بكين 14 يوليو 2015 / أعلنت شيوي لين الرئيس التنفيذي لمقر مؤسسة "معهد كونفوشيوس" مؤخرا أن الصين تعتزم زيادة عدد معاهد كونفوشيوس لتصل إلى500 بحلول نهاية عام 2015 لدفع التبادلات الثقافية مع العالم الخارجي ونشر الحضارة الصينية العريقة.
ومنذ إقامة معهد كونفوشيوس الأول في جامعة طشقند بأوزبكستان في الـ15 من يونيو عام 2004، فتح إجمالي490 معهدا في أنحاء العالم وصار المعهد الذي سمى على اسم المعلم والفيلسوف الصيني الشهير كونفوشيوس رمزا للثقافة والحضارة الصينية ليضطلع بدور مهم في التبادلات الثقافية والشعبية بين الصينيين وشعوب العالم.
-- نمو سريع يفوق الخيال في أنحاء العالم
وتذكرت شيوي لين تاريخ نشأة معهد كونفوشيوس وقصة تطوره، قائلة إن الوتيرة السريعة لنمو الاقتصاد الصيني والزيادة الهائلة في حجم تجارة الصين واستثماراتها في الخارج ساهما في تسليط الضوء على الصين، كما إن المنتجات صينية الصنع التي أصبح لا غني عنها لدى مليارات الأسر عززت حماسة الأجانب في التعرف على الصين وثقافتها وأثارت رغبتهم في تعلم اللغة الصينية. ومن هنا طرحت فكرة إنشاء معهد كونفوشيوس لفتح بوابة عبور أمام الشغوفين بالحضارة الصينية تسهل عليهم التعرف على هذه الحضارة وسبر أغوارها .
أوضحت شيوي لين أنه كان قد تقرر في البداية فتح 100 من معاهد كونفوشيوس في غضون عشرة أعوام ، لكن إقبال الجامعات الأجنبية عليها فاق الخيال ليتم إنشاء 46 معهدا في عام 2004 وفتح 100 معهد فى العام التالي؛ وبحلول عام 2014، تم فتح 475 من معاهد كونفوشيوس و851 حجرة كونفوشيوس دراسية في 126 دولة بأنحاء العالم، يقوم فيها أكثر من 34 ألف أستاذ محترف بتعليم اللغة الصينية. علاوة على ذلك، قامت 62 دولة بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية ودول الاتحاد الأوروبي بإدخال تعليم اللغة الصينية في نظامها التعليمي الوطني.
وشرحت شيوي قائلة إن الفضل في النمو السريع للمعهد يرجع إلى النمط التعاوني الخاص به، إذ أن الصين تخلت عن فكرة "السيادة التعليمية" التقليدية وتبنت أسلوب الاستثمار المشترك مع الجانب الأجنبي، حيث صار لكل من معاهد كونفوشيوس معهد أجنبي تعاوني تابع لجامعة معينة حيث شكلت لجنة مشتركة تحت إدارة الطرفين الصيني والأجنبي يتولى رئاستها رئيسا المعهد من الطرفين فيما يتقاسم الجانبان التكاليف.
وأشاد السيد ليمان مدير معهد جوته الألماني بتطور معهد كونفوشيوس، حيث ذكر أن ما حققه هذا المعهد الصيني من إنجازات في غضون عشر سنوات فقط يضاهي ما حققته المعاهد المماثلة له في بريطانيا وفرنسا وألمانيا لنشر اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية على مدى عشرات السنين أو حتى مائة عام، مؤكدا أن الصين استطاعت أن تصنع "معجزة ثقافية" بعد معجزتها الاقتصادية.
-- دور هام في نشر الثقافة وتعزيز التفاهم
يذكر أن معهد كونفوشيوس هو معهد غير هادف للربح تابع لوزارة التعليم الصينية، ويسعى إلى ترويج اللغة والثقافة الصينية في الخارج، وصار منصة حاسمة لبرامج التبادل بين الشعب الصيني وشعوب العالم.
وإلى جانب تعليم اللغة الصينية، تقدم معاهد كونفوشيوس دورات تدريبية في مجالات الطب الصيني التقليدي، والووشو، والفنون، والخط، والطهي، وعلم الاقتصاد السياسي في الصين، وكذلك دورات لتدريب أساتذة اللغة الصينية الأجانب.
كما تقدم المعاهد خدمات استشارية حول السياسة والاقتصاد والثقافة الصينية إلى الدوائر الحكومية والمؤسسات والشركات والطلبة الراغبين في التوجه إلى الجامعات الصينية.
