بكين 4 يونيو 2015 / بعد 17 عاما، انتهت أخيرا حقبة جوزيف بلاتر الذي فاز بفترته الرئاسية الخامسة للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في نهاية مايو الفائت. وأثارت استقالته في 2 يونيو تداعيات واسعة ليست على الوسط الرياضي فحسب، وإنما على الساحتين السياسية والمالية العالميتين أيضا.
قشة قصمت ظهر البعير
جاء قرار بلاتر صادما على الأقل لمؤيديه خاصة أنه أعلن عن استقالته بعد انتخابه لقيادة الفيفا بأربعة أيام. لكن لا يمكن فصل هذا القرار عن اتهام وزارة العدل الأمريكية لـ 14 شخصا، بينهم 7 مسؤولون حاليون في كرة القدم، بالحصول على رشى وغسيل الأموال من بين اتهامات أخرى.
ورغم انه دافع مرارا عن نفسه، قائلا إنه" من المستحيل عليه أن يراقب أفعال كل مسؤول في الاتحادات الستة لكرة القدم"، إلا أنه من المؤكد شعر بحرارة التطورات في الأيام الأخيرة، خاصة بعدما طالت اتهامات الفساد السكرتير العام للفيفا وساعده الأيمن جيروم فالكه، وتورطه في نقل أموال كرشوة لشخصيات في اتحادات أمريكا الشمالية والوسطي والكاريبي لصالح تنظيم كأس العالم في جنوب إفريقيا.
نفي فالكه هذه الاتهامات كما فعل الفيفا يوم الثلاثاء، إلا أن الرسالة وصلت لبلاتر بأن الفضيحة قد وصلت الآن الى "دائرته الداخلية".
ورأى تحليل نشرته صحيفة ((قوانغ مينغ)) الالكترونية الصينية إن مزاعم تورط بلاتر أو رجاله في فضائح الفساد لم تكن الأولى ولكن قد تكون "القشة التي قصمت ظهر البعير"، مشيرة الى أن استقالة بلاتر تعتبر " خبرا مثيرا لكنها كانت ضمن التوقعات".
وتعرض بلاتر لحملة كبيرة من الضغوط منذ ترشحه لفترة رئاسة خامسة للفيفا، وخاصة من رئيس كرة القدم الأوروبي ميشيل بلاتيني الذي قال له صراحة: " كفي، كفي"، ووزير الرياضة البريطاني جون ويتينجديل الذي دعا أوروبا إلى الانسحاب من كأس العالم في حال بقي بلاتر رئيسا. كما وُجهت دعوات لنجوم كبار على رأسهم ليونيل ميسي ورونالدو الى مقاطعة بطولات كأس العالم لإضعاف مصداقية بلاتر رئيسا للاتحاد.
ومع استمرار تدهور صورة العلامة التجارية للفيفا على خلفية تصاعد الفضائح، كان للرعاه الكبار على ما يبدو دورا أيضا في قرار بلاتر والدفع باتجاه إصلاح الاتحاد الدولي لكرة القدم. إذ لم يمر أكثر من نصف ساعة حتى توالت بيانات الترحيب باستقالته من رئاسة الفيفا من جانب كبار الرعاة كوكاكولا واديداس وماكدونالدز وفيزا وغيرهم.
لعبة القوة العظمى
رحب جمهور كرة القدم بالتحقيقات التي أطلقتها الولايات المتحدة لأنها "طرحت فرصة لإطلاق الإصلاح الشامل في الفيفا"، ولكنهم عبروا في نفس الوقت عن قلقهم تجاه قوة" الشرطي الدولي" الذي تدخل في وسط من المفترض أن يكون مستقلا.
تذرع البعض بأن الولايات المتحدة لديها من الأسباب لإجراء التحقيقات، انطلاقا من واقع أن الصفقات التي انطوت على رشى تزيد على 150 مليون دولار تمت عبر البنوك الأمريكية، ما أتاح لوزارة العدل الأمريكية سببا تشريعيا للتدخل في شؤون الفيفا، وفقا للقانون المالي الأمريكي.
