تعليق: من يشغل الفراغ بعد انسحاب القوات الامريكية والبريطانية من افغانستان؟

أنهت آخر وحدات مشاة البحرية الامريكية والقوات القتالية البريطانية عملياتها العسكرية رسميا في افغانستان يوم 26 اكتوبر الجاري،وتم تسليم القاعدة العسكرية البريطانية والأمريكية الى القوات الافغانية.

استمرار تقلبات الاحداث

هز انفجار انتحاري عاصمة مقاطعة قندوز في شمال افغانستان ما أسفر عن مقتل 11 شخصا و اصابة 10 آخرين بعد يوم واحد فقط من انسحاب القوات الامريكية والبريطانية، وأعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عن هذا الهجوم.ويبدو أن قوات الامن الافغانية سوف تواجه اختبارا أصعب في السيطرة الكاملة على الدفاع المحلي بعد انسحاب القوات القتالية التابعة لحلف شمال الأطلسي.

ومن ناحية أخرى، تحتاج الحكومة الافغانية الجديدة الى فترة طويلة للتمكن من التشكيل والتشغيل. وقال أشرف غني بعد تنصيبه رئيسا جديدا في أفغانستان في 29 سبتمبر،أنه بموجب اتفاق تقاسم السلطة في السابق تم تعيين منافسه ووزير الخارجية السابق عبد الله في منصب رئيس الحكومة.

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الانتخابات الرئاسية التي جرت على جولتين ودامت ثمانية اشهر من العداء و مبارات الاستعراض الدولي ومفاوضات لتقاسم السلطة وصلت اخيرا الى نهايتها، وسوف يواجه الاثنين تحديات الائتلاف الحاكم في افغانستان.ويمكن ان نرى من جوانب عديدة، أن الوضع الحالي لافغانستان يختلف كثيرا عن ما كان عليه قبل الانتخابات.

وقام الرئيس الافغاني الجديد أشرف غني بزبارة الصين يوم 28 اكتوبر الجاري تستمر 4 ايام، يحضر خلالها مؤتمر وزراء الخارجية الرابع لعملية اسطنبول حول أفغانستان الذى سيعقد فى بكين يوم 31 اكتوبر الجاري، وسوف تناقش دول الاعضاء القضايا الامنية والاقتصادية والسياسية في افغانستان.

صعوبات عديدة تواجهها

تواجه افغانستان في الفترة الحاسمة من انسحاب القوات الامريكية والبريطانية وتولى الحكومة الجديدة السلطة الكثير من الصداع، وعلى ما يبدو أن الحكومة لا يمكن ان تسير اتجاه عكسي.

تتميز افغانستان بالوضع الجيوسياسي الخاص، الشرق متصل بالصين، الجنوب متصل بجنوب آسيا، الغرب متصل بمنطقة النفط في الشرق الاوسط، الشمال متصل بوسط آسيا وروسيا . وحسب تحليل لي تشون يينغ استاذ كلية العلوم السياسية والإدارة العامة بجامعة الصين للعلوم السياسية والقانون، فإن العديد من الدول تريد التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان عبر التاريخ، وعلى الرغم من انسحاب القوات الامريكية والبريطانية، إلا أن تأثيرهما الاستراتيجي يبقى قائما ويبقيان على درجة معينة من السيطرة، كما سوف تكون في الاجتماع معركة شرسة بين الدول الكبرى.

بالإضافة إلى النزاعات التي يمكن ان تقوم بسبب موقعها الخاص، واستمرار هجمات تنظيم "القاعدة" طيلة السنوات الماضية مدعاة للقلق. ولان العراق باتت " درس " للجميع، هناك قلق بين الدول المجاورة لأفغانستان من مغادرة قوات الناتو في افغانستان. وعلى الرغم من أن قوات حلف الناتو متمركز في افغانستان لسنوات عديدة، لكن طالبان وغيرها من المتمردين لا تزال نشطة، وعودتهم محتملة ايضا.

قال وو هونغ وي، مدير مكتب بحوث آسيا الوسطى بمركز بحوث روسيا وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، أن الحكومة الجديدة تواجه وضع معقد جدا و الكثير من المشاكل والتحديات منها الفصائل السياسية العديدة، وامراء حرب ، قوى متشابكة.

ويعتقد لي تشون يينغ ان الحكومة الافغانية الجديدة لديها خلفية عميقة مع الولايات المتحدة، وأن حصول الحكومة المدعومة من قبل الولايات المتحدة على موافقة الشعب لفترة طويلة غير معروف، وسيطرة الحكومة الجديدة لن تكون قوية.

وبالإضافة إلى ذلك، يواجه اعادة الاعمار الوطني صعوبات عديدة منها ركود الاقتصاد، وانتشار المخدرات وغيرها من القضايا الاخرى .

افغانستان بحاجة الى الاعتماد على نفسها مستقبلا

المشاكل السياسية، الامن العسكري والتنمية الاقتصادية جعلت الحكومة الافغانية تواجه ضغوطات هائلة.

واشار وو هونغ وي الى أن قوات حلف الناتو لن تنسحب تماما، ويحافظ المجتمع الدولي ايضا على اهتمامه بافغانستان، وتقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية. كما أن الوضع في افغانستان لن يشهد تغيرات كبيرة، حيث ان الهجمات المسلحة لن تسمح للوضع في افغانستان ان يشهد أي تغيرات على المدى القصير.

ويعتقد لي تشون يينغ ، أن الحكومة الافغانية الجديدة يمكن الحفاظ على الوضع الراهن على المدى القصير، لكن سوف يواجه الكثير من المشاكل على المدى الطويل.

تواجه التنمية الافغانية تحديات وفرص مستقبلا. وحسب التحاليل التي نشرتها وسائل الاعلام الاجنبية، فإن زيارة رئيس افغانستان الجديد الى الصين فرصة جيدة للحكومة الافغانية الجديدة ينبغي اغتنامها ، ويجب على أفغانستان التعاون مع دول اخرى في اطار المؤسسات الدولية مثل منظمة شنغهاي للتعاون

لا يمكن للاهتمام الدولي بافغانستان أن يسترخي ، ولا يمكن تحقيق الاستقرار في الدول المجاورة لأفغانستان إلا تعزيز التعاون بين الاطراف، وانشاء آلية دولية عادية،. الاهم من ذلك، يجب على الحكومة الافغانية التركيز اكثر على وضع السياسة الاقتصادية والسياسية،لانشاء مجتمع شامل في اقرب وقت ممكن، لتعزيز الحوار بين الأطراف، يجب ان تكون القوة السياسية قوية، ويمكنها مكافحة الجماعات المسلحة المتطرفة.

وفي نهاية المطاف، حل المشكلة الافغانية تحتاج الى الاعتماد على الافغان انفسهم.