بكين 28 يونيو 2016 /قال مؤسس ورئيس منتدى دافوس كلاوس شواب إن الثورة الصناعية الرابعة بقدر ما تتضمن فرصا وإمكانيات، فإنها تحمل أيضا تحديات ومخاطر للإنسان والمجتمعات، مؤكدا في الوقت نفسه دور الصين في قيادة الأسواق الناشئة لاستقبال العصر الحديث ومواجهة التحديات.
قال شواب ذلك خلال منتدى دافوس الصيفي الذي اختتم اليوم (الثلاثاء ) في مدينة تيانجين الصينية في حضور نحو 1700 سياسي ومدير أعمال وباحث وممثل إعلامي من أكثر من 90 دولة تحت عنوان "الثورة الصناعية الرابعة- قوة التحول".
-- مزايا وفوائد غير مسبوقة
وقال مؤسس المنتدى كلاوس شواب إن الثورة الصناعية الرابعة، التي ازدهرت على أساس الثورة الصناعية الثالثة المتمثلة في تطور تكنولوجيا الكمبيوتر والإنترنت ، ستربط العلوم الفيزيائية أو المادية بالرقمية والبيولوجية.
وأضاف إن الثورة الصناعية الرابعة تتميز بثلاث مميزات، الأولى هي سرعة تطورها بمعدل النمو الأسى بدلا من معدل النمو الخطي، حيث أن التكنولوجيا الحديثة تدفع دائما تطور وظهور تكنولوجيا أحدث وأقوى. فعلى سبيل المثال، ظهر هاتف آي فون عام 2007، وأصبح منتشرا في الشوارع والأحياء، وحتى نهاية عام 2015، بلغ عدد الهواتف الذكية 2 مليار جهاز في أنحاء العالم.
وتابع شواب قائلا: "أما الميزة الثانية فتتمثل في زيادة حجم الفوائد بالنسبة للفرد الواحد. ففي العصر الرقمي، تحتاج الشركات إلى عدد قليل من الموظفين وحجم صغير من المواد الخام لإنتاج منتجات ذات فوائد كبيرة. وبالنسبة إلى الشركات الرقمية، تنخفض تكاليف التخزين والنقل وإعادة إنتاج منتجاتها إلى صفر. وتتطور بعض الشركات القائمة على التكنولوجيا بدون رأس مال كبير مثل انستغرام و"واتسأب وغيرهما".
وبالنسبة للميزة الثالثة للثروة الصناعية الرابعة، أشار شواب إلى أن التنسيق والتكامل بين الاكتشافات المختلفة أصبح أكثر شيوعا. وقد تم تبادل الفوائد بين تكنولوجيا التصنيع الرقمي وتكنولوجيا البيولوجيا، وزاد استخدام المصممين والمهندسين المعماريين للتصميم الرقمي وعلوم المواد الحديثة وعلم الأحياء الصناعية في ابتكار وإنتاج المنتجات الحديثة.
- -تغيير المجتمع بأسره وهويته
وقال شواب "هذه الثورة لم تغير مهام عملنا وطرق الاتصالات بيننا فحسب، وإنما ملامح المجتمع بأسرة وهويتنا أيضا".
وأوضح أن أكثر من نصف سكان الصين استعدوا للثورة الصناعية الرابعة وقد عكست الخطة الخمسية الـ13 للصين هذه القدرة. وتلخص الخطة التي أصدرت العام الماضي مسار التنمية الصينية للسنوات الخمس التالية مع النمو المدفوع بالابتكار والتنسيق والتنمية الخضراء والانفتاح والتشارك.
وأشار شواب إلى أن التكنولوجيا الرقمية دخلت تقريبا جميع المجالات والمنتجات. وقد بدأت الشركات الرقمية في دخول قطاعات الصناعة التقليدية مثل صناعة السيارات. ووصف الخبراء السيارة بأنها أصبحت "كمبيوتر يسير على أربع عجلات" لأن 40 في المائة من مكوناتها الكترونية. وقد أعلنت شركة "أيبول" و"غوغل" عن تجربتيهما في صناعة السيارات ذاتية القيادة، ما يشير إلى أن شركات التكنولوجيا الحديثة يمكن أن تتحول إلى شركات للسيارات وتفرض تحديا كبيرا للشركات التقليدية.
وتوقع شواب أن تحدث تغيرات لا مثيل لها في السنوات العشرة القادمة في الحياة اليومية، مشيرا إلى استطلاع شارك فيه 800 مدير تنفيذي حول انطباعاتهم عن التكنولوجيا الحديثة في المستقبل القريب.، ورأى 86 في المائة من المشاركين أنه قبل 2025، سيستخدم 10 بالمئة النظارات الذكية أي الشاشات المثبتة بالرأس وبالتالي التمكن من عرض المعلومات دون استخدام اليدين لمعظم المستخدمين الحاليين للهواتف الذكية إضافة الى التعامل مع شبكة الانترنت استناذا إلى الأوامر الصوتية فقط، لتصبح القدرة البصرية قدرة جديدة توجه الأوامر والبحث وتبادل المعلومات.
وبالإضافة إلى ذلك، ستربط المدن الكبيرة خدماتها ومرافقها العامة والطرق بالانترنت، ما يساعد على الرقابة وتوفير الطاقة وتسهيل حركة النقل. وقد سخرت سنغافورة وبرشلونة هذه العلوم في خدماتها العامة لاسيما في مجالات ركن السيارات والإنارة وجمع القمامة. وأكد 64 في المائة من المستطلعين أنه قبل 2025 ستظهر في العالم مدينة تضم أكثر من 50 ألف نسمة تكون خالية من أي ضوء إشارة مرور.
تحديات أمام السوق الناشئة
ويقول الخبراء إن الموجة الجديدة من التقنيات الحديثة لا تجلب فرصا مثل زيادة الانتاجية فحسب، لكنها تحمل مخاطر أيضا .
وأعرب خبراء في المنتدى عن قلقهم إزاء تأثير "الثورة الصناعية الرابعة" ولاسيما الأسواق الناشئة، على رأسها الصين وغيرها من دول "بريكس" التي تشمل روسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا إضافة إلى الصين، والأسواق الناشئة في منطقة جنوب آسيا مثل ماليزيا والشرق الأوسط مثل مصر.
وقالوا إن هذه التقنيات الحديثة رغم ما تحمله من مزايا ومنافع بيئية، إلا إنها في الواقع ستكون لها تأثيرات على عدم المساواة واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء بسبب انكشاف الأدوات الحديثة.
وواجهت الدول الناشئة أكبر التحديات في السنوات الأخيرة. وشهدت الصين على سبيل المثال انخفاضا ملحوظا في معدل مساهمة الأيدي العاملة في إجمالي الناتج المحلي، نظرا للجوء العديد من الشركات والمصانع الى استخدام التكنولوجيا الحديثة بدلا من الأشخاص.
وفي هذا الصدد، قال شواب إن" الروبوتات تهدد الوظائف القديمة ومن ثم يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة"، مشيرا إلى تقرير نشرته صحيفة ((ليانخه زاوباو)) السنغافورية يقول إنه بحلول عام 2020، سيفقد حوالي 5 ملايين شخص فرص عملهم بسبب التطور السريع في التكنولوجيا.
وذكر ((تقرير الثروة العالمية لعام 2015)) لكريدي سويس مؤخرا أن نصف الثروة العالمية يمتلكها أثرياء يشكلون 1 في المائة من سكان العالم، "أما الفقراء الذي يشكلون 50 في المائة من سكان العالم، فيملكون 1 في المائة من الثروة العالمية فقط".
وأكد شواب على ضرورة التشارك والتقاسم في مواجهة تلك التحديات قائلا : "يجب على الحكومات ومجتمعات الأعمال ضمان استعادة الناس لفرص العمل وخلق فرص عمل جديدة. كما يجب على الحكومات أن تضمن تقاسم منافع التكنولوجيا الجديدة محليا ودوليا".
وتعد الصين واحدة من أكبر أسواق الروبوتات وتزود العالم بالكثير في مجالات التكنولوجيا الأخرى، وفقا لشواب، الذي أعرب عن إعجابه بمرونة ومصداقية أحدث انتاج من الطائرات بدون طيار من شركة (( دي جي أي)) الصينية للتكنولوجيا ومقرها شنتشن، مضيفا أن "الصين يمكنها أن تلعب دورا رائدا في رسم ملامح الثورة الصناعية الرابعة".