بقلم وو سحر
بكين 18 يونيو 2014 / بعد رفع الستار عن كأس العالم لكرة القدم لعام 2014 في ملعب "أرينا كورينثيانز" في مدينة ساو باولو البرازيلية، بدأ المشجعون في أنحاء العالم يتابعون مبارايات البطولة بشغف شديد في الوقت الذي تعالت فيه التساؤلات حول مدى إمكانية أن يغدو المونديال "منقذا" لاقتصاد البرازيل القابع في مستنقع الركود.
تعد البرازيل واحدة من أكثر بلدان العالم النامي تقدما من الناحية الاقتصادية ومدرجة في مجموعة (البريكس) مع كل من الصين والهند وجنوب أفريقيا، وفي العام 2007 الذي فازت فيه البرازيل بطلب استضافة المونديال، كان معدل نموها مستقرا عند مستوى 6.1%، ولكن بعد وصول الرئيسة روسيف إلى سدة الحكم في 2011، عانى اقتصاد البرازيل من ركود شديد ولم يعد معدل نمو إجمالي الناتج المحلي يتجاوز 2%.
وتتباين وجهات نظر المحللين الاقتصاديين حيال هذه المسألة بين الإيجاب والسلب، بينما يقدم محلل صيني بارز "روشتة خاصة" لمساعدة البرازيل على إعادة إنعاش اقتصادها عبر الاستفادة من الفرص المتاحة من استضافة المونديال.
-- قوة حفز في سبعة جوانب
كانت الرئيسة روسيف من بين أؤلئك الذين يسودهم تفاؤل بالغ إزاء استضافة المونديال، إذ توقعت بأن المبارايات التي تقام على مدار أكثر من شهر واحد ستتيح أكثر من 500 ألف فرصة عمل بالبلاد وترفع معدل إجمالي الناتج المحلي بواقع نصف نقطة مئوية.
واتفق معها في الرأى الكثير من المحللين الذين أكدوا أن استضافة المونديال ستؤتى ثمارا هائلة في جوانب شتي: أولا، زيادة دخل قطاع السياحة حيث من المتوقع أن يتدفق أكثر من 600 ألف سائح أجنبي على البرازيل خلال شهري يونيو ويوليو ليصل إجمالي إنفاقهم إلى حوالي 2.95 مليار دولار أمريكي إضافة إلى 7.95 مليار دولار من إنفاق السائحين البرازيليين المحليين، وثانيا، توسيع سعة المطارات وتحسين الخدمة فيها بفضل إجراءات ترميم المطارات القائمة وسط توقعات بتضاعف قدرة مطارات المدن الـ12 المستضيفة للحدث، وثالثا: زيادة إجمالي الناتج المحلي للبلاد.
وأضاف المحللون أن الجوانب الأخرى تكمن في رابعا: زيادة ربح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيث يقدر بأن تجنى أرباحا قدرها 215 مليون دولار أمريكي مع اختتام المونديال، وخامسا: زيادة فرصة العمل حيث تتوقع حكومة البرازيل توفير 14 مليون فرصة عمل دائمة أو مؤقتة قبل وأثناء المونديال في قطاعات مثل الإنشاء والمطاعم والسياحة. وسادسا: زيادة إيرادات الضرائب بواقع 7.79 مليار دولار أمريكي حسب التقديرات الصادرة عن وزارة الشباب البرازيلية، وأخيرا: تحسين صورة البرازيل حول العالم، إذ أن تنظيم المونديال علي نحو سليم وناجح سيساعد بدوره في جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة تدفق السائحين الأجانب والدفع في اتجاه القبول الدولي لتعافي اقتصادها على الأمد الطويل.
-- سلبيات عدة تثبط التفاؤل
وعلى الرغم من ذلك، أكد المحلل الاقتصادي الصيني وانغ يونغ أنه من الصعب ترجمة التوقعات المتفائلة إلى فوائد حقيقية تحصدها آلة الاقتصاد البرازيلي نظرا لسوء تنظيم الإدارات الحكومية والمعارضة الشديدة من قبل الشعب.
وأوضح وانغ يونغ، كبير المحللين بالبنك المركزي الصيني، أن سوء التنظيم والعطلة الطويلة سيكبدان البلاد خسائر تقدر بحوالي 3.4 مليار دولار، ولاسيما أن الاضرابات والمظاهرات المتكررة تترك تأثيرات سلبية على الاقتصاد البرازيلي إضافة إلى تضاؤل رغبة السائحين الأجانب في زيارة البلاد خوفا من الوضع الأمني.. علاوة على ذلك، فضلت الكثير من المدن المستضيفة والمؤسسات البرازيلية منح عطلة طويلة لمواطنيها أثناء فترة المبارايات، الأمر الذي سيسفر عن خسائر قد تصل إلي بضعة مليارات من الدولارات .
وتابع وانغ قائلا إن الدخل الإضافي للقطاع السياحي، وهو ثلاثة مليارات دولار تقريبا، لا يشكل سوى نصيبا ضئيلا في الاقتصاد البرازيلي الذي يتجاوز إجمالي حجمه ألفي مليار دولار .
إضافة إلى ذلك، فرغم أن إيرادات التغطية التليفزيونية للمبارايات والإعلانات المعنية تمثل مبلغا هائلا يتراوح ما بين 2.9 و 3.9 مليار دولار، إلا أن معظم تلك الإيرادات تذهب إلى خزينة اتحاد كرة القدم الدولي والقنوات التليفزيونية المسؤولة عن التغطية طبقا للأعراف الدولية.
-- نصائح لاستعادة المجد الاقتصادي
لقد حققت البرازيل في سبعينيات القرن الماضي "منجزات اقتصادية" حيث استقر معدل نمو إجمالي ناتجها المحلي عند 11.5 في المائة خلال الفترة ما بين عامي 1967 و1973، إلا أنها عانت بعد ذلك من "عقد من فقدان التقدم" شأنها شأن العديد من الدول اللاتينية . وأشارت أرقام مصلحة الإحصاء البرازيلية إلى انخفاض معدل نمو إجمالي الناتج المحلي للربع الأول من العام الجاري إلى 0.2 % مقارنة بـ 0.4 % العام الماضي, لذلك، قامت مؤسسة ((موديز)) للتصنيف الائتماني بخفض تصنيف الائتمان السيادي للبرازيل إلى "بى بي سالب"، كما خفضت منظمة التعاون الاقتصادي توقعاتها لمعدل نمو الاقتصاد البرازيلي لعام 2014.
وعزا المحلل وانغ يونغ الركود الاقتصادي إلى المشكلات الهيكلية للبرازيل والتي تتركز في انخفاض القدرة التنافسية الناتجة عن تخلف التكنولوجيا وارتفاع التكلفة إضافة إلى تخلف قطاع الصناعة ، مؤكدا أن الأمر يستلزم من الحكومة تحسين وتعديل هيكلة الاقتصاد بدلا من تعليق الأمل على استضافة المونديال.
واقترح وانغ يونغ على الحكومة البرازيلية تسريع الإصلاح وإدخال تعديلات جذرية علي الهيكلة الصناعية ، وإيلاء اهتمام كبير بمسألة رفع مستوى معيشة الشعب، مشيرا إلى أنه لا يزال هناك 16مليون نسمة يرزحون تحت نير الفقر، مما يقتضى من الحكومة البرازيلية العمل على رفع مستوي معيشتهم وزيادة التمويل في قطاعي التعليم والرعاية الصحية حتى يتسنى حل مشكلة عدم التوازن الاجتماعي وتوفير بيئة مواتية للنهوض بالبلاد.
وأضاف وانغ أن الأمر يتطلب من الحكومة البرازيلية أيضا العمل على تحسين البني التحتية، فالاقتصاد البرازيلي يعتمد على الاستهلاك المحلي بشكل كبير وإهمال تطوير قطاعات النقل والطاقة والمواصلات يفضى إلى تخلف البلاد وعرقلتها عن تحقيق التنمية المنشودة.
إلى جانب ذلك، لا بد للحكومة البرازيلية أيضا من الاهتمام بالتأثيرات طويلة المدى أكثر من التأثيرات قصيرة المدي عند وضع السياسات الاقتصادية لمواجهة الأزمة ، ورفع فعالية الإنتاجية ، وزيادة التمويل في القطاعات الجوهرية حتى يعود ذلك بفوائد طويلة الأمد على الاقتصاد .
وأكد المحلل أن استضافة مونديال 2014 وأولمبياد 2016 في مدينة ريو دي جانيرو تتيح فرصة نادرة للبرازيل لتطوير بناها التحتية وتحسين صورتها العالمية وتجعل "الكرة في ملعب" البرازيل لاستعادة مجدها الاقتصادي السابق، معبرا عن ثقته في قدرة الاقتصاد البرازيلي على الخروج من حالة الركود الحالية وتحقيق نهضة جديدة إذا ما تسنى حل المشكلات القائمة وإجراء إصلاح حقيقي.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn