رام الله 7 مايو 2015 /على الرغم من إعلان لجنة الانتخابات الفلسطينية جاهزيتها الفنية الكاملة لإجراء أول انتخابات عامة منذ عام 2006، إلا أن مراقبين فلسطينيين يرون أنه لا أفق لتحديد موعد قريب لإجرائها.
وأنهت لجنة الانتخابات المركزية أخيرا تحديث السجل الانتخابي الذي يضم زهاء مليوني ناخب فلسطيني وسلمت نسخة منه للرئيس الفلسطيني محمود عباس والفصائل الفلسطينية على أمل أن يساعد ذلك في تحديد موعد قريب للانتخابات.
وبموازاة ذلك حث وفد من لجنة الحكماء الدوليين بعد مباحثات أجراها في رام الله بالضفة الغربية مع مسؤولين فلسطينيين من ضمنهم الرئيس عباس، على تسريع تحديد موعد لإجراء انتخابات فلسطينية جديدة لدفع تحقيق المصالحة الداخلية وتجديد شرعية المؤسسات الرسمية القائمة.
غير أن مراقبين فلسطينيين يعتبرون أنه لا توجد أي مؤشرات جدية بشأن إجراء الانتخابات الفلسطينية قريبا في ظل استمرار واقع الانقسام الداخلي والعقبات الداخلية والخارجية التي تعترض مسار المصالحة وتعطل اللجوء لصندوق الاقتراع.
"اتهامات متبادلة"
أجريت آخر انتخابات تشريعية فلسطينية في يناير عام 2006 وأسفرت في حينه عن فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالأغلبية البرلمانية، فيما كان سبق ذلك بعام آخر انتخابات للرئاسة وفاز فيها الرئيس الحالي عباس.
وبعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالقوة منتصف العام 2007 وبدء انقسام داخلي مع الضفة الغربية تحت إدارة السلطة الفلسطينية ظل الحديث عن انتخابات جديدة حدثا متكررا دون ترجمته لإجراءات رسمية.
وإذ ظل الاتفاق على بدء التحضير للانتخابات العامة بندا رئيسيا في كل تفاهمات المصالحة المتكررة بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحماس من دون المضي قدما في تنفيذ ذلك على أرض الواقع.
وتتبادل الحركتان بشكل مستمر الاتهامات بشأن المسؤولية عن تعثر تنفيذ تفاهمات المصالحة وبالتالي استمرار تعطيل الانتخابات وهو ما يعزوه مراقبون إلى غياب الثقة بين الحركتين وعدم وجود ضمانات باحترام نتائج الانتخابات.
وأبلغ الرئيس عباس وفد الحكماء الدوليين برئاسة الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر أنه جاهز لإصدار مرسوم بإجراء الانتخابات حال حصوله على موافقة خطية من حماس بقبولها بإجراء الانتخابات واحترام نتائجها.
في المقابل تقول حماس إنها جاهزة لإجراء انتخابات جديدة وستحترم نتائجها متهمة حركة فتح وزعيمها الرئيس عباس، بعدم الرغبة الجدية في تنفيذ تفاهمات المصالحة والوصول إلى انتخابات شاملة.
ويقول الكاتب والمحلل سياسي من رام الله مهند عبد الحميد لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن مطالبة عباس بموافقة خطية من حماس لإجراء الانتخابات تستهدف ضمان أن تسلم الحركة بنتائجها وإنهاء سيطرتها الأمنية على غزة.
لكن عبد الحميد يرى، أن أزمة تعطيل الانتخابات معقدة أكثر من مجرد موافقة خطية بالنظر إلى أن كل الاتفاقات المبرمة للمصالحة بين حركتي فتح وحماس لم تجد طريقها للتطبيق الفعلي.
ويلفت عبد الحميد، إلى إخفاق المسعى الداخلي في التوصل إلى مصالحة، وكذلك المسعى العربي الخارجي في إلزام الحركتين بالتوافق، وهو ما ولد أزمة ثقة عميقة بينهما تحول دون أي فرص فعلية لإنهاء الانقسام.
وكان قد جرى مطلع يونيو الماضي تشكيل حكومة وفاق فلسطينية أوكلت لها مهام توحيد المؤسسات الفلسطينية والبدء بالتحضير لانتخابات فلسطينية عامة خلال مهلة ستة أشهر.
غير أنه لم يتم التقدم عمليا بهذه المهام بسبب استمرار الخلافات بين حركتي فتح وحماس التي تفاقمت أكثر على قضايا دمج موظفي حكومة حماس السابقة في غزة، وتسلم ملف إدارة القطاع الأمنية.
"غياب المقومات"
وأمام معطيات هذا الواقع يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة (القدس) في رام الله محمد رفيق عوض، أنه لا يوجد أي آفاق جدية لإجراء انتخابات فلسطينية جديدة في المستقبل القريب.
ويعتبر عوض في تصريحات ل((شينخوا))، أن السبب الرئيس في هذا التقدير يتعلق بغياب المقومات اللازمة لإجراء الانتخابات، وأبرزها التوافق على ذلك وافتقاد السيادة الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وعدم وجود ضمانات جدية بعدم "الانقلاب" على نتائج صناديق الاقتراع.
وهو يرى أن الحديث المستمر عن الانتخابات من حركتي فتح وحماس هو مجرد استهلاك الوقت ولتسجيل النقاط لطرف على حساب آخر كبديل عن إنجاز القضية الأساسية المتعلقة بتحقيق تفاهمات المصالحة المتعثرة.
وبالنسبة لعوض، فإن المصالحة "لم تعد بيد الفلسطينيين ويتحكم فيها أكثر أطرافا إقليمية ودولية أبرزها إسرائيل وهي معنية باستمرار الوضع القائم وما فرضه من تشرذم فلسطيني والنزاع على التمثيل والبرنامج الوطني".
"مسؤولية مشتركة"
يعتبر مراقبون فلسطينيون، أن فتح وحماس غير جاهزتين حتى الآن للمضي في مصالحة وشراكة وطنية حقيقية وكاملة بما يسمح بالذهاب لانتخابات عامة وبالتالي فإنهما لا تدفعان باتجاه هذا الخيار.
ويثير هؤلاء تساؤلات حول نزاهة أي انتخابات مفترضة وحريتها في ظل استمرار واقع الانقسام الداخلي وسلطة وأجهزة أمنية موالية لفتح في الضفة، وأخرى موالية لحماس في غزة.
ويؤيد مدير مركز (مسارات) للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري، أن طرفي الانقسام ممثلين بحركتي فتح وحماس يتحملان المسؤولية معا عن تعطيل إجراء الانتخابات وتجديد المؤسسات الفلسطينية الرسمية.
ويشدد المصري في تصريحات ل((شينخوا))، على أنه من غير الممكن الحديث بجدية عن إجراء انتخابات فلسطينية من دون التقدم العملي تجاه تحقيق المصالحة الداخلية كون ذلك سيمثل "مقاربة جديدة لتكريس الانقسام".
ويقول إن "الانتخابات من دون توافق وفي ظل الاحتلال والظروف المحيطة وصفة مؤكدة لتكريس الانقسام وتعميقه وتحويله إلى انفصال، هذا إذا وافقت إسرائيل أصلا على إجرائها من دون شروط يصعب على الفلسطينيين الموافقة عليها".
ويضيف المصري، أن أي انتخابات بحاجة إلى توفير الشروط الكفيلة بجعلها خطوة تساهم في معركة الشعب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتوفير الشروط اللازمة كي تكون حرة ونزيهة من دون تدخل أو بأقل تدخل ممكن من إسرائيل بما لا يسمح بالتحكم بها أو مصادرة نتائجها مسبقا.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn