غزة 28 يوليو 2014 / سيطرت عبارات التعازي والمواساة والاطمئنان بالسلامة على لقاءات الفلسطينيين في قطاع غزة عوضا عن الاحتفاء بتبادل التهاني بأول أيام عيد الفطر السعيد.
وحل العيد لهذا العام بأوضاع مأساوية على سكان القطاع الساحلي الذي يتعرض لهجوم إسرائيلي يعد الأكثر دموية منذ خمس سنوات وربما لم يسبق له مثيل منذ عدة عقود.
وقتل أكثر من ألف فلسطيني وجرح ستة آلاف آخرون جراء هجمات إسرائيلية عنيفة تسببت كذلك بنزوح نحو ربع مليون شخص عن منازلهم ودفعت بتدهور في الأوضاع الإنسانية.
ورفض الطفل أمجد حلس الذي لم يتجاوز (9 أعوام) مجرد الاعتراف بأن هذا اليوم هو أول أيام العيد بينما كان يجلس وحيدا في فناء مدرسة تديرها الأمم المتحدة وتأوي آلاف النازحين وسط غزة.
وقال حلس إنه "حزين ولن يتحدث لأحد ولا يعني ما يسمى العيد له شيئا".
وشرح عم الطفل أمجد ويدعى غسان (35 عاما) حالة البؤس التي يعانيها أمجد لفقدانه والديه وأشقاءه الثلاثة الذين قضوا في غارة إسرائيلية على منزلهم في حي الشجاعية شرقي غزة.
وقال إنه لولا وجود أمجد في منزله المجاور لمنزل عائلته لقتل معهم، لافتا إلى أنه يبكي طول الليل وهو صامت يرفض الحديث مع أحد أو حتى اللعب مع أقرانه من الأطفال.
وأخذ بعض الصبية يتناقلون الكرة في فناء المدرسة بينما غطت واجهات حجرات الدراسة قطعا من ملابس وأغطية قدمتها لعائلاتهم جمعيات خيرية.
ولم تجد عائلات هؤلاء الأطفال ملاذا لهم سوى حجرات الدراسة فاستغلتها مكانا للنوم والطبخ وغيره.
ويمثل سكان المناطق الحدودية شرقي قطاع غزة العدد الأكبر من هؤلاء النازحين الذين دمرت الهجمات الإسرائيلية منازلهم، ويمنعهم الجيش الإسرائيلي حتى الآن من العودة إلى مناطقهم.
واكتفت امرأة بالتضرع إلى الله أن ينتقم من الإسرائيليين لقاء تشريدها وأطفال وحرمانهم من فرحة العيد.
وقالت امرأة أخرى كانت تقف بجوارها إن وضعهم سيء جدا وحتى المساعدات لا تكفي، مضيفة "الله وحده يعلم متى نرجع لبيوتنا، ونحن ننتظر أن نعود اليوم قبل الغد".
وذكر زوجها أنه عاد للبحث عن أغراض في بيتهم المدمر في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة لكنه لم يعثر على شيء سوى الدمار وآثار القصف والحرائق وجثث القتلى والرائحة الكريهة.
وجميع النازحين تقريبا خرجوا من منازلهم بملابسهم فقط، وهم يستقبلون العيد بأشد الأوضاع تدهورا في العراء.
وقالت سيدة عرفت عن نفسها بأم وليد في نهاية الثلاثينات من عمرها، إن أطفالها سألوها هل فعلا اليوم العيد دون أن يحتفلوا بمنزلهم ويقتنون ملابس جديدة وألعاب.
وتفرق شمل أغلب العائلات النازحة بين عشرات المدارس التي تديرها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
واشتكت أونروا من أنها تواجه ضغوطا شديدة نتيجة تزايد أعداد النازحين ونقص إمكانيات توفير احتياجاتهم من أغطية وملابس وطعام.
وظل نازحون آخرون يقيمون في حدائق المستشفيات خصوصا مجمع الشفاء الطبي الذي ازدحم بعشرات الخيام لنازحين من مناطق متفرقة في شرقي مدينة غزة.
وقال رجل مسن بينما كان يجلس مع أربعة من أحفاده بملابس مهترئة، إنه لم يمر على حياته عيد بكل هذه القسوة ، وهو وعائلته مشردون في فناء مستشفى لا يجدون مأوى يلم شملهم.
وذكر هذا الرجل أنه فقد اثنين من أبنائه ووجد نفسه مسؤولا عن أحفاده اليتامى رغم أنه على حافة الموت ناهيك عن أن ثلاثة منازل للعائلة في حي التفاح شرقي غزة تم تسويتها بالأرض.
وقالت امرأة ثكلى بصوت متهدج في خيمة نزوح مجاورة، إنهم لا يشعرون بأي بهجة للعيد بعد مقتل ابنها واثنين من أحفادها في هجوم لم يأبه من شنوه من جنود إسرائيليين لبراءة الأطفال.
وأضافت وهي تمسك بيديها صورتين لطفلين لم يتجاوزا (8 أعوام) ذكرت أنهما قتلا في غارة إسرائيلية "أي عيد يمكن أن نحتفل به وقد تحول صغارنا إلى أشلاء ممزقة، إسرائيل دمرتنا (...)".
وقتل 236 طفلا وأصيب نحو ألفين آخرين من إجمالي حصيلة الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأغلقت المحال التجارية أبوابها ليلة العيد في مدينة غزة، وحل الظلام في معظم أحيائها نتيجة ما خلفه الهجوم الإسرائيلي من دمار واسع جعلها تبدو كمدينة أشباح.
وخلت الشوارع من سكان المدينة الذين انشغلوا بدفن قتلاهم وتضميد جراح مصابيهم.
وقال شاب يدعى نور السوافيري متهكما "اعتدنا على رائحة الكعك في ليالي العيد، لكن هذا العام لا نجد سوى رائحة البارود ودخان القذائف والموت تسيطر على كل الأجواء".
ودعا مجلس الأمن الدولي وأطراف دولية إلى تهدئة إنسانية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بمناسبة عيد الفطر غير أنه لم يتم الاتفاق بين الجانبين على ذلك.
ورغم تراجع وتيرة الهجمات المتبادلة فإن فلسطينيين اثنين أحدهما طفل قتلا صباح أول أيام عيد الفطر في قصف مدفعي على بلدة جباليا شمال قطاع غزة شنته إسرائيل التي أصيب أحد جنودها برصاص نشطاء فلسطينيين.
واستغل مسعفون وطواقم من الدفاع المدني الفلسطيني الهدوء النسبي في انتشال المزيد من جثث القتلى من تحت أنقاض منازل مدمرة في أطراف قطاع غزة الشرقية.
وقال مسعفون إنهم انتشلوا ما لا يقل عن 12 جثة متحللة وأنهم يجدون صعوبة بالغة في التعرف على هوياتهم.
وتكابد عائلات فقدت أبناء لها الأمرين في ظل مصيرهم المجهول وعدم العثور حتى على جثثهم.
وبدت المقابر العامة التي ازدحمت بمئات الجثث على مدار الأيام الماضية أكثر المناطق استقبالا لسكان غزة وسط أجواء من الحزن والحداد.
وقال سائد عريف الذي فقد شقيقه وثلاثة من أقاربه جرى دفنهم في مقبرة (الشيخ رضوان) شمال غزة، إنهم أجبروا على دفن الأربعة في قبرين فقط ومكان شخصين من العائلة توفيا قبل أكثر من عقدين.
وأضاف بغضب أنه حتى القبور باتت تعز على أهل غزة وسط ما يتعرضون له من هجمات بالقصف الجوي والمدفعي وتدمير شامل لكل مظاهر حياتهم.
وغير آلاف الفلسطينيون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) كلمة "عيد سعيد" التي تطلق عادة على عيد الفطر، إلى "عيد شهيد"، حدادا على أرواح الضحايا وما آلت إليه الأمور في غزة نتيجة الهجوم الإسرائيلي.
وانعكست حالة غزة على الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية فعم الحداد مدنها واقتصرت مظاهر عيد الفطر فيها على أداء الشعائر الدينية
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn