح الطبيعة أكثر جمالا".