بقلم منذر الشوفي
دمشق 15 فبراير 2015 /رغم قسوة المشهد الذي يعيشه السوريون على مدى الأعوام الأربعة من عمر الأزمة السورية، ومشهد الدمار والخراب الذي ارتسم في مخيلة الكثيرين منهم، وسماع دوي الانفجارات بين الحين والآخر على مدار اليوم، الإ أن قسما من السوريين تحدوا كل هذا الواقع المؤلم، وأصروا على الاحتفال بعيد الحب، ولو في مشاهد وطقوس لم تكن كما كانت في السابق، وتبادل الكثير منهم المعيادات في هذا اليوم الوافد على ثقافة المنطقة عموما.
ربما البعض لم يكترث لهذا اليوم، وعاش يومه كباقي الأيام لقناعته بأن الظروف التي تعيشها البلاد غير مناسبة للاحتفال ، سيما وأن الضحايا من المدنيين والعسكريين تسقط يوميا بسبب القصف العشوائي من طرفي الصراع، الإ أن هذا لم يمنع الكثيرين من التعبير عن مشاعرهم ، عبر شرائهم هدايا لمن يحبون وتقديم البعض وردة حمراء كعربون محبة.
في السنوات الماضية لم يكن لهذا اليوم أي معنى، خاصة وأن دمشق كانت تتعرض لهجمات من قبل مقاتلي المعارضة المسلحة، وسقوط القذائف بشكل يومي على الأحياء السكنية، فغابت طقوس الاحتفال بهذا العيد، واقتصرت على الرسائل القصيرة بين المحبين.
وتلبس دمشق خلال هذه الأيام اللون الأحمر وخاصة بعض شوارع دمشق القديمة، فترى واجهت المحلات التجارية وقد كتب عليها عبارات لها بعلاقة بعيد الفلانتين ، وهدايا صممت لهذا اليوم وبالونات حمراء، وترى الشبان والشابات يتوافدون لشراء هدايا لمن يحبون قبل أيام من المناسبة، ويؤكد الكثير من السوريين بأنه ما زال هناك متسع للأمل والحب، الذي لم يستطع العنف أن يضع حداً لهما.
وفي أحد أسواق سوق الحميدية الشهير بدمشق القديمة، والذي قرر أن يعيد الالق لهذا اليوم في حياة السوريين، فقد زينت عشرات المحلات باللون الأحمر وكل منهم يتفنن بعرض منتجاته الخاصة، فهذا ملء الواجهة بالدببة ذات اللون الأحمر وذاك الذي صمم ورود حمراء مع دفتر ملون، وآخر صنع تحفا، بشكل لافت يجعل المرء يفكر ملينا بشراء أي منها.
وقال احمد الطويل صاحب محل في سوق الحميدية بدمشق لوكالة ((شينخوا)) بدمشق إن "القذائف الصاروخية التي نزلت على دمشق مؤخرا لم تمنع السوريين من الاحتفال هذا العام"، لافتا إلى أن مسيرة الحياة ستستمر، والحب لن يتوقف عند الناس مهما حصل لهم .
وأشار إلى أن طقوس الاحتفال بهذا اليوم واضحة من خلال حركة الناس وشراء الهدايا, ما يدل على أن السوريين يتحدون آلامهم ، ويتذكرون الحب.
وقالت فتاة شابة كانت تحمل وردة حمراء رفضت الكشف عن اسمها لوكالة ((شينخوا)) بدمشق "عيد الفلانتين هو يوم وافد على ثقافة المنطقة لكنه يوم جميل، رغم مرارة الظروف التي تعيشها سوريا"، مؤكدة أنها اشترت وردة حمراء ستقدمها لمن تحب في هذا اليوم، معربة في الوقت ذاته عن غلاء بعض أسعار الهدايا الخاصة بعيد الحب.
وفي شارع الصحالية بوسط دمشق وهو سوق متخصص ببيع الالبسة، فتجد عدد لأباس به من المحلات التجارية وقد زينت واجهات محلاتها باللون الأحمر وعرضت أجمل الملبوسات لإثارة انتباه المارة إليها.
واعتبر الشاب باسل (26 عاما) من مدينة اللاذقية ويعيش حاليا في دمشق بسبب العمل أن الظروف الحالية التي تعيشها سوريا لا تسمح بأن نحتفل بعيد الحب، سيما وأن "عددا كبيرا من الشهداء سقط خلال الأزمة "، مبينا أن الحب يمكن أن يحتفل به بأي يوم، معربا عن سعادته بأن يرى البعض من الناس يريد أن يحتفل بهذا اليوم.
ويشار إلى أن هناك عدد من اللافتات علقت في الأسواق والشوارع الرئيسية لدمشق عن وجود حفلات خاصة في بعض المطاعم بمناسبة عيد الفلانتين، يحيه نخبة من نجوم الطرب في سوريا.
والمشهد ذاته يتكرر في محافظة السويداء في جنوب سوريا، فالكثير من الشبان والشابات اللواتي اشترين هدايا، مؤكدين أن قلوب السوريين مملوءة بالحب، ولا يحملون الحقد كبعض الفصائل المسلحة التي تريد أن تعكر صفو البلاد بالفتاوى التي تحث على القتل والدمار.
ورغم الطقس البارد الذي يسود في محافظة السويداء التي لم تشهد أعمال عسكرية، إلا أن قسما من المواطنين أعربوا عن حزنهم لفقدان بعض من يحبون في الأزمة ، لكنهم تحدوا الألم وقاموا بشراء وردة حمراء ووضعها على صور من فقدوهم، تعبيرا عن حبهم لهم.
وخرجت الفرح والحب وأشياء أخرى ربما من قاموس بعض السوريين، الإ أن الحنين للأيام الخوالي تجعل السوريين أكثر إصرارا على إعادته إلى الواجهة بديل أنهم خرجوا واشتروا هدايا بعيد الفلانتين ، ربما في طقوس خجولة، لكنهم تحدوا كل شيء وعاشوا لحظات عبروا فيها عن مشاعرهم في هذا الركام الذي يحيط بهم.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn