تونس 21 إبريل 2015 / قالت تقارير إعلامية تونسية اليوم (الثلاثاء) إن كارثة غرق سفينة على متنها المئات من المهاجرين غير الشرعيين قبالة السواحل الإيطالية يوم (الأحد) الماضي، قد يكون تسبب فيها ربان تونسي، ومساعده الذي يحمل الجنسية السورية.
وذكرت إذاعتا "موزاييك اف ام" و "شمس أف ام" التونسيتين إن النيابة العامة الإيطالية إتهمت ربان السفينة المنكوبة وأحد أفراد طاقمها بالاتجار بالبشر، وذلك بعد أن نجيا من حادثة الغرق التي أسفرت عن مصرع 800 مهاجر.
وأشارت إلى أن الشرطة الإيطالية إعتقلت إثنين من الناجين من هذه الكارثة التي مازالت تتفاعل على أكثر من صعيد، هما تونسي وسوري، حيث تبيّن لاحقا أن الأول ،أي التونسي الجنسية هو ربان السفينة المنكوبة.
ونقلتا عن روكو ليغوري مساعد المدعي العام الإيطالي، قوله إن الربان التونسي "يواجه بالإضافة إلى تهمة الاتجار بالبشر، تهم الإهمال الذي تسبب في مصرع مئات الأشخاص".
وأكدت الأمم المتحدة في بيان أصدرته اليوم (الثلاثاء)، أن عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم إثر غرق السفينة المنكوبة، بلغ 800 قتيل، بينهم أطفال ونساء، وذلك في كارثة بحرية جديدة أعادت قوارب الموت التي عادة ما تزدحم في مياه البحر الأبيض المتوسط خلال فصل الربيع، إلى دائرة الضوء وسط دعوات لمعالجة هذه الظاهرة التي ما زالت تؤرق العلاقات بين دول الإتحاد الأوروبي وإتحاد المغرب العربي.
وكانت هذه الكارثة الإنسانية الأسوأ من نوعها التي يشهدها البحر الأبيض المتوسط، قد دفعت قادة أوروبا ومسؤولي المنظمات الدولية إلى التحرك، حيث دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في وقت سابق الى اجتماع عاجل لوزراء الداخلية والخارجية في دول الاتحاد الاوروبي، في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات لعقد قمة لقادة دول الاتحاد الأوروبي لمناقشة ملف الهجرة غير الشرعية بأبعاده الإنسانية والأمنية.
وبدأت هذه الكارثة بالإعلان عن غرق قارب صيد فجر يوم الأحد في مضيق صقلية على مسافة 100 كيلو متر من سواحل ليبيا، على متنه المئات من الحالمين بالهجرة كانوا قد إنطلقوا به من ميناء ليبي يبعد نحو 50 كيلو مترا من العاصمة طرابلس.
وذكرت مفوضية شئون اللاجئين وحرس السواحل الايطالي أن 28 شخصا فقط نجوا من حادث غرق القارب المذكور الذي يُعتقد أن حوالي 800 شخص من جنسيات متعددة كانوا على متنه.
ورجحت كارلوتا سامي المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن يكون أولئك الحالمين بالهجرة إلى الضفة الشمالية من المتوسط الذين كانوا على متنه قد لقوا حتفهم غرقا، حيث قالت "يبدو أننا إزاء أسوأ مجزرة في تاريخ البحر المتوسط".
ووصف سياسيون ومراقبون تلك الكارثة بأنها الأسوأ التي يشهدها البحر الأبيض المتوسط، ولكنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة طالما بقيت أوروبا تتعاطى مع ملف الهجرة غير الشرعية وفق مقاربات تُعطي للبعد الأمني الأولوية على حساب الأبعاد الأخرى الإنسانية والتنموية.
وتوقعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة اليوم زيادة أعداد اللاجئين الذي ينتظرون في ليبيا فرصة العبور إلى أوروبا عن طريق البحر المتوسط.
وقالت ساره خان، ممثلة المنظمة المسؤولة عن حماية اللاجئين في ليبيا، في تصريحات صحفية "مع زيادة الانفلات الأمني في ليبيا، تقل سبل حماية الحدود بصورة مستمرة".
ووفقا لأحدث تقديرات المفوضية الأوروبية، ينتظر في ليبيا حاليا نحو 600 ألف شخص إلى مليون شخص، فرصة عبور البحر المتوسط إلى أوروبا.
وكان رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي قد قال في وقت سابق "نحن في أوروبا نجازف بفقدان مصداقيتنا إن عجزنا عن تجنب أوضاع مأساوية تجري يوميا".
ويُفترض ان يكون وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي قد تباحثوا أمس حول هذه الكارثة خلال اجتماع طارئ في لوكسمبورغ، رغم أن الناطق باسم رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك أعلن في وقت سابق أن المجلس يفكر في عقد قمة مُخصصة لهذه الأزمة.
ودعا لعقد هذه القمة رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ، بإعتبار أن إيطاليا تُعد من أبرز الدول المعنية مباشرة بالهجرة غير الشرعية نظرا لقرب سواحلها من تونس وليبيا.
وقال رينزي، خلال مؤتمر صحفي عقده أمس في أعقاب اجتماع مع وزراء الخارجية والدفاع والداخلية، نحن "لا نتحدث عن امور عادية بل عن الحياة الانسانية"، والقمة المُقترحة يجب أن تُعقد قبل نهاية الاسبوع لبحث هذا الموضوع.
وتخشى إيطاليا تزايد مثل هذه الكوارث في هذه الفترة التي تتفاقم فيها التوترات في ليبيا وعدد من دول إفريقيا والشرق الأوسط، ما ساهم في إرتفاع عدد الفارين من تلك الأزمات بإتجاه أوروبا.
وتُشير بيانات إحصائية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن اكثر من 900 مهاجر غير شرعي لقوا حتفهم منذ مطلع العام الجاري اثناء محاولتهم عبور مياه المتوسط بين ليبيا وايطاليا، وتونس إيطاليا، بينما اكد المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان غرق أكثر من 3400 مهاجر غير شرعي في مياه المتوسط خلال العام الماضي.
وأوضح في تقرير له أن شخصا يغرق كل أربع ساعات في مياه البحر المتوسط أثناء الهجرة السرية، مُحذرا في نفس الوقت من إرتفاع عدد المهاجرين إلى أوروبا عبر المتوسط، وكذلك أعداد أولئك الذين يلقون حتفهم غرقا منذ بداية العام الحالي بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
ودفعت تلك البيانات الإحصائية رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس إلى المُطالبة بسياسة جديدة للجوء في أوروبا، وإلى سياسة قانونية منظمة للهجرة، و إجراءات محددة في التعامل مع موجات اللجوء، وإلى اهمية الاتفاق مع ليبيا بهذا الشأن.
وتُقر ليبيا وتونس، وكذلك أيضا المغرب والجزائر، على ان ارضيها اضحت منطقة عبور وإقامة للعديد من هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين من دول الساحل والصحراء الذين يجتازون الصحراء سنويا كمقدمة للانتقال إلى اوروبا.
وساهم هذا الإقرار في بلورة شبه موقف مغاربي موحد ازاء ظاهرة الهجرة غير الشرعية التى كانت وما تزال تؤرق العلاقات بين الدول المغاربية و الاوروبية، أساسه أن دول المغرب العربي ليست مستعدة لأن تتحول الى حارس لحدود دول جنوب أوروبا التى عادة ما يختارها الحالمون بالهجرة إلى الضفة الشمالية للمتوسط.
ويُشدد هذا الموقف على ان الهجرة غير الشرعية هي مسألة معقدة لا يمكن حلها عن طريق طرف واحد، ولابد من تضافر كل الجهود حتى تتمكن دول حوض المتوسط من السيطرة عليها من خلال مقاربات تأخذ بعين الإعتبار العوامل الإقتصادية والإجتماعية والإنسانية للحالمين بالهجرة، ولا تُركز فقط على الأبعاد الأمنية التي كثيرا ما تستند إليها المقاربة الأوروبية لمعالجة هذه الظاهرة التي حولت المتوسط إلى واحد من أخطر بحار العالم.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn