اقتحم مسلحو تنظيم " الدولة الاسلامية" مؤخرا مدينة سرت الساحلية شمال ليبيا اسفر عن مقتل 150 الى 200 مدنيا ،12 منهم جرى صلبهم. وقد باتت مدينة سرت معقل عناصر تنظيم " الدولة الاسلامية" بعد سقوطها في يونيو من هذا العام وتراجع القوى المقاومة وضعف المنظمات الحكومية.
ارسلت الحكومة المؤقتة المعترف بها دوليا من مدينة البيضاء في شمال شرق ليبيا اشارة استغاثة مساء يوم 15 اغسطس الجاري، وأعلنت في بيان لها عن عجزها عن التصدي للجماعات الإرهابية بسبب حظر توريد السلاح عن الجيش، وناشدت الحكومة المعترف بها دوليا، الدول العربية التدخل الفوري بتوجيه ضربات جوية محددة الاهداف لمراكز تنظيم"الدولة الاسلامية " في سرت.
ادت النزاعات البرلمانية التي شهدتها ليبيا في شهر اغسطس العام الماضي الى ظهور حكومتين ومجلسين نيابيين متنافستين تدعمهما فصائل مسلحة تقاتل بعضها البعض من وقت لأخر. وفي الوقت الحاضر، يواصل الجانبان الاشتباكات العنيفة بمدينة بنغازي من ناحية، ويتخذان تدابير مختلفة لمحاربة تنظيم " الدولة الاسلامية " من ناحية اخرى. والنتيجة مثل ما قال احد مسئولين في الحكومة المحلية بسرت يوم 16 اغسطس، ان بعض المسلحين الليبيين انسحبوا من المعارك ضد عناصر تنظيم " الدولة الاسلامية"، حيث لم يتلقوا أي دعم حقيقي من الحكومتين. لذا، فإن الارتباك السياسي واستمرار الحرب الاهلية في ليبيا وفر تربة خصبة لنمو تنظيم " الدولة الاسلامية" و انتشاره في ليبيا.
مأساة سرت ليست الوحيدة. وذكرت محاكم التفتيش في مصر يوم 16 اغسطس الجاري ان الفوضى الامنية في أي دولة توفر الارض الخصبة للجماعات المتطرفة. حيث ان الصراع الطائفي وانتشار الصراع الداخلي زاد من تأجيج الوضع وتوسيع الهجمات الارهابية وسيطرة التنظيم الارهابي على اراضي الرقة السورية، والانبار العراقية ثم سرت في ليبيا. كما ان انتشار القوى الارهابية سيؤدي حتما الى تفاقم الاضطرابات في البلاد ومعاناة الشعب، وبالتالي دخول العديد من دول في الشرق الاوسط في " حلقة مفرغة".
السلام ميؤوس منه اذا لم تتوقف الحرب الداخلية. وقد أكدت جامعة الدول العربية أن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحا إلى التعجيل في مسالة التدخل العسكري لمواجهة تنظيم " الدولة الاسلامية"، لكن استمرار الاضطرابات في العديد من الدول في الشرق الاوسط يبين ان الضربات الجوية وحدها لا يمكن ان تحقق الهدف.وان عدم التزام الفصائل الليبية حقا بالمضي قدما في العملية السياسية والمصالحة، سيجعل سرت مجرد بداية لمأساة. كما ان استمرار اعتماد البلدان المضطربة والتي لا تزال تشهد الصراعات على النهج العسكري سيجعل من الجماعات المتطرفة سرطان يستشري بجسم العرب.
ازداد الأمل للتوصل الى اتفاق نهائي وإنهاء الصراع في ليبيا بعد ان انتهت جولة جديدة من الحوار السياسي بين الاطراف الليبيين في جنيف لتوها. حيث ان وضع الخلافات على جنب والاتفاق على مكافحة الارهاب وبناء خط دفاع قوي تصرف حكيم من ليبيا ودول اخرى في الشرق الاوسط التي تعاني من القوى الارهابية والفصائل المتطرفة الاخرى لتجنيب شعوبها من المزيد من المحنة وإنقاذ البلاد من كارثة تهددها.
أدانت الدول الست الكبرى أميركا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا الأفعال التي وصفوها بـ«البربرية» المستمرة التي يرتكبها تنظيم " الدولة الاسلامية" في مدينة سرت. وأعربت الحكومات الست في بيان مشترك لها، يوم 16 اغسطس الجاري، عن قلقها من القصف الكثيف للتنظيم على الأحياء السكنية في المدينة، وأعمال العنف العشوائية التي ارتكبها لإرهاب الشعب الليبي. لكن، الغرب اكتفى بالإدانة ولم يبالي بحالة الفوضى التي آلت اليها ليبيا.
صمت الغرب على ما يحدث في الشرق الاوسط سمح للناس ان يروا ان زرع النموذج السياسي الغربي على حساب تخريب سيادة البلاد سيزيد من ضياع المزيد من سرت. وان هجوم محتجون القنصلية الأمريكية في بنغازي قبل ثلاث سنوات ليس بعيدا، وعلى الدول الغربية ان تقلق من أن التجاهل الاعمى للإرهاب والتغاضي عن نمو القوى الارهابية سيجلب لهم المزيد من التهديدات والمشاكل ايضا.
وعليه، يجب على المجتمع الدولي ان يمد يد العون ويحترم مطالب شعوب الدول المضطربة في الشرق الاوسط، ولا ينتظر حدوث الكارثة حتى يبدي قلقه واهتمامه.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn