أعلنت الصين في 1 أبريل من العام الحالي عن تأسسيس منطقة شيونغآن الجديدة، ما جعل هذه المنطقة تتحول إلى مركز أهتمام الأوساط العالمية. حيث وصفت بأنها تمثل "السيليكون فالي المستقبلي في الصين"، و"بداية التحولات" و"الطاقة الحيوية التي تدفع بهامش أكبر من التنمية".
رغم أن منطقة شيونغآن لاتزال مكانا غامضا بالنسبة للأغلبية. لكن في نظر وسائل الإعلام الأجنبية المهتمة بالصين، تعتبر هذه المنطقة "مشروع الألفية" و"الحدث الوطني الكبير"، ورأى فيها المراقبون مستقبل التنمية والإزدهار في الصين. في هذا السياق، قالت وكالة "بلومبرغ نيوز"، بأن هذه الخطوة التي قامت بها الحكومة الصينية ستدفع بتنمية قطاع الخدمات والتكنولوجيا العالية. أما صحيفة "دير شبيغل" فقد أشارت إلى أن شيونغآن ستصبح مثالا جديدا لنموذج التنمية. في ذات الصدد، ذكر بنك الاستثمار الدولي مورغان ستانلي، أن منطقة شيونغآن ستجذب إستثمارات ضخمة وعددا كبيرا من السكان، حيث بإمكانها دفع نمو الاستثمارات للصين بـ 0.3 نقطة مئوية سنويا. ودفع نمو الناتج المحلي بـ 0.13 إلى 0.19 نقطة مئوية.
لكن، مالذي يدفع بالمراقبين إلى التفاؤل بمستقبل شيونغآن؟ صحيفة "الفايناشيل تايمز" البريطانية، ترى أن منطقة شيونغآن ستستوعب المحاولات الصينية السابقة، وتستفيد من التجارب الماضية. حتى وهي لاتزال في طور التخطيط، فإن التجارب الصينية الناجحة في مسيرة الإصلاح، تلهم الأوساط الأجنبية روح التفاؤل والثقة في تطور منطقة شيونغآن.
حققت الصين العديد من المعجزات العالمية على مدى 40 عاما من مسيرة الإصلاح والإنفتاح. ومن بين التجارب التي لفتت الإنتباه، كانت التجارب الناجحة للمناطق الإقتصادية. في هذا الصدد، قالت مجلة "الاكونوميست" البريطانية أنه من بين أكثر من 4000 منطقة إقتصادية خاصة في العالم، كانت "شنجن" هي الأكثر تفوقا بين بعض النماذج الناجحة. ولاشك أن المنطقة الإقتصادية بشنجن، ومنطقة بودونغ الجديدة بشنغهاي، قد إمتلكتا رمزية فريدة في مسيرة التنمية الإقتصادية الصينية. حيث تمكنت شنجن من قيادة النمو الإقتصادي في التكتلات الحضرية لدلتا نهر اللؤلؤة، وأثارت موجة عاتية من الإصلاح في الصين. أما منطقة بودنغ الجديدة بشنغهاي، فقد إتجهت نحو بناء نموذج عالمي، وضخت دماءا جديدة في مسيرة الإصلاح الصينية، من خلال قيادة التنمية بالتكتل الحضري لدلتا نهر اليانغتسي. لاحقا، أصبحت مناطق التجارة الحرة في شنجن وشنغهاي مثالا للتطبيق بالنسبة للعديد من المناطق الصينية الأخرى.
تعبر منطقة شيونغآن عن إستمرار عملية الإصلاح ونافذة جديدة لتعزيز الإبتكار في الصين. لكن لاشك في أن شيونغآن التي تعد مولود القرن الـ21 ستختلف كثيرا عن شنجن وبودنغ نظرا لفارق الزمن. وهنا ترى وسائل الإعلام الأجنبية، أن منطقة شيونغآن لن تكون نسخة مطابقة لشنجن أو بودونغ، بل ستركب موجة تطور الصناعة الفائقة والخدمات في الصين. وتفتتح نموذجا جديدا لتطور المناطق الإقتصادية والمدن.
يعود تفاؤل الأوساط العالمية بمستقبل شيونغآن أيضا إلى ثقتها في روح الإصلاح لدى الصين. فمن شنجن إلى بودونغ، وإلى شيونغآن، كان وراء كل قصة نجاح إرادة صينية قوية في الإصلاح. كما تركت جرأة الصين على تعميق الإصلاح والدخول في المياه العميقة وكسر العظام الصلبة منذ إنعقاد المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي أنطباعا عميقا لدى العالم.
في الوقت الذي يعرف فيه العالم أزمة ركود، وتتعطل فيه قوة الإصلاح في الدول الغربية. قامت الصين منذ الجلسة العامة الثالثة للمؤتمر الثامن عشر إلى الجلسة العامة السادسة بوضع 616 مهمة إصلاح. شملت مجالات الإقتصاد والسياسة، والثقافة والمجتمع والبيئة. ويمكن القول ان الصين تعد رائدة الإصلاح في العالم، وهو مايمكنها بإستمرار من ضخ قوى جديدة في الإقتصاد العالمي. في هذا الصدد، قالت صحيفة "صباحية الإتحاد" السنغافورية، بأنه لاتوجد أي دولة أخرى يمكنها أن تضاهي الصين في مدى وعمق الإصلاح.
تعبر منطقة شيونغآن عن مرحلة تاريخية جديدة تدخلها الصين. ولاشك أنها ستعمل على تحقيق إختراقات كبيرة على مستوى "الإبتكار" و"التنمية المتناسقة"، لتتحول إلى قاطرة جديدة للإصلاح والتنمية في الصين، وتقدم مفاجئة صينية جديدة للعالم.