تقرير سنوي: الصعوبات تلوح في الأفق بينما تدخل المحادثات النووية الإيرانية عاما جديدا

/مصدر: شينخوا/  08:15, December 22, 2014

القاهرة 21 ديسمبر 2014 / قررت إيران والقوى الدولية الكبرى الشهر الماضي تمديد الموعد النهائي لابرام اتفاقية شاملة بشأن البرنامج النووي المثير للجدل لطهران حتى يوليو من العام المقبل وهي الخطوة الثانية من نوعها التي تتخذ هذا العام.

قرار التمديد هذا ربما يكون إشارة لانجاز هو الاكثر وضوحا بعد أكثر من عام من محادثات صعبة متقطعة لم تشهد تقدما كبيرا يقلل الفجوات بين الجانبين.

وفي الاشهر المقبلة، إذا لم يتم التوصل إلى تسوية دائمة، فسيظل حلم إيران والمجموعة التي تضم ست دول فيما يعرف بمجموعة خمسة زائد واحد بعيدا في ايجاد قاعدة مشتركة لابرام اتفاقية نهائية قبل ان ينفد الوقت مرة أخرى.

التقدم الذي احرز في 2014

في الوقت الذي اجرت فيه إيران ومجموعة خمسة زائد واحد التي تضم (الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة) العديد من الجولات، حاولوا أيضا تنفيذ خطة عمل مشتركة تم التوصل إليها بينهما اواخر العام الماضي في جنيف، وبدأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية جولتها التفتيشية ومراقبتها للبرنامج النووي الإيراني من أجل أن تضمن إن إيران تتعاون بشكل فعلي.

ووفقا لتقرير اعدته الوكالة، فإن الجمهورية الإسلامية توقفت عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وهي خطوة فنية تسبق تطوير اليورانيوم الذي يستخدم لصنع الاسلحة. كما اوقفت انشطة كبيرة في مفاعل آراك للماء الثقيل والبلوتونيوم.

كما وعدت إيران ببناء محطة ستحول فيها اليورانيوم بنسبة خمسة في المائة إلى أوكسيد والذي لا يمكن أن يستخدم لمزيد من التخصيب.

وبدأت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل تعليق بعض العقوبات الاقتصادية ضد إيران في عدة مجالات مثل قطاع السيارات وتجارة المعادن النفيسة والتجارة وقطع غيار السيارات والصادرات البتروكيماوية.

ستحصل طهران نتيجة تخفيف العقوبات على سبعة مليارات دولار، منها 4.2 مليار حصيلة مبيعات النفط الإيراني في الحسابات المجمدة.

ومع تخفيف العقوبات بشكل معتدل، حقق الرئيس الإيراني حسن روحاني بعض التقدم في استقرار اقتصاد البلاد العام الجاري. وجعل معدل التضخم ينخفض من 39 في المائة إلى 17 في المائة. ومن المتوقع ان ينمو الاقتصاد الوطني بنسبة 1.5 في المائة بعد عامين من الركود، وفقا لبيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي.

ما السبب وراء الانقسام؟

تتمثل المشكلات الأكثر صعوبة التي تقسم المفاوضين الآن في مدى قدرة إيران على الاستمرار والخطوات التي ستتخذ لرفع العقوبات التي فرضها الغرب على إيران.

وتريد القوى الغربية من إيران خفض انشطتها لتخصيب اليورانيوم بشكل كبير بما في ذلك تقليل عدد اجهزة الطرد المركزي إلى بضعة آلاف. وافاد تقرير إعلامي اخير إن إدارة أوباما وافقت على السماح لإيران بتشغيل ستة الاف جهاز طرد مركزي مقارنة بنحو أربعة آلاف منذ عدة اسابيع.

وتمتلك إيران 9400 جهاز طرد مركزي في الخدمة وقرابة 10 آلاف أخرى لا تعمل وتصر على إنه يتعين عليها الاستمرار في مستواها الحالي لتوفير الوقود للحصول على الكهرباء وغيرها من الاغراض السلمية. وقال الزعيم الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامئني إن بلاده يجب ان تمتلك ما لايقل عن 19 ألف جهاز، وهو "خط أحمر."

وعلى صعيد متصل، فإن مصير مفاعل آراك الذي لم يكتمل بعد مثار قلق الغرب. حيث يمكن للمفاعل أن ينتج بلوتونيوم لصنع قنابل، في حين تقول إيران إنه فقط لاغراض البحث الطبي والزراعي.

وتطالب واشنطن وغيرها من العواصم الغربية بأن تعيد إيران تصميم المفاعل ليكون مفاعل للمياه الخفيفة وهو ما سيضع حدا لكميات البولوتونيوم المستخدمة. وعلى العكس من ذلك، فإن مقترح اعادة هندسة نظم العمل عند الإيرانيين يمكن التراجع عنه وهو ما عارضته الولايات المتحدة.

وفيما يتعلق بالعقوبات فإن إيران ترغب في رفعها فورا، في حين يقول الغرب إن العقوبات ستخفف بشكل تدريجي في حالة عدم إذعان إيران.

ثمرة انعدام الثقة

وبرغم إنه لم يتضح بعد إذا ما كان يمكن تضييق تلك الفجوات أم لا أو ان المفاوضين سيجتمعون معا لإجراء محادثات في الاشهر المقبلة إلا انه لا شيء مؤكد بأن القضية النووية الإيرانية بالفعل وصلت لذلك نتيجة انعدام الثقة.

ففي عام 1953، من أجل النفط، نظمت الولايات المتحدة بمساعدة بريطانيا انقلابا عسكريا في إيران اطاح بحكومة محمد مصدق، واعاد حكم الشاه محمد رضا بهلوي.

بيد أنه في 1979، اطيح بشاه إيران، الذي كان يعد اكثرهم اعتمادا على واشنطن، في الثورة الاسلامية وهو ما ادى إلى أزمة رهائن وهو عامل اسهم بشكل رئيسي في جعل الرئيس جيمي كارتر يتولى فترة رئاسية واحدة.

وكانت ثورة 1979 نقطة تحول بدأت منها طهران وواشنطن اعتبار بعضهما البعض خصمين وتدهورت علاقاتهما منذ ذلك الحين.

وقبل المحادثة الهاتفية بين الرئيس أوباما والرئيس الإيراني المنتخب حديثا حسن روحاني في سبتمبر العام الماضي واتفاقهما على تسريع المحادثات النووية لم يكن هناك اتصالات مباشرة بين قادة البلدين منذ أزمة الرهائن. ومن ثم كان من السهل أن يفهم لماذا هناك العديد من المتشددين في البلدين يمهدون الطريق امام الصراع في حالة فشل المحادثات.

صعوبات منتظرة

وتوضح الخلافات الكبيرة والثقة المنعدمة منذ فترة طويلة إنه يتعين على المفاوضين في المحادثات المستقبلية أن يتعاملوا مع الضغط الدولي والمحلي الذي لم يسبق له مثيل والتحلي بالحكمة السياسية من أجل إبرام اتفاقية نووية شاملة.

وعقد المفاوضون الأمريكيون والإيرانيون منذ أسبوع فقط اجتماعا استمر ليومين في مدينة جنيف السويسرية للاستعداد لمحادثات اوسع حول كيفية إنهاء النزاع المستمر منذ فترة طويلة. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجشي إن المحادثات "مفيدة ومثمرة للغاية"، في حين لم يدل الفريق الأمريكي بأي تعليق.

في الحقيقة إذا فشلت المفاوضات، لن يكون هناك منتصرا، واول من سيعاني ذلك هو إيران.

ودون اتفاقية نووية، فإن الحكومة الإيرانية المعتدلة ستواجه شعبية منكمشة داخليا، ربما يسحب آية الله خامئني مواقفه الداعمة للمحادثات. وفي الوقت ذاته، فإن الاقتصاد الإيراني سيتضرر بالعقوبات المفروضة من قبل القوى الغربية، لاسيما في تلك اللحظة التي تنهار فيها اسعار النفط.

وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن الشرعية الدبلوماسية للرئيس أوباما ستتلقى ضربة قوية إذا فشلت المحادثات في التوصل إلى اتفاق شامل.

وعلاوة على ذلك، فإن واشنطن ربما يتعين عليها ان تتعامل مع حكومة إيرانية غير متعاونة ومع وضع أمني أكثر تعقيدا في الشرق الأوسط الذي انغمس في الصراعات وصعود خطر تنظيم الدولة الإسلامية وغيرها من المنظمات الإرهابية.

لا شك إنه عندما يجتمع المفاوضون معا تحت سقف واحدة مرة أخرى العام المقبل، سيتعين عليهم أن يعلنوا الثمن الذي يودون دفعه لإبرام اتفاقية نهائية.