وقالت شيوى لين إن إنشاء معاهد كونفوشيوس وتطورها يساعد على رفع مستوى الانفتاح على الثقافة الصينية ويعزز من تأثير الحضارة الصينية على الصعيد العالمي لتصبح جزءا من قوة الصين الناعمة الساحرة وجهودها الرامية إلى تعزيز الحوار بين مختلف الثقافات تجنبا لصدام الحضارات.
وأكدت شيوي لين أن الصين تعمل من خلال معاهد كونفوشيوس على دفع السلام العالمي عن طريق تدعيم التبادلات الثقافية والشعبية لأن السلام العالمي لن يتحقق دون توطيد التفاهم والتعلم والاحترام والثقة المتبادلة بين شعوب العالم.
واتفق معها في الرأى السيد مارسيني نائب مدير جامعة روما الإيطالية ومدير معهد كونفوشيوس التابع للجامعة، لافتا إلى أن معهد كونفوشيوس يساعد الأجانب على فهم الصين بصورة أفضل والتعرف على أوضاع الصين المختلفة وأساليب حياة الصينيين المتباينة، ما يسهم في تفادي سوء الفهم ويخفف من حدة الخلاف في وجهات النظر.
-- خطة طموحة لتطويرها في الدول النامية
وقالت شيوي لين إن معهد كونفوشيوس بلغ مرحلة حاسمة بعد نموه السريع على مدى 11 عاما، ويحتاج إلى تنويع مواده وتوسيع نطاقه ليرتقي من دراسة اللغة الصينية إلى البحث العميق في فلسفة كونفوشيوس والحضارة والتقاليد الصينية القديمة والحديثة، ولاسيما وأن مفاهيم الصين التقليدية الداعية إلى تحقيق السلام والوئام بين مختلف الثقافات والأديان والأعراق والنظم الاجتماعية قد أتاحت وجهة نظر فريدة لحل المشكلات التي تواجه البشرية جمعاء.
وفي الوقت نفسه، سيعمل المقر الرئيسي لمؤسسة "معهد كونفوشيوس" ووزارة التعليم الصينية على تطوير المعهد في القارتين الإفريقية والآسيوية وخاصة في الدول العربية.
وأشارت شيوي لين إلى أن دولا متطورة مثل كندا والولايات المتحدة كانت من بين الدول الأكثر إقبالا على معهد كونفوشيوس، إدراكا منها أن التعامل مع الصين والصينيين قد أصبح أمرا لا غني عنه فى القرن الـ21 مع صعود الصين اقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا، وأصبح تعلم الصينية اختيارا مفضلا ومحببا إلى نفوس الكثير من شباب الدول المتطورة. فعلى سبيل المثال، يوجد حاليا 107 من معاهد كونفوشيوس و451 حجرة كونفوشيوس دراسية في الولايات المتحدة، يدرس فيها 300 ألف طالب.
وأكدت أن الشباب العربي لديه حماسة كبيرة لمعرفة ثقافة الصين ودراسة لغة المقاطع والرموز حيث فتح حاليا 20 من معاهد كونفوشيوس في بلدان منطقة الشرق الأوسط، بما فيها مصر والأردن والسودان ولبنان والمغرب والإمارات العربية المتحدة وتركيا وارتفع عدد الطلاب المبتعثين العرب إلى الصين بنسبة 30.5 في المائة على مدى السنوات العشر الماضية، لكن عدد المعاهد هذا غير متكافئ مع عدد سكان هذه البلدان وشغف مواطنيها إلى التعرف على الصين وثقافتها.
وأوضحت شيوي أن الحكومة الصينية ستعمل على تقديم المزيد من الدعم المالي وإيفاد كوادر متخصصين في الثقافة الصينية لمساعدة جامعات الدول النامية على فتح معاهد كونفوشيوس. ومن ناحية أخرى، فإن "برنامج كونفوشيوس الجديد لدراسة الثقافة الصينية" المنبثق عن معهد كونفوشيوس سيمكن المزيد من شباب بلدان العالم العربي والبلدان النامية من المجئ إلى الصين للتعمق على أرض الواقع في دراسة ثقافة الصين وحضارتها.
"إذا كانت حضارات العالم المختلفة حديقة غناء كبيرة، فلتكن حضارة الصين بستانا فريدا منها وتقدم إسهامات للتبادلات الثقافية العالمية"، هكذا عبرت شيوي لين عن أغلى أمانيها.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn