عقد وزراء خارجية الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند في 18 فبراير الجاري، مؤتمرا عبر الهاتف. وقالت وكالة أنباء كيودو اليابانية، أن الدول الأربع أجمعت على معارضتها القوية "لمحاولة الصين استعمال القوة في تغيير الوضع الراهن في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي بشكل أحادي."
في هذا الصدد، قال هو بو الخبير في قضايا بحر الصين الجنوبي أن آلية "الحوار الأمني الرباعي" بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند تهدف إلى "الحفاظ على نظام مفتوح وحر بين المحيطين الهندي والهادئ، وخاصة النظام البحري"، وهذا قد شمل منذ البداية المخاوف المشتركة بشأن بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي. ومع ذلك، فإن الدول الأربع لديها مخاوف وسياسات مختلفة فيما يتعلق بالقضايا البحرية المتعلقة بالصين في هاتين المنطقتين البحريتين.
وأشار هو بو إلى أن الهدف الأساسي لسياسة الولايات المتحدة بشأن القضايا البحرية المتعلقة بالصين هو الحفاظ على موقعها المهيمن. مما يجعلها تنظر إلى تنامي القدرات الصينية تهديدا لها. وترسل الولايات المتحدة آلاف طائرات الاستطلاع ومئات السفن الحربية إلى المياه المجاورة للصين كل عام. في المقابل تتهم الصين بمحاولة اخراجها من بحر الصين الشرقي، وتثير صخبا قويا على أي نشاط عسكري للصين في هذا البحر.
من جهة أخرى، هناك خلافات بين اليابان والصين حول بعض القضايا، مثل جزر دياويو وترسيم حدود بحر الصين الشرقي. لذلك، فإن اليابان من مصلحتها كسب دعم الولايات المتحدة والهند وأستراليا. كما يجعل التطور السريع للقوة البحرية الصينية اليابان أكثر اندفاعا نحو هذا النوع من "التحالفات". وهو السبب الذي دفع الجانب الياباني للاسراع في الحديث عما أسماه بالإجماع بعد الحوار الرباعي. ويذكر أن اليابان قد زادت اهتمامها بقضايا بحر الصين الجنوبي خلال السنوات الاخيرة وكثفت من أنشطتها العسكرية داخله.
أما أستراليا، فلطالما لعبت دور "نائب شرطي" منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وبموجب ذلك، أعطت لنفسها الحق في الاهتمام بشؤون آسيا والمحيط الهادئ بما في ذلك بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي. وتتبع بشكل تام مختلف السياسات الأمريكية تجاه القضايا البحرية المتعلقة بالصين. وهذا يعود إلى أن أستراليا لم تثق منذ تأسيسها بأي دولة كبرى في آسيا، وظلت مواقفها يطبعها الغرور الغربي.
وفيما يتعلّق بالهند، فهي أكثر الدول التي تفرض قيودًا على الحرية البحرية في العالم. ومنذ أن أولتها استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ الأمريكية مكانة هامة، تزايدت خلال السنوات الأخيرة أصواتها حول القضايا البحرية المتعلقة بالصين، لكن حدّتها ظلت أقل من أمريكا واليابان واستراليا.
لذلك، وعلى الرغم من أن الدول الأربع غالبًا ما تدعي "الحفاظ على نظام دولي قائم على القواعد" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ولديها اجماع عام حول بعض القضايا، ولكن أهدافها وقدراتها متباينة بشكل كبير. حيث تعد الولايات المتحدة القوة الوحيدة في العالم التي لديها من القوة والرغبة، ما يجعلها تعمل على احتواء الصين في البحرين الصينين الشرقي والجنوبي. وتشكل اليابان تحديًا قويًا للصين في بحر الصين الشرقي، وتلعب استراليا دور المتعاون مع الحلفاء. بينما يبقى دور الهند في قضايا البحرية الصينية محدودا، ويقتصر على مستوى الدبلوماسية والرأي العام. كما لا يزال التنسيق بين الدول الأربع حول قضايا بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي في الوقت الحالي عند مستوى الدبلوماسية والرأي العام. ومن غير المرجح أن يتم تشكيل تحالف كبير على المدى القصير.
تحتاج الصين إلى إيلاء أهمية أكبر للتحالف بين "الدول الأربع"، ودراسة الإجراءات المضادة والاستجابة بطريقة فعّالة، لكن الأمر لا يدعو بعد إلى القلق والتوتر. وتظل الصين تواجه صعوبات دولية كبيرة أمام بناء بحرية قويّة. ولا شك في أن آلية الدول الأربع ستفاقهم هذه المصاعب، لكن الصين اليوم لم تعد صين ما قبل مائة عام، والعالم اليوم لم يعد ذلك العالم الذي كان قبل قرن.