ويدل إجراء الصفقات على الأراضي الأمريكية على الميزة التي تتمتع بها الولايات المتحدة كسوق مالية عالمية وحقيقة كون عملتها الدولار ما زالت العملة الرئيسية في العالم، ما جعل أغلبية الشؤون المالية تتم في إطار صلاحياتها.
لكن جيدين راحمان، محلل الشؤون الخارجية بصحيفة ((فاينيشال تايمز)) البريطانية، يقول إن قضية الفيفا كشفت" لعبة القوة العظمى في الوسط الرياضي"، مذكرا أنه قبل عملية الاعتقال كانت الفيفا "تبدو خارج سيطرة الدول الغربية نظرا لأن الولايات المتحدة وأسبانيا وهولندا وبريطانيا واستراليا كلها قد طرحت مطالبها لاستضافة كأس العالم لعام 2018 وعام 2022، ولكن روسيا وقطر فازتا بحق التنظيم."
واستطرد بقوله" بعد سلسلة التحقيقات والاعتقالات ، يبدو أن الفيفا قد عادت إلى قبضة الدول الغربية عبر الدوائر السياسية والمالية والتشريعية".
وقد يلقي هذا بظلاله على آفاق إصلاح الفيفا، بحسب صحيفة ((قوانغ مينغ)) الصينية، مشيرة الى أن "فساد الفيفا نبت من جذور عميقة تسبب فيها نظامها المغلق ونقص آلية الرقابة من خارجها".
ولكن الحقيقة التاريخية تدل مرارا وتكرارا على أنه من الصعب فرض الرقابة أوالتشريعات على المنظمات الدولية العابرة للقارات مثل الفيفا في وقت قصير. كما تواجه عملية إنشاء هيئة جديدة للرقابة صعوبة تتمثل في توزيع الصلاحيات بشكل متوازن بين الدول المختلفة والأطراف المتنوعة.
مرشحون محتملون
بغض النظر عن السبب الكامن وراء استقالة بلاتر الذي تولي منصبه منذ عام 1998، لن تكون عملية اختيار خليفته سريعة.
إذ يتطلب قانون أعلى سلطة في كرة القدم أن يتم الإخطار قبل 4 أشهر على الأقل من أي عملية انتخابية، والمقترح أن يتم عقد اجتماع طارئ للكونغرس في الفترة من سبتمبر هذا العام الى مارس العام المقبل، ما يعني أن بلاتر سيبقى على الأقل حتى نهاية العام.
وهذا الوقت ليس كافيا لتخليص مقر حكم كرة القدم من كل الشرور، إلا انه بالطبع يشكل لبلاتر فرصة ثمينة لتنظيف الفوضى ووضع عجلة الإصلاح على المسار قبل حلول موعد الانتخابات الجديدة، أو على الأقل إنقاذ إرثه أو كتابة "ملحق مشرق" لواحدة من" أسود فترات كرة القدم في التاريخ" على حد رأي بعض المحللين.
وسيقود على الجانب الأخر دومونيكو سكالا رئيس لجنة التدقيق والامتثال في الفيفا رحلة البحث عن الخليفة المنتظر.
ووفقا للتقارير، فإن الأمير الأردني علي بن الحسين الذي حصل على 73 صوتا يوم الجمعة قبل الانسحاب من أمام بلاتر سيكون أحد المرشحين في الانتخابات الجديدة للمنصب. وطرح أيضا ميشيل بلاتيني والبرتغالي لويس فيغو والهولندي ميشيل براغ كمرشحين محتملين. وقد أعلن الأمين العام لاتحاد كرة القدم لكوريا الجنوبية تشونغ مون جون ترشيحه أيضا.
قد يكون من المبكر الآن الحديث عن الأسماء التي ستخوض لانتخابات على المنصب وفرصهم، لكن الشئ الأكيد أن كونغرس الفيفا المكون من 209 عضوا هو من ستكون له كلمة الفصل.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn