تعليق: لابد للولايات المتحدة من العمل بسرعة على تسهيل تطبيق الإصلاحات المالية العالمية

أنطاليا، تركيا 14 نوفمبر 2015 / في الوقت الذي يشهد فيه العالم أحد أسوأ الأزمات المالية على الإطلاق خلال السنوات السبع الماضية، لن يشك أحد في أن النظام المالي العالمي الحالي القائم منذ عقود يعاني من أوجه قصور ويحتاج إلى الارتقاء به تماشيا مع العصر.

بيد أن العديد من الإصلاحات الحتمية التي اقترحها قادة دول مجموعة العشرين قبل سنوات لتغيير النظام المالي العالمي، تم تسويفها بسبب العراقيل المستمرة التي تضعها بعض العقول المتعنتة في واشنطن.

ويتعين على الولايات المتحدة العمل على وجه السرعة لضمان تطبيق الإصلاحات المقترحة ولابد ألا يدخر قادة مجموعة العشرين وسعا لايجاد المزيد من الأرضيات المشتركة حول هذه القضية في قمتهم السنوية المقرر عقدها يومي 15 و 16 نوفمبر في منتجع أنطاليا التركي المطل على البحر المتوسط من أجل تطبيق الإصلاحات في أقرب وقت ممكن.

وبمعنى بسيط، فإن جوهر مقترحات الإصلاح يكمن في منح مساحة تمثيل أكبر للدول النامية في المؤسستين الماليتين العالميتين -- صندوق النقد الدولي والبنك الدولي -- حتى تعكسا على نحو أفضل الثقل الاقتصادي المتنامي للاقتصادات الصاعدة.

فقد تأسست هاتان المؤسستان الهامتان في عام 1944 خلال مؤتمر "بريتون وودز" عندما كانت الحرب العالمية الثانية تقترب من نهايتها وكان العالم في أمس الحاجة إلى نظام مالي ونقدي جديد.

وكإنعكاس للنظام الاقتصادي العالمي آنذاك، صارت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية المهيمنتين داخل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

ولكن العالم شهد منذ ذلك الحين تحولات جوهرية، إذ يمثل العالم النامي الآن أكثر من نصف الاقتصاد العالمي، ولكن قدرا كبيرا من سلطة صنع القرار داخل هذين الجهازين مازال في أيدي الدول المتقدمة.

وفي أواخر عام 2010، قام صندوق النقد الدولي بأولى خطواته نحو الاتجاه الصحيح. ووافق على حزمة إصلاحات تضمنت مضاعفة حصص صندوق النقد الدولي، وهو تحول في الحصص لصالح الأسواق الصاعدة الدينامية والدول الممثلة بأقل مما يجب، وعلى تعديل مقترح لإصلاح المجلس التنفيذي لجعله أكثر تمثيلا.

وبمجرد تفعيلها، ستزيد هذه الإصلاحات من الحصص ونسب التمثيل بالنسبة للعالم النامي بواقع 6.2 و 5.8 % على التوالي وتضم المزيد من الدول الصاعدة إلى المجلس التنفيذي للصندوق.

وفي الوقت الراهن، صادقت إجمالي 144 دولة بالفعل على الإصلاحات بما فيها حلفاء رئيسيين للولايات المتحدة مثل بريطانيا وفرنسا وكوريا الجنوبية واليابان.

بيد أن الولايات المتحدة، التي تمتلك أكبر نصيب من الأصوات في صندوق النقد الدولي، رفضت المصادقة على مقترحات الإصلاح هذه.

ويفترض البعض في واشنطن أن هذه الإصلاحات ستضع حق النقض (الفيتو) الذي تملكه الولايات المتحدة استخدامه عند اتخاذ قرارات رئيسية في صندوق النقد الدولي في خطر، فيما تعزز من تأثير الصين.

إن مثل هذا القلق غير مبرر على الإطلاق ومبالغ فيه في الغالب لأن الإصلاحات لا تهدف إلى بناء نظام عالمي جديدة يهدف إلى تقليص الزعامة الأمريكية ولا إلى توسيع مصالح الدول النامية على حساب الدول الغنية. فحق النقض (الفيتو) الذي تملكه الولايات المتحدة مازال على حاله في صندوق النقد الدولي.

وفي الواقع، يكمن الأمر في الطريقة التي يمكن أن يعمل بها المجتمع الدولي معا لتحسين الحوكمة المالية العالمية القائمة حاليا للحيلولة دون تكرار الأزمات المالية في المستقبل.

وبالفعل، أثارت سنوات من تأجيل واشنطن الأناني للإصلاح خيبة أمل وانتقاد واسعين على الصعيد العالمي، وحجبت مصداقية وشرعية صندوق النقد الدولي.

وإذا ما استمرت الولايات المتحدة في إتباع أسلوب المماطلة في التصديق على المقترحات وظلت تقف عقبة في طريق الإصلاح ، فمن المستحسن أن تبحث البلدان الأخرى، ولا سيما الاقتصادات الصاعدة، عن بدائل في أسرع وقت ممكن لمعالجة المشكلات التي أدت إلى تآكل صحة النظام المالي العالمي.