القاهرة 3 يونيو 2014 / أثار الكشف عن اتجاه وزارة الداخلية المصرية لمراقبة شبكات التواصل الاجتماعي موجة من الغضب خاصة في أوساط النشطاء والحقوقيين والشباب، معتبرين ذلك ردة على الحريات والحقوق، فيما اعتبره خبراء أمنيون ضرورة تفرضها متطلبات الأمن القومي.
وسادت حالة من الجدل في أعقاب قيام صحيفة (الوطن) المصرية المستقلة بنشر كراسة الشروط التي طرحتها وزارة الداخلية لإنشاء نظام "رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي".
وبحسب كراسة الشروط المطروحة فإن النظام الجديد يستهدف رصد، "ازدراء الأديان والتشكيك فيها، واثارة النعرات الاقليمية والدينية والعرقية والعقائدية والطبقية، ونشر الشائعات المغرضة، وتحريف الحقائق بسوء نية، وتلفيق التهم والتشهير والاساءة للسمعة، والسخرية المهنية واللاذعة، والقذف والسب، واستخدام الألفاظ النابية والعبارات الجارحة".
وتتضمن كذلك رصد، "الدعوة للخروج على الثوابت المجتمعية وتشجيع التطرف والعنف، والتمرد، والحشد للتظاهر والاعتصام، والاضراب غير القانوني، والاباحية والانحلال والفسق والفجور، والتعريف بطرق تصنيع المتفجرات، وتكتيكات الأعداء، واثارة القلاقل وأعمال الشغب، والدعوة للتطبيع مع الأعداء، والالتفاف على استراتيجية الدولة، وتصيد الزلات، وتتبع العورات، واجتزاء كلام من سياقه للاساءة لمن صرح به، ونشر الخرافات".
أكد مدير مؤسسة البيت العربي لحقوق الانسان مجدي عبدالفتاح أن إبداء الرأي وحرية التعبير ضمنها الدستور المصري، وأن أي مراقبة تفرض عليها هي انتهاك لحرية الرأي والتعبير، ويخالف صراحة نص المادة 57 من الدستور المصري الذي استفتى عليه الشعب.
وتنص المادة 57 من دستور 2014 على " للحياة الخاصة حرمة وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والالكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا يجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة وفي الأحوال التي بينها القانون ".
كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك."
وقال عبدالفتاح لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن التوجه الأمني بمراقبة شبكات التواصل الاجتماعي يمثل انتهاكا واخلالا بما نص عليه الدستور المصري من حرية التعبير والرأي، كما أنه يقيد الحق في المعرفة.
وأعرب عن اعتقاده بأن التوجه الأمني لن يقلل من مشاركة وتفاعل المواطنين، بل على العكس اعتقد أن تفاعل النشطاء والمتعاملين مع شبكات التواصل الاجتماعي سيزداد بزيادة الغضب منه.
ويرى مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط اللواء مجاهد الزيات، أن الهدف الأساسي من نظام "رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي"، هو الكشف عن خطط الجماعات الجهادية والارهابية التي اتخذت من المواقع الالكترونية قناة لتبادل الخطط ومعلومات تصنيع القنابل والمتفجرات والهجوم على المقرات الأمنية.
من جانبه، قلل محمد فؤاد المتحدث باسم حركة شباب 6 أبريل الجبهة الديمقراطية والناشط السياسي، من أهمية هذا الطرح، متسائلا، "هل من المنطقي القول إن شخصا يعد لعملية ارهابية سيكتب تفاصيلها على الصفحات الرسمية للفيس بوك، كما تقول وزارة الداخلية إنها ستراقب الصفحات العامة ولن تراقب الرسائل؟".
وأكد الزيات لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الأمن القومي حاليا يتطلب خطوات أكثر صرامة وجدية لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي المستخدمة من قبل الارهابيين لهدم المجتمع خاصة بعد تزايد عدد المتعاملين مع شبكات التواصل الاجتماعي بشكل هائل بعد 25 يناير 2011.
فيما يؤكد مجدي عبدالفتاح مدير مؤسسة البيت العربي لحقوق الانسان، أن استخدام مصطلح "الأمن القومي" باعتباره تعبير فضفاض في التغطية على كل ما يرتكب من مخالفات وانتهاكات واستغلاله في غير محله يتطلب ضرورة تحديد هذا المفهوم بدقة وكيفية التعامل معه، وعدم استغلاله في تقييد الحريات وتكميم الأفواه.
وشدد الناشط السياسي محمد فؤاد لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن وزارة الداخلية كانت تعتقد أن الموضوع سيتم تمريره سرا، ولكن بعد اكتشافه وتسريبه تحاول تبريره بمبررات واهية لا يقبلها عقل ولا منطق.
وأضاف فؤاد إن "هناك ردة كبيرة في مجال الحقوق والحريات، ونحن مقبلون على واقع اسوأ مما كنا عليه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك"، لافتا إلى أن هناك شبابا وناشطين تم توقيفهم لمجرد ممارستهم حقهم في التعبير عن آرائهم.
ويتفق الناشط السياسي محمد أبو ستيت مع فؤاد، قائلا " عدنا لما قبل 25 يناير، والدولة القمعية عادت مجددا، ومكتسبات الثورة ضاعت بالفعل"، مشددا على أن التوجه الجديد لوزارة الداخلية سيؤثر على سير العملية الديموقراطية في مصر، ويسعى لإعادة البلاد لما قبل 25 يناير.
وأكد أبو ستيت أحد القيادات السابقة بحركة "تمرد" لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن مجموعات من الشباب والمجتمع المدني ستتوجه غدا (الأربعاء) لتحريك قضية ضد رئيس الوزراء ووزير الداخلية أمام محكمة الأمور المستعجلة لإلغاء هذه الخطوة.
يشار إلى أن وزير الداخلية المصري اللواء محمد ابراهيم كان قد أكد في تصريحات صحفية له أمس الاثنين أن النظام الجديد الذي تقوم الوزارة باستحداثه حاليا ليس له أية علاقة بتقييد الحريات أو تكميم الأفواه كما تردد، ولكنه في إطار تطوير منظومة العمل الأمني بالوزارة من الجانب التقني.
وأوضح إبراهيم أن النظام الجديد يهدف إلى رصد المخاطر الأمنية من خلال تتبع المشكلات الأمنية المستحدثة التي تنتشر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في مجال الإرهاب وشيوع كيفية تصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة والحصول على المواد التي تدخل فى تصنيعها، وكذلك الدوائر الكهربائية وأساليب التفجير عن بعد وتنفيذ جرائم الاغتيالات.
وأضاف أن النظام الجديد سيقوم في جوهره على عمليات الرصد والتحليل وإجراء مسح دوري واستطلاع للرأي للتعرف على قدر تأثر الشباب بالأفكار الهدامة التي تتناولها وتتداولها شبكات التواصل الاجتماعي.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn