البقاع (شرق لبنان) 12 سبتمبر 2014 /يعاني النازحون السوريون في لبنان من "حالة عداء" تصاعدت في الفترة الأخيرة إلى حد الاعتداء المباشر وتوزيع منشورات مجهولة في بلدات وأحياء بقاعية تتوعدهم في حال لم يخلوا مخيماتهم وينتقلوا إلى مناطق أخرى.
ويأتي ذلك وسط شعور لدى اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم السياسية والمذهبية بالخطر الناتج عن ارتفاع عدد السوريين في لبنان بعد ما تعرض له الجيش من اعتداءات في بلدة عرسال الحدودية على يد مسلحين من جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية قدموا من سوريا وخاضوا معارك ضد الجيش واختطفوا عشرات العسكريين وأعدموا جنديين منهم.
وفي مواجهة هذا الوضع يستشري القلق الشديد على المصير في أوساط النازحين السوريين الذين التقتهم وكالة أنباء ((شينخوا)) في منطقة البقاع بشرق لبنان التي تضم العدد الأكبر من النازحين إلى لبنان.
وفي بلدة عزة عند الأطراف الشرقية لسهل البقاع، وقف النازح السوري من إدلب حميد العلي، حائرا وحزينا أمام ما تبقى من خيمته بعدما أحرقها شبان لبنانيون غاضبون من تصرفات تنظيم الدولة الإسلامية المعروف اختصارا باسم (داعش) في محور (عرسال/القلمون/) عند الحدود اللبنانية السورية الشرقية.
وقد أتت النيران على محتويات الخيمة وفقد العلي بذلك كل ما يملك في غربته، وبات لا يعرف طريق السلامة وإلى أين يهرب مع عائلته المؤلفة من خمسة أشخاص، حسب ما يقول.
وتابع العلي ل(شينخوا) "بتنا في قلق وحيرة شديدين، فالضربات تأتينا من كل جانب دون ذنب سوى أننا نازحون من التابعية السورية".
وأضاف "لم تفرق ردات فعل اللبنانيين الغاضبين من داعش وجبهة النصرة بينهما وبين النازحين الأبرياء ، وأصبح الجميع سواسية في الجريمة".
وأشار العلي إلى أن تجمعات النازحين باتت أيضا هدفا للقوى الأمنية والعسكرية اللبناني، موضحا أنه خلال ساعات فجر يوم أمس الخميس داهمتنا بقسوة عشرات العناصر اللبنانية التي تفتش عن مشبوهين وتدقق في الأوراق الثبوتية للنازحين.
كذلك قال النازح من ريف حلب عبد الكريم الفليحة ل(شينخوا) إن القوى الأمنية فتشت خيم المخيم الذي يقيم فيه وبعثرت محتوياتها بحجة أن لديهم معلومات عن وجود مشبوهين وأسلحة ومتفجرات.
وأضاف "لم يزعجنا ذلك كثيرا، فهذا حقهم في ظل الإعتداءات التي تتعرض لها القوى الأمنية والأوضاع المتردية التي فرضها داعش والنصرة، لكن ما يزعجنا أننا أصبحنا بنظر شريحة واسعة من اللبنانيين في قفص الاتهام حيث ينظرون إلينا كأعداء خطرين، بعدما كنا حتى الأمس القريب ضيوفا أعزاء".
وتنفذ القوى الأمنية اللبنانية مداهمات بصورة يومية لتجمعات النازحين السوريين في كافة المناطق اللبنانية، غالبا ما يرافق هذه المداهمات اعتقالات لمشتبه بهم ومصادرة أسلحة وتوقيف لمخالفي شروط الإقامة في البلاد.
وقال مصدر أمني لبناني ل(شينخوا) إن هذه الاجراءات تهدف الى كشف اي اتجاه تخريبي تعد له الجهات المرتبطة بداعش والنصرة وكشف الخلايا النائمة.
وتابع أن البلديات في عدد من القرى والبلدات التي تضم أعدادا كبيرة من النازحين، فرضت منع تجولهم من التاسعة ليلا حتى السادسة صباحا.
وكشف المصدر أن مافيات لبنانية تقوم بأعمال تهريب شبان سوريين إلى لبنان مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 100 و400 دولار عن كل شخص، مشيرا إلى اعتقال العديد من أفرادها وأنهم رهن التحقيق.
في السياق ذاته، تلقت عائلات سورية نازحة تهديدات بضرورة ترك المنازل حيث يقطنون في إحدى القرى البقاعية عبر بيانات تحذيرية من جهات مجهولة ذيلت بعبارة "اعذر من انذر" ولم يكن أمام هؤلاء إلا الرحيل.
وتقول النازحة من ريف دمشق أم علاء ساهرة الدهيني، "انتابنا الخوف لكن ليس باليد حيلة فقررنا أن نحزم امتعتنا ونغادر إلى مكان آخر".
وتابعت "لقد وضعنا بين فكي كماشة، القلق والخوف من جهة والعوز والفقر من جهة أخرى".
وقالت بأسف "تحولنا إلى جماعة مكروهة وغير مرغوب فيها وكرة ثلج العداء تكبر يوما بعد يوم".
بدوره، رأى النازح المدرس في جامعة حلب الدكتور نزار الصيفي أنه "من حق اللبناني أن ينظر إلينا بعين الغضب، فما يفعله داعش والنصرة لطخ جبيننا بالعار فعلا وجعلنا أقرب إلى الإرهاب".
ويشير الصيفي إلى أن ذبح داعش لجنود لبنانيين أسرى لديها "يزيد الطين بلة، ويبدو أن القادم أخطر حتما مما يحتم علينا أن نبدي تعاونا وتفاهما مع إخواننا اللبنانيين، حتى نتجاوز جميعا هذه الأزمة الخطرة".
وتشير تقارير قوى الأمن الداخلي الأخيرة إلى حصول حوادث اعتداء ومحاولة قتل بالجملة لنازحين سوريين في أكثر من منطقة.
ومن بين هذه الاعتداءات، حسب التقارير، محاولة حرق سيارة كان في داخلها سوريان، وتعرض عامل سوري في ورشة بناء للطعن.
كما تم الاعتداء بالضرب على عامل سوري في محطة وقود، وجرح سوريين بسبب إطلاق مجهولين النار على مخيم للنازحين السوريين، وإطلاق نار على تجمع آخر للنازحين دون إصابات.
وخلال الأيام الأخيرة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر تعرض نازحين سوريين للضرب على يد شبان لبنانيين بعد الإعلان عن إعدام جندي لبناني من المحتجزين لدى تنظيم الدولة الإسلامية.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية السبت عن "ذبح" جندي لبناني محتجز لديه منذ نحو شهر يدعى عباس مدلج، وذلك بعد أيام من إعدام آخر.
وقد كانت هذه الحوادث موضع تنديد الحكومة اللبنانية.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس في تصريحات الخميس "مسؤولية الدولة اللبنانية عن أمن المواطنين الذين يعيشون على أراضيها ايا كانت جنسياتهم"، معربا عن استهجانه لكل "اعتداء على المساكين الذين انتزعوا من بيوتهم ولجأوا إلى الخيم".
وقال درباس إن الانتشار الواسع للنازحين في الجسم اللبناني يسبب حساسيات أمنية واجتماعية، مشيرا إلى أن الحكومة ستباشر خلال أسابيع بناء مخيمات تجريبية على الحدود مع سوريا لاختبار هذه التجربة وتعميمها في حال نجاحها.
ويقيم في لبنان نحو مليون و200 ألف نازح مسجل رسميا.
وقد شدد درباس على أن لبنان الذي يستضيف هذا العدد من النازحين السوريين "لن يستقبل بعد اليوم أي نازح جديد، إلا في حالة الضرورة الإنسانية القصوى".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn