دمشق 17 يوليو 2015 / بعد مضي أكثر من اربع سنوات من عمر الازمة التي اندلعت في سوريا ، يستذكر غالبية السوريين في يوم عيد الفطر الفرحة والسعادة التي تغمرهم في مثل هذه الايام ، لكن هذا الاستذكار المؤلم في ظل الظروف التي يعيشها غالبيتهم يثير في نفوسهم مشاعرا حزينة ممزوجة بالألم تارة وبالقلق والخوف مما سيأتي من الايام القادمة تارة أخرى .
ولعل الطفل زياد الذي يبلغ من العمر 10 سنوات واحد من الالاف أو ربما الملايين من الاطفال في سوريا الذين يعيشون حالة من الحزن والقلق بسبب الظروف التي فرضتها الازمة السورية على عائلاتهم ، فهو يقف خارج سور أحد المتنزهات الراقية في العاصمة دمشق، يراقب الأطفال الآخرين بفرح كيف يلعبون ، وعيناه تلمعان بدموع برئية تثير بنفسه الايام الخوالي عندما كان يلعب مع رفاقه في الالعاب التي نصبت في أحدى الحدائق بقرى ريف دمشق الشرقي ايام عيد الفطر.
والطفل زياد صقر قريش الذي بدت على ثيابه علامات البؤس والشقاء ، يقف خلف سور المنتزهة ويمسك بكلتا يديه السور المعدني يراقب بحسرة الاطفال وهم يلبسون الثياب الجديدة ، ويلعبون بالالعاب بفرحة غامرة.
وقال الطفل زياد لوكالة ( شينخوا ) بدمشق اليوم ( الجمعة ) " أعتدت أن أكون بنفس الحالة التي يعيشها الاطفال في داخل المنتزه ، لكن الحرب قد حرمتني بيتي والسعادة التي كنت اعيشها ، وأجبرتني على البقاء في مأوى بدمشق " .
وتحدث الطفل زياد بكثير من الالم عن المعارك دارت في ضاحيته بالغوطة الشرقية ومشاهد العنف التي خزنها بذاكرته ، والتي دفعته مع اسرته للخروج من الغوطة الشرقية ، بحثا عن الأمان والاستقرار .
وأشار زياد ، الذي ترك مدرسته منذ سنوات بسبب الصراع الدائر في البلاد وحرم من مرحلة الطفولة ، إلى أن والده الذي كان يعمل في بناء البيوت قبل النزاع ، الآن يطوف الشوارع ويبع السجائر لتأمين متطلبات الحياة اليومية .
وفي داخل العاصمة السورية التي حافظت على هدوئها واستقرارها خلال الصراع ، لا تزال تحافظ على روح الأعياد ، وتسمح لأنبائهم الصغار بالذهاب الى المنتزهات وشراء الحلويات والاطعمة من الباعة المتجولين المنتشرين في كل جنبات الحدائق والملاهي ، ولا شك ان الازمة السورية تركت بعض الندب العاطفية في نفوس غالبية الاطفال ربما تحتاج لفترة طويلة للشفاء منها.
وفي اليوم الأول من عيد الفطر، يتوجه الناس إلى المقابر لزيارة أقاربهم المتوفين كجزء من التقليد الشعبي في العالم العربي.
ويقف المواطن السوري أسامة ( 40 عاما ) امام قبر والده في مقبرة الشيخ خالد شمال دمشق، ويبكي بمرارة لمفارقة والده الحياة ، بينما كان يصلي ويطلب السلام لروح والده.
وقال لوكالة ( شينخوا ) "اعتقدت أنني سأكون أبا أفضل لأبنائي من أبي لأولاده ... ولم أكن أعرف ما هي الظروف والأوقات الصعبة التي كان يعاني منها ابي ... لكن اليوم وبعد أن اندلعت الازمة في سوريا ، لم استطع أن أجعل اطفالي سعداء ، واليوم اشعر بالحزن والقلق عليهم ".
وأضاف " كنا فقراء، وأنا أعترف بذلك، ولكن كان هناك شيء من فرح لا ينكر في حياتنا ، وسعيت دائما لأن أوفر لاطفالي حياة أفضل ، لكن الآن ابحث عن مأوى بعد ان خسرت منزلي في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين "، مشيرا إلى ان هذا الامر هو مأساة الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على الفرار بعد ان سيطرت تنظيمات متشددة على المخيم .
وتابع يقول " أحاول أن اقتطع من مصروف المنزل كي أوفر لأطفالي ، دقائق من المرح في منتزه رخيص ، يفتقد لعناصر الامن والسلامة ، كي يشعروا بفرحة العيد" .
وربما طقوس العيد في هذا العام قد تكون مختصرة ، بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية والحلويات وقلة الدخل ، فيقتصر الامر على إعطاء الاطفال بعض النقود لشراء بعض الحلوى والذهاب الى الملاهي .
ومن الاشياء التي تثير الحزن في نفوس السوريين هو عدم قدرة الكثير منهم على شراء ثياب جديدة للعيد وهو من أهم طقوس العيد أيضا، فيتوجه غالبيتهم لشراء الملابس المستعملة من الباعة المتجولين الذين انتشروا بكثافة عبر شوارع دمشق .
ومن جانبها تقول سوسن وهي ام لأربعة اطفال إن " كل شيء متوفر ومتاح في الاسواق من ملابس وحلويات ومطاعم وسلع كثيرة ولكن جيوبنا خالية من النقود ، ولا تكفي لشراء كل شيء " ، مبينة أنها اشرت بعض الحلوى الرخيصة بما يتناسب مع دخلها المحدود.
وروت لوكالة (شينخوا) بحسرة " كيف كانت أجواء العيد فيما مضى من الوقت ، مؤكدة أن عائلتها لم تكن تخطط لشيء ، لانه كل شيء متوفر ومتاح ، والنفوس مرتاحة ، أما الآن اشعر بالقلق يخيم على الكثير منا ، خاصة عندما تشاهد الاطفال وهم يتسولون بالشوارع سعيا وراء ليرات بسيطة .
واضافت سوسن "كنت أفرح بقدوم عيد الفطر" ، معربة في الوقت نفسه عن أسفها لأن اطفالها لا يستطيعون الولوج لأجواء العيد تلك ، بسبب مفرزات الازمة السورية .
وفي جلسة المسائية لاول يوم العيد يقص الشيخ ابو مصطفى القصص والحكايا لأحفاده الذين يحولقوا حوله ، وكيف كان العيد ايام زمان ، ويشعر الاطفال بالفرحة وهم يتخيلون ذلك ، ولكن عندما تنتهي الحكاية ، ويستيقظ الاطفال من الحلم يصطدمون بواقعهم الأليم سيما وانهم يعيشون مأوى ، ليزداد البؤس والحزن في نفوسهم أكثر فأكثر.
وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة في تقرير سابق هذا الشهر ان عدد اللاجئين الفارين من الصراع في سوريا إلى دول الجوار قد تجاوزت الآن أربعة ملايين ، وإضافة لنزوح 7.6 مليون شخص داخل سوريا - وكثير منهم يعيش في ظروف صعبة وفي المواقع التي يصعب الوصول إليها.
وقال التقرير إن هؤلاء يعيشون في ظروف قاسية وفي فقر مدقع " ، داعيا دول العالم إلى التقديم المزيد من الدعم المادي لتأمين احتياجاتهم الضرورية .
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn